قالت صحيفة Middle East Eye البريطانية، الخميس 12 نوفمبر/تشرين الثاني 2020، نقلاً عن مصادر من حركة فتح ومصادر يسارية مقربة من السلطة الفلسطينية، إن محمود عباس يفضّل حالياً تأجيل خطى المصالحة مع حماس، وانتظار تجلّي نهج بايدن إزاء القضية الفلسطينية، كما أنه لن يصدر قريباً مرسوماً رئاسياً لازماً لعقد انتخابات فلسطينية، حسبما قال رئيس السلطة الفلسطينية لمقربين، بالتزامن مع فوز جو بايدن الذي يُغيّر المعادلة السياسية لحركة فتح.
يأتي ذلك بعد أن بدأت حركة فتح التي يتزعمها عباس وتهيمن على السلطة الفلسطينية، تحت ضغط إدارة ترامب الداعمة لإسرائيل، إجراء محادثات ترمي إلى المصالحة مع حركة حماس المُنافسة، ووعدت بإجراء أول انتخابات في الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة المحاصر منذ عام 2006.
تفاؤل يتضاءل
كانت العلاقات بين فتح وحماس في الحضيض منذ أن أججت الانتخابات اشتباكات في قطاع غزة، ودفعت حركة حماس إلى السيطرة على القطاع الساحلي.
مع ذلك، ساد جو من التفاؤل في أعقاب الاجتماع الذي انعقد بين أمناء الفصائل الفلسطينية، ببيروت، يوم الثالث من سبتمبر/أيلول، بعد محادثات ثنائية بين فتح وحماس خلال الشهر نفسه في إسطنبول. وأثنت خطابات كلا الطرفين بفتور على بوادر المصالحة.
ويعتقد قادة حركة حماس ومراقبوها أن إقبال عباس وفتح على المصالحة كان "خطوة تكتيكية"، وليس نابعاً من "قناعات راسخة". إذ اتخذتها الحركة كردٍّ غاضب على سياسات ترامب، وموجة صفقات تطبيع البلدان العربية مع إسرائيل.
بينما نفت فتح، من جانبها، أية صلة بين عرقلة المصالحة وفوز بايدن بالرئاسة الأمريكية.
وتُحمّل "فتح" حركة "حماس" المسؤولية، وتطالب بموافقة رسمية على "مخرجات لقاء إسطنبول" التي توصل الطرفان إليها في تركيا، وتنطوي على إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية وانتخابات للمجلس الوطني لمنظمة التحرير الفلسطينية على التوالي.
عكس ما تصرح به حماس بشأن التزامها بمخرجات لقاء إسطنبول، يقول عضو المجلس الثوري في حركة فتح عبدالله عبدالله، إن "حماس قد تراجعت عن مخرجات التفاهمات وأضافت متطلبات أخرى، أبرزها رفض الانتخابات المتتالية، والالتزام بالتزامن، إضافة إلى عودتها إلى مطالبها القديمة المتمثلة في حصة تبلغ 30 إلى 35% من مقاعد المجلس الوطني، رغم أنها لم تعلن ذلك صراحة".
بايدن "عقبة جديدة"
قال يوسف رزقة، زعيم حماس والوزير السابق، في حديث لموقع Middle East Eye، إن حماس لم تتقدم بمثل هذه المطالبات للمجلس الوطني.
لكنه تساءل: "ما العائق أمام تساوي الحركتين، وألا تمس إحداهما بالأخرى؟".
في ضوء التغيرات المرتبطة بفوز بايدن، يستبعد رزقة إمكانية إجراء محادثات ذات مغزى حول المصالحة "قبل عام على الأقل من الآن".
كما أردف: "لن يصدر عباس المرسوم الانتخابي، وتوجُّهه الذي تجلى مؤخراً بشأن حماس كان خطوة تكتيكية إثر الضغوط السياسية والمالية إبان حكم ترامب. وكان هدفه البعث برسائل إلى جهات غير فلسطينية، ولم يكن نابعاً من قناعته بالمصالحة أو الوحدة الوطنية. عباس لا يريد الذهاب إلى البيت الأبيض مُثقلاً بحركة حماس التي تصنفها أمريكا وأوروبا كمنظمة إرهابية".
حسب رزقة، يدرك عباس أن متطلبات إعادة العلاقات الإيجابية مع واشنطن والتخلص من الضرر الناجم عن سياسة ترامب، تتمثل في "تعليق المصالحة مع حماس"، أو على الأقل إهمالها.
بينما يقول الكاتب المتخصص في الشؤون الأمريكية وجيه أبو طريفة، إن "الرهان على بايدن سيكون خطأً فادحاً"، إذ يعتقد أن الإدارة الجديدة لن تحيد عن السياسة الأمريكية التقليدية، رغم أنها ستكون أفضل من ترامب، الذي أطاح بمبدأ حل الدولتين وقطع التمويل عن وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينين (الأونروا).
وأضاف: "إدارة بايدن قد تمارس ضغوطاً لمنع حماس من المشاركة في النظام السياسي الفلسطيني".
عموماً، ينظر المحلل السياسي في غزة، هاني حبيب، إلى فوز بايدن بوصفه "عقبة جديدة" في طريق المصالحة، رغم قناعته بغياب فرصة استعادة الوحدة الوطنية في المقام الأول.