في تأكيد جديد على تحول السياسة السعودية تجاه إسرائيل، كشف مسؤول دبلوماسي أمريكي عن استعداد الرياض للانفتاح على تل أبيب، في إطار "حملة التطبيع" مع إسرائيل التي بدأتها الإمارات والبحرين قبل أن تلتحق بهما السودان.
إذ قال السفير الأمريكي للحريات الدينية، سام براونباك، في مقابلة مع قناة الجزيرة، إن المسؤولين السعوديين أعربوا له في اجتماعات خاصة عن رغبتهم في الانفتاح على إسرائيل، وذلك بعد تطبيع كل من الإمارات والبحرين مع الاحتلال الإسرائيلي.
كما أعرب السفير الأمريكي عن أمله في أن تتحول تلك الحوارات إلى أفعال.
استعداد الرياض للتطبيع: فقد أوضحت المملكة العربية السعودية، موقفها الرسمي بشأن أطول صراع مستمر في المنطقة: لا يمكن أن تكون علاقات كاملة بين المملكة وإسرائيل إلا بعد التوصل إلى سلام مع الفلسطينيين.
مع ذلك، تشير وسائل الإعلام ورجال الدين السعوديين المدعومين من الدولة إلى تغيُّر جارٍ بالفعل مع إسرائيل، وهو الشيء الذي لا يمكن حدوثه إلا بتوجيهات وريث العرش القوي في البلاد، ولي العهد محمد بن سلمان، بحسب تقرير لوكالة Bloomberg الأمريكية.
تعكس الرسائل المتضاربة بشأن إمكانية إقامة علاقات سعودية مع إسرائيل ما يقول المحللون والمُطَّلِعون إنَّه اختلاف بين الكيفية التي ينظر بها الأمير صاحب الـ35 عاماً ووالده صاحب الـ84 عاماً، الملك سلمان، للمصالح الوطنية.
كما قال الحاخام مارك شناير، وهو مستشار لملك البحرين وأقام مباحثات في السعودية وبلدان خليجية أخرى للترويج لعلاقات أقوى مع اليهود وإسرائيل: "ليس سراً أنَّه صراع أجيال".
إذ تتطلَّع العواصم الخليجية على نحوٍ متزايد إلى إسرائيل باعتبارها حليفاً للدفاع في مواجهة الخصم المشترك إيران، وسط مخاوف صامتة بشأن توجه السياسة الخارجية الأمريكية وحالة عدم اليقين التي تحيط بالانتخابات الرئاسية المقبلة. لكنَّ التصدي لإيران ليس هو العامل الوحيد الذي قرَّب بين الدول العربية وإسرائيل في السنوات الأخيرة.
فقال الحاخام إنَّ السفير السعودي السابق لدى الولايات المتحدة، الأمير خالد بن سلمان، أخبره أنَّ الأولوية الأولى لشقيقه، ولي العهد، هي إصلاح الاقتصاد السعودي، وأضاف: "قال لي بالضبط: (لن نتمكَّن من النجاح بدون إسرائيل). لذا فبالنسبة للسعوديين، الأمر ليس مسألة (ما إن كانوا سيقيمون علاقات أم لا)، بل مسألة (متى). ولا شك أنَّهم سيقيمون علاقات مع إسرائيل".
ترامب يلمح لتطبيع سعودي: كان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد ألمح، في إعلانه عن تحرك البحرين للتطبيع يوم الجمعة 11 سبتمبر/أيلول الماضي، إلى أنَّ الرياض لن تتخلف بعيداً عن الركب. وكانت المملكة العربية السعودية، التي تقول إنها تتعرض لتهديد متزايد من إيران، قد تقاربت سراً مع إسرائيل في السنوات الأخيرة.
إذ قال ترامب، في تصريحات مقتضبة للمكتب البيضاوي، بعد أن نشر البيان المشترك على تويتر: "نعتقد أنَّ معظم الدول ستنضم (للتطبيع) في النهاية، وسيكون الفلسطينيون في وضع جيد للغاية.. سيرغبون في الانضمام (لهذه التحركات) لأنَّ جميع أصدقائهم موجودون"، في إشارة إلى الدول العربية الأخرى.
لكن من جانبها، قالت باربرا ليف، الدبلوماسية التي عملت سفيرة لدى دولة الإمارات من 2014 إلى 2018، إنَّ فرص سير السعوديين على خطى الإمارات والاعتراف بإسرائيل على المدى القريب "ضئيلة، إن لم تكن معدومة". وأوضحت أنَّ السبب في ذلك هو أنَّ العاهل السعودي الملك سلمان هو من ترأس جهود مبادرة السلام العربية، التي تعهدت "بعلاقات دبلوماسية وطبيعية كاملة" بين الحكومات العربية وإسرائيل مقابل "اتفاق سلام شامل" مع الفلسطينيين، وهو ما لم يتحقق بعد.