كشف صندوق النقد الدولي عن أن عودة دول الشرق الأوسط وآسيا الوسطى إلى مستويات النمو الاقتصادي التي كانت تشهدها قبل أزمة فيروس كورونا قد تستغرق عشر سنوات، إذ تضغط نقاط ضعف قائمة بالمنطقة منذ مدة طويلة على تعافيها.
فيما قال الصندوق الإثنين 19 أكتوبر/تشرين الأول 2020 في توقعاته للمنطقة، التي تشمل نحو 30 دولة تمتد من موريتانيا إلى كازاخستان، إنه من المرجح أن يتأثر النمو بفعل الافتقار إلى تنوع لمصادر لدى الدول المصدرة للنفط واعتماد الدول المستوردة للخام على قطاعات مثل السياحة وأيضاً اعتمادهم على التحويلات من الخارج.
دول متضررة من كورونا: والدول المصدرة للنفط هي الأكثر تضرراً، فقد تراجعت أسعار النفط نحو 40% عن مستويات ما قبل الأزمة مما أدى لانخفاض حاد في مصدر إيراداتها الرئيسي وقلب مسار النجاح المحدود الذي حققته في تنويع اقتصاداتها.
فيما قال صندوق النقد "تمثل أزمة كوفيد-19 أسرع صدمة اقتصادية تأثيراً في التاريخ الحديث". وأضاف أن "الجرح" الاقتصادي، والذي يشمل خسائر طويلة الأجل للنمو والدخل والتوظيف، سيكون على الأرجح أكثر عمقاً وأطول أجلاً من ذلك الذي تبع الأزمة المالية العالمية في عامي 2008 و2009.
الصندوق قال إن التقديرات تشير إلى أنه بعد خمس سنوات من الآن، قد يقل مستوى الناتج المحلي الإجمالي بدول المنطقة 12% عما انطوت عليه اتجاهات ما قبل الأزمة، وقد تستغرق العودة إلى مستوى الاتجاه ذلك أكثر من عقد.
انكماش اقتصاد المنطقة: ويتوقع صندوق النقد الدولي، الذي مقره واشنطن، انكماش اقتصادات المنطقة 4.1% هذا العام، وهو انكماش أكبر 1.3 نقطة مئوية عن توقعه في إبريل/نيسان.
من جانبه قال جهاد أزعور مدير إدارة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى في صندوق النقد الدولي لرويترز إنه لإدارة الأزمة وأولوية إنقاذ الأرواح تأثير على النشاط الاقتصادي الذي فاقمته صدمة أسعار النفط، لكن يمكن القول إنه بالحديث من الناحية النسبية فإن المحصلة في 2020 مقبولة على حد قوله لكنه أضاف أن "الأزمة فاقمت مواطن الضعف".
في سياق متصل فقد حد التراجع من قدرة المنطقة على تقديم الدعم المالي خلال الأزمة، وبلغت حزم الدعم المالية نحو 2% من الناتج المحلي الإجمالي، أقل من متوسط 3% في الأسواق الناشئة والدول النامية.
كذلك قال صندوق النقد الدولي إن "متوسط حجم الدعم المالي في المنطقة هو الأصغر بين المجموعات الإقليمية، مما يسلط الضوء على المعوقات المالية القائمة وتلك الناجمة عن الأزمة".
مستقبل العمالة المهاجرة: وسلطت الأزمة أيضاً الضوء على اعتماد المنطقة على العمالة المهاجرة، خاصة في الخليج، إذ غادر مئات الآلاف من العاملين بعد أن خسروا وظائفهم.
حيث قال الصندوق إن الضرر على التوظيف قد يكون أسوأ بكثير عنه بعد الأزمة المالية العالمية. وأضاف أن عدم المساواة ستتسع على الأرجح لأن الوظائف غير الرسمية هي الأكثر تضرراً ومازالت شبكات الأمان الاجتماعي ضعيفة.
في المقابل ستشهد الدول المعتمدة على تحويلات العاملين من الخليج أيضاً تراجعاً كبيراً في التدفقات النقدية.
حيث قال صندوق النقد الدولي إنه في المتوسط، سيستغرق تعافي التحويلات إلى موردي النفط في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وأفغانستان وباكستان أكثر من أربع سنوات للوصول إلى مستويات ما قبل الأزمة، وهو ما يعادل مثلي مدة التعافي بعد الأزمة المالية وأيضاً صدمة النفط في عامي 2014 و2015.