وقّعت 15 دولة من منطقة آسيا والمحيط الهادي، بقيادة الصين، الأحد 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، أكبر اتفاق للتجارة الحرة على مستوى العالم، في خطوة ضخمة لبكين باتّجاه تعزيز نفوذها السياسي والاقتصادي على حساب غريمتها أمريكا، التي تراجعت خطوة للوراء، بعد أن كانت تجهز لخطوة مماثلة في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.
بحسب وكالة الأنباء الفرنسية، فإن هذا الاتفاق الذي وقع تحت اسم "الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة"، بمشاركة عشر دول في جنوب شرق آسيا إلى جانب الصين واليابان وكوريا الجنوبية ونيوزيلندا وأستراليا، يعد أضخم اتفاق تجارة في العالم، إذ تُسهم الدول المنضوية فيه بنحو 30% من إجمالي الناتج الداخلي العالمي.
رئيس الوزراء الصيني "لي كه تشيانغ"، قال بعد مراسم التوقيع التي تمت بشكل افتراضي بسبب انتشار وباء كورونا: "في ظل الظروف العالمية الحالية يوفر التوقيع على اتفاق الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة بصيصَ نور وأمل".
كما أضاف "يظهر بوضوح أن التعددية هي الطريق الأمثل، وتمثل الاتجاه الصحيح لتقدم الاقتصاد العالمي والبشرية".
من جانبه، قال وزير التجارة الماليزي محمد عزمين علي، على هامش انطلاق القمة: "بعد ثماني سنوات من المفاوضات والدماء والبكاء وصلنا أخيراً إلى لحظة إبرام اتفاقية الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة".
8 سنوات من المفاوضات: بحسب الشبكة الفرنسية، فإن هذا الاتفاق تعود فكرته إلى 2012، حيث مرّ بسنوات طويلة من المباحثات والنقاش بين الدول الأعضاء، وذلك بعد أن قدّمته بكين كمقترح اعتبره مراقبون رداً على مبادرة أمريكية تم التخلي عنها، حينما سعى الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما لتوقيع اتفاقية شراكة تجارية عبر المحيط الهادي، تضم في عضويتها 12 دولة آسيوية، من بينها اليابان وأستراليا وكندا، فيما استبعد الصين.
ومن شأن الاتفاق أن يخفض التكاليف ويسهّل الأمور على الشركات، عبر السماح لها بتصدير المنتجات إلى أي بلد ضمن التكتل، دون الحاجة للإيفاء بالمتطلبات المنفصلة لكل دولة.
كما أنه يتطرّق إلى الملكية الفكرية، لكنه لا يشمل حماية البيئة وحقوق العمال.
انسحاب هندي: الاتفاق الضخم كان يضم كذلك الهند، التي انسحبت من الاتفاق العام الماضي، جرّاء قلقها حيال المنتجات الصينية زهيدة الثمن، التي سيفسح المجال لدخولها إلى البلاد، لكن لا يزال بإمكانها الانضمام إلى الاتفاق في موعد لاحق إذا اختارت ذلك.
من جانبه، قال خبير التجارة لدى كلية الأعمال التابعة لجامعة سنغافورة الوطنية، ألكساندر كابري، إن الاتفاق "يرسّخ طموحات الصين الجيوسياسية الإقليمية الأوسع حيال مبادرة حزام وطريق"، في إشارة إلى مشروع بكين الاستثماري الهادف إلى توسيع نفوذ الصين عالمياً.
وقالت ديبورا إيلمز، المديرة التنفيذية للمركز التجاري الآسيوي، وهو معهد استشارات مقره سنغافورة، "ذكّر كوفيد المنطقة بالسبب الذي يجعل من التجارة أمراً مهماً، فيما الحكومات متحمّسة أكثر من أي وقت مضى لتحقيق نمو اقتصادي إيجابي".
يشار إلى أن العديد من الدول الموقّعة على الاتفاق تواجه تفشياً واسعاً لفيروس كورونا المستجد، وتأمل في أن يُسهم اتفاق الشراكة الاقتصادية الإقليمية الشاملة في التخفيف من وطأة الكلفة الاقتصادية الكبيرة للوباء.