في عقوبةٍ غريبة من نوعها، بدأت السلطات المحلية في جزء من ريف إندونيسيا، في إجبار القرويين الذين يرفضون ارتداء الكمامة على الجلوسَ في نعش في وسط مكان عام أو المشاركة بأنفسهم في حفر قبور مخصصة لدفن ضحايا فيروس "كورونا"، على أمل أن يسهم عملهم اليدوي في الأمر وتأثرهم به في إقناعهم والآخرين بضرورة الالتزام بدورهم، للمساعدة في إيقاف انتشار الوباء.
السلطات قالت حسب تقرير نشره موقع CNN الأمريكي الجمعة 18 سبتمبر/أيلول 2020، إن 3 رجال في منتصف العمر وخمسة قاصرين في منطقة سيرمي الواقعة في مقاطعة غريسيك ريجينسي بجاوة الشرقية، قد تلقوا تلك العقوبة في 9 سبتمبر/أيلول.
خبراء قالوا إن نقص الالتزام باحتياطات السلامة العامة جعل الأمر أشد صعوبة على السلطات الإندونيسية فيما يتعلق بالحد من انتشار الفيروس، الذي أصاب حتى الآن ما يقرب من 230 ألف شخص في البلاد. وقد تعافى أكثر من 160 ألفاً من هؤلاء المرضى، فيما تُوفي ما لا يقل عن 9100 شخصاً، وفقاً لبيانات وزارة الصحة الإندونيسية.
تشكيك بجدوى الكمامات: رغم أن ارتداء الأقنعة إلزامي بالأماكن العامة بجميع أنحاء إندونيسيا، فإن هناك شريحة من السكان رفعت أصواتها بالتشكيك في جدوى ارتداء الأقنعة والخضوع لإجراءات التباعد الاجتماعي.
مع ارتفاع عدد حالات الإصابة بالأشهر الأخيرة، أصدرت الحكومة الإندونيسية قانوناً في يوليو/تموز الماضي يُلزم الناس بارتداء الأقنعة في الاماكن العامة، غير أنها تركت الأمر للمسؤولين المحليين لتحديد عقوبة عدم الامتثال للقانون. وأُوكلت المسؤولية إلى فريق مشترك من السلطات التي تُعرف باسم "الأركان الثلاثة"، القوات المسلحة الوطنية الإندونيسية والشرطة الوطنية الإندونيسية وسلطات إنفاذ القانون المحلية، لتولي فرض القيود الخاصة بارتداء الأقنعة في جميع أنحاء البلاد.
غرامة مالية أو عقوبة اجتماعية: في منطقة سيرمي، منحت السلطات أولئك الذين لا يلتزمون بارتداء الأقنعة خيار قبول غرامة قدرها 15 ألف روبية (10 دولارات) أو قبول ما تسميه الحكومة "العقوبة الاجتماعية"، وفقاً لما قاله حاكم المنطقة، سويونو.
من جانبه، قال سويونو لشبكة CNN إن معظم الناس اختار الامتثال للعقوبة الاجتماعية، والتي غالباً ما تتضمن عمليات إزالة للمهملات أو تنظيف لمرافق عامة. غير أنه يأمل أن تكون خيارات مثل حفر القبور تعليمية ومحفزة على الالتزام وأن تُظهر "على نحو مباشر التأثير الحقيقي والخطير لفيروس كورونا". كما أشار سويونو إلى أن أياً من الذين عوقبوا لم يُفرض عليه الحضور عند دفن الموتى.
كانت السلطات بالعاصمة جاكرتا تبنَّت فكرة مماثلة في وقتٍ سابق من هذا الشهر. إذ فرضت على المخالف الذي يُقبض عليه وهو لا يرتدي قناعاً الجلوسَ في نعش في وسط مكان عام.
مع ذلك، ليس من الواضح ما إذا كانت هذه الأنواع من العقوبات قد رفعت من الالتزام بارتداء الأقنعة في إندونيسيا أم لا. فقد عجزت البلاد عن تسوية منحنى الإصابات لأشهر، ولا تزال الإصابات في ارتفاع، وفقط الفلبين سجلت عدد حالات إصابة أعلى من إندونيسيا في منطقة جنوب شرق آسيا.
كل ذلك دفع السلطات إلى فرض قيود اجتماعية واسعة النطاق في جاكرتا الأحد 13 سبتمبر/أيلول، وهي المرة الثانية التي تضطر فيها السلطات إلى فرض قيود بهذا الحجم منذ بدء الوباء.
غير أن الأسوأ من ذلك، هو أنه مع استمرار ارتفاع الحالات، قد تكون البنية التحتية الصحية بالمدينة عرضةً للانهيار في أي وقت. وقال مسؤولون يوم الإثنين 14 سبتمبر/أيلول إن وحدات الطوارئ في جميع مستشفيات جاكرتا العشرين المعتَمدة لعلاج مرضى كورونا ممتلئة عن آخرها.