قالت صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، إن الجولة التي من المتوقع أن يقوم بها وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، هذا الأسبوع في مصنع نبيذ إسرائيلي بُني على أراض فلسطينية، ستمثّل عملاً شديد الاستفزاز، إذ إنها أول زيارة رسمية لوزير خارجية أمريكي إلى مستوطنة واقعة في الضفة الغربية المحتلة.
وعلى الرغم من أن واشنطن لم تؤكد الزيارة بعد، فإنه إذا جرى المضي قدماً في الأمر بالفعل، فستكون هذه الزيارة بمثابة هدية وداعٍ للحكومة اليمينية الإسرائيلية وحركة المستوطنين، حيث تسعى إدارة ترامب في أسابيعها الأخيرة لفرض رؤية للشرق الأوسط لا تخفي انحيازها الشديد إلى اليمين المتطرف لإسرائيل.
حيث حث أعضاء مجلس شيوخ جمهوريون الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب، الأربعاء، على إصدار أمر تنفيذي يسمح للبضائع المنتجة في المستوطنات الإسرائيلية المقامة على أراضي الضفة الغربية بأن تحمل لاصق "صُنع في إسرائيل"، في إجراء يخالف معظم الإجراءات المعتمدة دولياً التي تعتبر الضفة الغربية بكل ما فيها أراضي محتلة.
مستوطنة تدر خمرا: المستوطنة محل الجدل هي مستوطنة "بساغوت"، وقد بُنيت على قمة تل بجوار مدينة البيرة الفلسطينية، حيث يدار هناك مصنع نبيذ ينتج نحو 600 ألف زجاجة نبيذ سنوياً، كما تنظم جولات لكبار الشخصيات مع أطباق الجبن، بحسب الصحيفة.
في العام الماضي، أنتج المصنع الواقع في المستوطنة نبيذاً أحمر سُمي على اسم وزير الخارجية الأمريكي "بومبيو" باعتبارها بادرة "تعبير عن الامتنان والتقدير" لإعلان بومبيو أن الولايات المتحدة ستخرج عن الإجماع الدولي، ولن تعتبر المستوطنات بعد ذلك غير قانونية.
من جهة أخرى، لطالما حاول المستوطنون والحكومة الإسرائيلية الترويجَ للسياحة في الأراضي المحتلة لتعزيز مطالبتهم بالأرض، ولا يقتصر ذلك على جولات النبيذ، بل أيضاً من خلال إنشاء "حدائق وطنية" حيث يمكن للناس الذهاب في جولات تنزه لمسافات طويلة تحت إشراف المستوطنين ورعايتهم.
احتجاج فلسطيني: وفي حين يقول الموقع الخاص بمصنع الخمور على شبكة الإنترنت إنه يطل على "مشاهد الطبيعة البدائية لإسرائيل"، فإنه على الحقيقة يقع في قلب الأراضي الفلسطينية وعلى بعد أمتار قليلة من العائلات الفلسطينية التي تقول إنها جُردت من ممتلكاتها ونُزعت منها هذه الأرض.
نتيجةً لذلك، ومع وصول بومبيو إلى إسرائيل يوم الأربعاء 18 نوفمبر/تشرين الثاني، في زيارته التي من المقرر أن تستغرق ثلاثة أيام، تجمّع ممثلون عن تلك العائلات للاحتجاج على جولته المزمعة إلى التل الواقع في البيرة مقابل المستوطنة.
أحد هؤلاء المحتجين هو منيف طريش، عضو بلدية البيرة، الذي قال إن نحو 50 فلسطينياً ينحدرون من خمس عائلات فلسطينية كبرى لديهم ملكيات تلك الأرض التي يُطلق عليها "جبل الطويل"، وأكّد طريش "كل ذلك الموقع أراض خاصة. ولدينا كل الوثائق التي تثبت ذلك، وكل صكوك الملكية".
تقول تمام قُرعان، وهي معلمة بمدرسة ثانوية تبلغ من العمر 25 عاماً وتحمل الجنسية الأمريكية، إن جدتها كانت تجمع العنب من الكروم التي استولى عليها الآن مصنع النبيذ.
وتسترجع ذكرياتها قائلة: "لقد نشأت في جوارٍ يقع على بعد خمس دقائق سيراً على الأقدام من حيث نقف الآن، والآن أستيقظ كل صباح لأجد المستوطنة أمامي".
وبصفتها من سكان الضفة الغربية، أشارت قرعان إلى أنها ستُعتقل إذا حاولت العبور إلى ما تعتبره إسرائيل أراضيها، دون تصريح، ومن ثم فهي تتساءل مستنكرة "مع ذلك، هل يمكن لوزير الخارجية الأمريكي زيارة مستوطنة غير قانونية دولياً وألا يكون لذلك أي عواقب؟"
سياسيات ترامب: على الجانب الآخر، كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتودد إلى الناخبين المؤيدين لإسرائيل من اليمين المسيحي الإنجيلي الذي ينتمي إليه بومبيو أيضاً، فقد دفع بسلسلة من السياسات التي لطالما تجنبها الرؤساء الأمريكيون السابقون، لأنهم اعتبروها سياسات أحادية الجانب على نحو صريح.
لم يكتفِ ترامب بذلك، بل قطع مئات الملايين من الدولارات من المساعدات الإنسانية التي كانت توجه للفلسطينيين، وأعلن مدينة القدس عاصمة موحدة لإسرائيل، وأغلق المكاتب الدبلوماسية الفلسطينية في واشنطن، علاوة على اختلاقه "خطة سلام" مفصلة لمنح حكومة إسرائيل الغالبية العظمى من رغباتها ومطالبها.
إضافةً إلى ذلك، يُتوقع أن يزور بومبيو، الذي يُرجح أنه قد يسعى للترشح للرئاسة الأمريكية خلال أربع سنوات، مرتفعات الجولان، ومنطقة احتلتها إسرائيل من سوريا وتطالب بالسيادة عليها، وهي الخطوة التي أقرَّها لهم بومبيو العام الماضي.
كانت إسرائيل قد استولت على الضفة الغربية والقدس الشرقية من القوات الأردنية في حرب عام 1967، وهي مستمرة في احتلال المنطقة من حينها. والآن، يعيش هناك ما يقرب من 700 ألف مستوطن إسرائيلي، بين أكثر من 2.5 مليون فلسطيني.