كشف خبراء طبيون عن وجود جسيماتٍ ضئيلة من تلوُّث الهواء في جذع المخ لدى شبابٍ صغار، وهي الجسيمات المرتبطةُ ارتباطاً وثيقاً بالتلف الجزيئي المرتبط بمرضَي ألزهايمر وباركنسون، وهو الأمر الذي ستكون له آثار عالمية خاصةً أن 90% من سكَّان العالم يعيشون في هواءٍ غير آمن.
وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 7 أكتوبر/تشرين الأول 2020، فإن هؤلاء الخبراء يتوخون الحذر بشأن النتائج، وقالوا إنه في حين أن الجسيمات النانوية تُعَدُّ سبباً مُحتَمَلاً للضرر، فإن من غير الواضح ما إذا كان ذلك يؤدِّي إلى المرض في وقتٍ لاحق من الحياة.
جزئيات ملوثة: هناك بالفعل دليلٌ إحصائي على أن التعرُّض العالي لتلوُّث الهواء يزيد من معدلات الأمراض التنكُّسية العصبية، لكن أهمية الدراسة الجديدة تكمن في أنها تُظهِر آليةً فيزيائيةً يحدث الضرر بواسطتها.
ووَجَدَ الباحثون جزيئاتٍ نانوية مُلوِّثة بقدرٍ كبير في جذع المخ لدى 186 شاباً يافعاً من ميكسيكو سيتي، ماتوا فجأةً في أعمارٍ تتراوح بين 11 و27 عاماً.
من المُحتَمَل أن تكون الجسيمات قد وصلت إلى المخ بعد استنشاقها ووصولها إلى مجرى الدم، أو عن طريق الأنف أو الأمعاء.
"إنه أمر مرعب!": ارتبطت الجسيمات النانوية ارتباطاً وثيقاً بالبروتينات غير الطبيعية التي تُعَدُّ من السمات المُمَيِّزة لمرض ألزهايمر وباركنسون ومرض الخلايا العصبية الحركية.
إذ قال الباحثون إن البروتينات الشاذة لم تُشهَد في أدمغة الأشخاص المتطابقين في العمر من مناطق أقل تلوُّثاً.
في هذا السياق، قالت الأستاذة باربرا ماهر، من جامعة لانسكر بالمملكة المتحدة، وهي مُشارِكةٌ في فريق البحث: "إنه أمرٌ مُرعِب، لأنه حتى عند الرُضَّع هناك أمراضٌ عصبيةٌ في جذع المخ".
كما أضافت: "لا يمكننا إثبات السببية حتى الآن، لكن كيف تتوقَّع أن هذه الجسيمات النانوية التي تحتوي على معادن، تبقى خاملةً وغير ضارة داخل الخلايا المهمة في المخ؟ هذا هو مصدر الخطر، ويبدو كما لو أن تلك الجسيمات النانوية تطلق النار وهو ما يسبِّب الضرر التنكُّسي العصبي المرصود".
ما الأسباب والعوامل؟ تقول باربرا، إن البحث يقدِّم فرضياتٍ يمكن اختبارها الآن. على سبيل المثال، قد يؤثِّر تلف جذع المخ على التحكُّم في الحركة والمشي لدى الشباب، ولابد أن هذا مرتبطٌ بالتعرُّض للتلوُّث إذا كانت الجسيمات النانوية هي السبب.
وأضافت أن أسباب مرض التنكُّس العصبي مُعقَّدة وليست مفهومة بالكامل.
كما تابَعَت: "ستكون هناك بالتأكيد عوامل وراثية، ومن المُحتَمَل جداً أن تكون هناك مواد سامة للأعصاب. لكن الشيء المُمَيَّز بشأن تلوُّث الهواء هو مدى انتشار تعرُّض الناس له. لا أعتقد أن الأنظمة البشرية قد طوَّرَت أيَّ آلياتٍ دفاعية لحماية نفسها من الجسيمات النانوية".
وقالت إنه كان من المهم دراسة الأطفال، لأنهم لم يشهدوا عوامل أخرى مرتبطة بمرض الخرف مثل الإفراط في تناول الكحوليات، وأضافت: "أصبحوا مثل طيور الكناري في منجم فحم".
قادت البحث ليليان كالديرون غارسيدونيا، من جامعة مونتانا الأمريكية، ونُشِرَ بدورية Environmental Research، ووجدت أن الجسيمات النانوية الغنية بالمعادن تتطابق مع الشكل والتركيب الكيميائي لتلك التي تنتجها عوادم السيارات، من خلال الاحتراق واحتكاك المكابح، والتي توجد بكثرة في هواء ميكسيكو سيتي والعديد من المدن الأخرى.