كشفت منظمة هيومن رايتس ووتش، المعنية بحقوق الإنسان حول العالم، في تقرير جديد لها، أن الشبكات الاجتماعية مثل الفيسبوك وتويتر ويوتيوب تقوم باستخدام أنظمة الذكاء الاصطناعي من أجل حذف مقاطع الفيديو والصور التي تحمل أهمية جوهرية في المساعدة على إقامة دعاوى قضائية ضد مرتكبي جرائم الحرب، بزعم أن هذه المقاطع غير قانونية.
ففي استقصاء جاء تحت عنوان "الفيديو غير متاح"، قالت المنظمة الحقوقية الدولية إن الشبكات الاجتماعية تحذف هذا الأرشيف، ما يتسبب في خشية الباحثين من ضياع الأدلة الحيوية أو تدميرها خلال تلك العملية، حسبما نقل تقرير نشرته وكالة أنباء Voice of America الأمريكية، الجمعة 18 سبتمبر/أيلول 2020.
فيديوهات جرائم الحرب: ويستشهد التقرير بفيديوهات منشورة على الشبكات الاجتماعية، استعانت بها هيئة التحقيق Bellingcat، وفريق التحقيق الدولي بقيادة هولندية، التي تُصوِّر منصة إطلاق الصواريخ الروسية Buk، والتي قال المُدَّعون في القضية إنها استُخدِمَت لإطلاق السلاح الذي أسقط طائرة الخطوط الماليزية MH17 في 2014، وأسفر عن مقتل 298 شخصاً كانوا على متنها.
من جانبه قال بيلكيس ويلي، من منظمة هيومن رايتس ووتش، الذي شارك في إعداد التقرير، إن ما علموه من Bellingcat هو أنه خلال مراحل لاحقة من التحقيقات، حين عادوا لتفقد المصادر، وهي بعض المنشورات على الشبكات الاجتماعية التي استعانوا بها لبناء الأساس القانوني للتحقيقات، من أجل تقديمها للسلطات القضائية في هولندا، وجدوا أنها حُذِفَت.
كذلك صرّح ويلي لوكالة أنباء Voice of America بأنَّ الأدلة من الشبكات الاجتماعية تُسهِم بدور مهم في الكثير من تحقيقات هيئة Bellingcat.
ويلي كذلك، وفي مقابلة مع وكالة الأنباء، يوم الأربعاء 16 سبتمبر/أيلول، قال إنهم لاحظوا في السنوات القليلة الماضية، وتحديداً منذ 2017، أن الفيديوهات التي تخص على سبيل المثال إعدام جنودٍ لأحد الأشخاص، أو أي فيديو عدائي لتنظيم الدولة الإسلامية (داعش)، قد تم حذفه من الشبكات الاجتماعية، رغم أنه تم رصده في السابق على المنصات المختلفة.
ضغوط على شركات الإنترنت: وتفرض الحكومات ضغوطاً متزايدة على شركات الإنترنت لحذف أي محتوى خطير أو غير قانوني أو مسيء. وتعهدت شركات الشبكات الاجتماعية ببذل مزيد من الجهد لحظر أي محتوى متطرف عقب البث المباشر على فيسبوك للهجوم الإرهابي على مسجدين في نيوزيلندا في 2019.
فيما أخبرت شركات الشبكات الاجتماعية، منظمة هيومن رايتس ووتش، أنها مُلزَمة قانونياً بحذف أي محتوى غير مناسب أو يحرض على الإرهاب أو الكراهية أو العنف. وتستخدم الكثير من هذه الشركات خوارزميات الذكاء الاصطناعي لحذف تلك المحتويات، وهي خوارزميات باتت اليوم فعالة جداً، لدرجة أنها تحذف المحتوى بمجرد نشره، لذا لا يتسنى لأي مستخدم حقاً مشاهدة المحتوى قبل إزالته وفق ما قال ويلي في تصريحاته.
كذلك وفي هذه الأثناء، تستخدم منظمات من المجتمع المدني، مثل Syria Archive (الأرشيف السوري)، الفيديوهات المنشورة على الشبكات الاجتماعية لتوثيق جرائم الحرب المحتملة، بما في ذلك استخدام الأسلحة الكيميائية. واشتكت المنظمة بدورها من حذف أدلة مهمة من الشبكات الاجتماعية، قبل أن تسنح لها فرصة الوصول لها أو تحليلها.
من جانبها، تقول منظمة هيومن رايتس ووتش إنَّ هناك حلاً لذلك، ويكمن في التحدث مع شركات الشبكات الاجتماعية بشأن تأسيس أرشيف لتلك المواد، لكن تويتر ردت بأنها لن تستطيع منح منظمات المجتمع المدني صلاحية الوصول لبيانات أو محتوى خاص بمستخدمي المنصة من دون أمر قضائي.
على الجانب الآخر، رفضت شركتا فيسبوك ويوتيوب الرد على طلبات منظمة هيومن رايتس ووتش أو وكالة أنباء Voice of America للتعليق حتى وقت النشر.