تمكن فيروس كورونا من دونالد ترامب الذي طالما استهان به وقلل من خطورته، فقد أعلن الرئيس الأمريكي، صباح الجمعة 2 أكتوبر/تشرين الأول 2020، عن إصابته هو وزوجته بالفيروس الذي يجتاح العالم، وذلك في وقت يخوض فيه الرئيس معركته المصيرية في الانتخابات الأمريكية متنقلاً من ولاية إلى أخرى، ومشاركاً في حشود يحضرها الآلاف حتى قبل يوم من إعلان إصابته.
يقول خبراء الصحة العامة إنه من غير المعتاد أن تأتي نتيجة اختبار "PCR" إيجابية بعد يوم واحد فقط من تعرضه للعدوى، أي أن ترامب ربما كان يحمل العدوى بالفيروس لفترة أطول من ذلك.
كواليس إصابة ترامب: أعلن الرئيس الأمريكي إصابته بعد ساعات قليلة من إجرائه فحصاً طبياً حول إصابته بالمرض، بعد ثبوت إصابة مساعدته المقربة منه هوب هيكس بفيروس كورونا.
كان ترامب قد أكّد، في وقتٍ سابق، إصابة هوب بالفيروس خلال مقابلةٍ شوف هانيتي من شبكة Fox News الأمريكية، وقال ترامب حينها: "لقد ثبتت إصابتها، لقد خضعت للاختبار للتو، وسنرى ما سيحدث، أنا أقضي الكثير من الوقت مع هوب".
بدأت هوب تظهر عليها الأعراض منذ يوم الأربعاء، إذ شعرت بالإعياء والتعب، بحسب صحيفة The guardian البريطانية، حيث أكدت الصحيفة أن هوب كانت قد سافرت قبل أيام مع الرئيس على نفس الطائرة برفقة ميلانيا ترامب ومستشاره جاريد كوشنر ودان سكافينو كبير مستشاري البيت الأبيض.
هذه المعلومات تعني أن جميع من كانوا على متن الطائرة، وكل من خالطهم الرئيس ومساعدته هوب، خلال الأسبوع الماضي، معرضون لأن يكونوا مصابين بالفيروس.
ترامب مستمر بتحركاته: وما يزيد من خطورة إصابة ترامب هو ما أكدته صحيفة The Guardian البريطانية أن الرئيس الأمريكي ترامب سافر، الأربعاء، بحسب جدوله الطبيعي إلى نيوجيرسي، والتقى مؤيديه في نادي ترامب للغولف في مدينة بدمينستر، وألقى كلمة في حفل استقبال لجمع التبرعات، على الرغم من أن مستشارته هوب هيكس كانت قد بدأت تشعر بأعراض كورونا.
خلال الليلة السابقة من لقاء نيوجيرسي تحدث ترامب كذلك إلى مؤيديه في دولوث بولاية مينيسوتا، أمام حشد ضم آلافاً من الناس، معظمهم لم يكن يرتدي أقنعة للحد من انتشار العدوى.
وصباح الجمعة أصدر البيت الأبيض جدولاً زمنياً جديداً لأنشطة ترامب القادمة، لم يتضمن زيارته المقررة لفلوريدا. ويعقد ترامب لقاءات منتظمة مع الناخبين في جميع أنحاء البلاد لإثارة الحماس لترشحه ضد منافسه الديمقراطي بايدن، الذي يتقدم في استطلاعات الرأي الوطنية.
خطورة الفيروس على ترامب: من شأن فيروس كورونا أن يكون شديد الخطورة على ترامب (74 عاماً)، بحسب وكالة رويترز، وذلك نظراً لسنه الكبيرة، إضافة إلى أنه يعاني من زيادة الوزن. فقد ظل ترامب بصحة جيدة خلال فترة الرئاسة، ولكن ليس من المعروف عنه أنه يمارس الرياضة بانتظام أو يتبع نظاماً غذائياً صحياً.
هذا الأمر كان قد أكدته قبل عدة أشهر صحيفة إندبندنت البريطانية، عندما نشرت مقالاً ذكرت فيه أن فيروس كورونا يشكل تهديداً للرئيس ترامب، لأن عمره يناهز 74 عاماً، ويعاني من زيادة الوزن ولا يمارس سوى القليل من التمارين الرياضية، ويعاني من مشكلة في القلب، ويُعد نظامه الغذائي غير صحي، وفق استنتاجات الطبيب السابق في البيت الأبيض روني جاكسون.
وقال كاتب المقال جون تي بينيت إنه وفقاً لعدد من خبراء الصحة، بما في ذلك بعض كبار خبراء الأمراض المعدية، فإن كل هذه الصفات تعرض ترامب لخطر كبير إذا أصيب بفيروس كورونا.
لكن في الوقت الحال صرح طبيب البيت الأبيض، وفقاً لما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية، بأن حالة الرئيس الأمريكي والسيدة الأولى بخير، كما أفاد بيان صادر عن البيت الأبيض، بأن ترامب سيواصل أداء "واجباته دون انقطاع" أثناء الحجر الصحي.
يُذكر أنه طالما قلل ترامب من شأن الفيروس في بداية الجائحة وتوقع مراراً أن يختفي، وذلك في وقت توفي فيه أكثر من 200 ألف شخص جراء الإصابة بكوفيد-19 في الولايات المتحدة وحدها.
ترامب المستهتر: بيد أنَّ ترامب نادراً ما يقوم بارتداء كمامة لحمايته من "كوفيد-19″، في وقت يقوم بعَقَد عدد من التجمعات الانتخابية المكتظة التي حضرها داعموه من دون ارتداء أقنعة، على الرغم من أن أخصائيي الصحة العامة قالوا إن ارتداء الكمامة أمر بالغ الأهمية لمنع انتشار الفيروس.
وعلى الرغم من أنَّ الكثير من هذه الفعاليات عُقِدَت في مساحات مفتوحة، حيث تقل فرص انتشار الفيروس، لكنه أقام أيضاً فعاليات في أمكان مُغلَقة في أريزونا ونيفادا. فيما ربط مسؤول في الصحة العامة بمدينة تولسا تجمعاً انتخابياً أقامه ترامب بارتفاع في عدد الإصابات بـ"كوفيد-19″.
لم يكتفِ الرئيس بذلك فحسب، بل سخر في أول مناظرة رئاسية تجمعه مع نظيره الديمقراطي جو بايدن من الكمامة، عندما قام ترامب بإخراجها من جيبه، وقال: "أضع الكمامة عندما يستدعي الأمر ذلك. فقط عندما تكون هناك حاجة لذلك أضع الكمامة".
ثم سخر ترامب من بايدن لاستخدامه الكمامة بشكل منتظم قائلاً: "لا أضع الكمامة مثله. في كل مرة تراه فيها يكون بالكمامة. ربما يتكلم على مسافة 200 قدم منهم (الناخبين) ومع ذلك يظهر بأكبر كمامة رأيتها في حياتي على الإطلاق".
لكن في المقابل، يخضع الرئيس باستمرار لفحص الكشف عن الفيروس، وكذلك من يعملون في البيت الأبيض وكل من يلتقي مع ترامب، بما في ذلك أعضاء المكتب الإعلامي في البيت الأبيض.
يُشار إلى أنه في الفترات الأخيرة تصاعد النقد المُوجَّه لطريقة تعامل إدارة البيت الأبيض مع جائحة فيروس كورونا المستجد واستهانة الرئيس بتوصيات المسؤولين الحكوميين، عقب صدور الأنباء عن إصابة هوب هيكس بالفيروس.