كشف موقع Middle East Eye البريطاني، الجمعة 16 أكتوبر/تشرين الأول 2020، عن قيام إسرائيل بالتوقف عن منح أي تأشيرات للموظفين في مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، ما أجبر كبار موظفي المفوضية على المغادرة بشكل فعلي، وذلك بسبب تقرير سابق لها تكشف فيه عن وجود عدد من الشركات الإسرائيلية في المستوطنات.
وفق تقرير للصحيفة، الجمعة، فإن إسرائيل أعلنت في فبراير/شباط 2020، أنها ستُعلق العلاقات مع مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، بعد أن سلَّط تقرير للمفوضية الضوءَ على أكثر من 100 شركة تعمل في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، كما أنها لم تردّ منذ يونيو/حزيران 2020، على جميع طلبات الحصول على تأشيرات جديدة، مع إعادة جوازات السفر المرسلة للتجديد دون تجديدها.
أغلبهم غادروا: إذ أكدت المفوضية السامية لحقوق الإنسان أن تسعة من موظفيها الأجانب البالغ عددهم 12 غادروا الآن إسرائيل والأراضي الفلسطينية، خوفاً من وجودهم دون وثائق هناك، ومن بين هؤلاء المدير القطري للمفوضية جيمس هينان.
أما الثلاثة الآخرون فلديهم تأشيرات من المقرر أن تنتهي في الأشهر المقبلة، ولم يتمكن ثلاثة من الموظفين كان من المقرر أن يسافروا إلى إسرائيل لبدء عملهم من السفر.
رغم ذلك، يواصل الموظفون الإسرائيليون والفلسطينيون العمل، ولم تغلق المفوضية مكاتبها.
في هذا السياق، يقول روبرت كولفيل، المتحدث باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان، لموقع Middle East Eye: "إن غياب الموظفين الدوليين من الأراضي المحتلة هو وضع غير نظامي للغاية، وسيؤثر سلباً على قدرتنا على تنفيذ تفويضنا، ما زلنا نأمل في حل هذا الوضع قريباً، ونحن منخرطون بنشاطٍ مع مختلف الأطراف المعنية لتحقيق هذه الغاية".
يذكر أن إسرائيل تسيطر على كافة سبل الوصول إلى الأراضي الفلسطينية، وقد واجهت البلاد ادعاءات متعددة بقمع وصول العاملين في مجال حقوق الإنسان في السنوات الأخيرة.
في العام الماضي، طردت إسرائيل المدير القطري لمنظمة هيومن رايتس ووتش عمر شاكر، بعد اتهامه بدعم دعوات للمقاطعة، وهو ما نفاه. وفي العام الماضي أيضاً، رفضت الحكومة الإسرائيلية تجديد التفويض لقوة دولية ترصد الانتهاكات في مدينة الخليل بالضفة الغربية المحتلة.
فيما قال شاكر إن "إجبار مراقبي حقوق الإنسان التابعين للأمم المتحدة على الانسحاب يُمثّل محاولة أخرى من قِبل الحكومة الإسرائيلية للحدّ من توثيق قمعها المنهجي للفلسطينيين".
كما أضاف: "أصبح رفض منح التأشيرات من أجل معاقبة المنتقدين أداةً مركزيةً في هجوم إسرائيل المستمر على حركة حقوق الإنسان".
"مسيرة النصر": تجدر الإشارة إلى أن مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان ينشر تقارير منتظمة تسلط الضوء على الانتهاكات الإسرائيلية المزعومة لحقوق الإنسان في القدس الشرقية المحتلة والضفة الغربية وقطاع غزة المحاصر.
في فبراير/شباط 2020، نشر المكتب قائمة تضم 112 شركة تعمل في المستوطنات الإسرائيلية، وهي أمور غير قانونية بموجب القانون الدولي. رحب الفلسطينيون بالتقرير، الذي سلط الضوء على شركات Tripadvisor وAirbnb، وشركة صناعة الشاحنات والحفارات JCB، من بين آخرين، لكنه أثار غضب إسرائيل.
رداً على ذلك، قام وزير الخارجية الإسرائيلي آنذاك يسرائيل كاتس بتعليق العلاقات مع المنظمة، ووصف ذلك بأنه "إجراء استثنائي وقاسٍ"، ولم يكن واضحاً في ذلك الوقت الآثار العملية المترتبة على ذلك.
اتهامات إسرائيل: في الجهة المقابلة، قالت آن هرتسبرغ، المستشارة القانونية لمنظمة NGO Monitor الموالية لإسرائيل، في بيان يوم الخميس 15 أكتوبر/تشرين الأول 2020: "هذا التطور ليس مفاجئاً بالنظر إلى تبنّي المفوضية السامية لحقوق الإنسان للجهود الرامية إلى الإضرار بالاقتصاد الإسرائيلي. وتشير هذه الإجراءات إلى استعداد المفوضية السامية لحقوق الإنسان لأن تكون طرفاً في النزاع بدلاً من الامتثال لالتزاماتها الإنسانية المتمثلة في الحياد وعدم التسييس".
من المفترض أن يتمتع موظفو الأمم المتحدة في جميع أنحاء العالم بإمكانية الوصول التلقائي إلى التأشيرات للقيام بعملهم.
بدعم قوي من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حققت إسرائيل سلسلة من النجاحات الدبلوماسية العالمية في السنوات الأخيرة، بما في ذلك اتفاقيات التطبيع الأخيرة مع الإمارات العربية المتحدة والبحرين.
من جانبه، قال مارتن كونيكني، مدير المركز البحثي European Middle East Project، إن تقييد مكتب المفوضية السامية لحقوق الإنسان كان جزءاً من اتجاه أوسع.
تل أبيب تلتزم الصمت: أضاف: "بدعم من الولايات المتحدة حققت إسرائيل انتصاراً تلو الآخر على الساحة الدولية، مثل اتفاقيتي السلام مع الإمارات والبحرين. لذلك فإن التدقيق في حقوق الإنسان يمثل نوعاً من الإزعاج الذي يقف في طريق مسيرة النصر هذه لإسرائيل".
كما استطرد قائلاً: "أعتقد أن إسرائيل تشعر بالجرأة، على الأقل من خلال دعم إدارة ترامب، للعمل ضد المنظمات ذات الصلاحيات الحقوقية".
وقال إنه بينما انتقدت الحكومات الأوروبية السياسات الإسرائيلية بشأن هذا، لم يكن هناك سوى القليل من الإجراءات لإجبار إسرائيل على تغيير مسارها.
وقال متحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية إنه ليس هناك شيء يمكن إضافته إلى تصريحات تعليق العلاقات، الصادرة في فبراير/شباط 2020.