تستضيف العاصمة المصرية القاهرة، منذ الأربعاء 9 سبتمبر/أيلول 2020، وفداً ليبياً من غرب البلاد، يضم أعضاء من مجلس النواب المنعقد في طرابلس والمجلس الأعلى للدولة، الداعمين للحكومة الشرعية، وذلك بالتزامن مع التقدم الحاصل في المشاورات الجارية بين طرفي الصراع الليبي بمدينة بوزنيقة المغربية، ولقاءات جنيف برعاية أممية.
هذه الخطوة تأتي في سياق محاولة النظام المصري، الداعم للجنرال الانقلابي خليفة حفتر، إنقاذ "إعلان القاهرة"، الذي يتبناه رئيس مجلس نواب طبرق (شرق) عقيلة صالح، من خلال الانفتاح على قيادات المنطقة الغربية، خاصة من مدينة مصراتة التي تمتلك أكبر قوة عسكرية داعمة للحكومة المعترف بها دولياً في طرابلس.
فشل حليفها: تسعى القاهرة للبحث عن شركاء جدد في المنطقة الغربية بليبيا، لا ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، بعد فشل حليفها حفتر في الانتصار عسكرياً على الجيش الليبي، رغم الدعم الكبير الذي قدمته له عدة دول كبرى وإقليمية.
ورغم أن الوفد الذي يزور القاهرة يضم 3 أعضاء من المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) من إجمالي 9، إلا أن المكتب الإعلامي للمجلس، نفى مساء الثلاثاء، توجه أي وفد من المجلس إلى القاهرة، لكنه أبدى ترحيبه بأي دعوة توجه له لزيارة مصر، للتباحث فيما يخدم مصالح البلدين الشقيقين.
وهو ما يؤكد أن الزيارة ليست رسمية، لكن المجلس الأعلى للدولة لم يعترض عليها وكذلك مجلس النواب في طرابلس والحكومة الشرعية بقيادة فائز السراج.
جدول أعمال الزيارة وأهدافها: قال سعد بن شرادة، عضو مجلس الدولة، إن لقاءات ستجرى مع مسؤولين في وزارة الخارجية المصرية، ومسؤول اللجنة الخاصة بالملف الليبي، لمناقشة عدد من الملفات ذات الاهتمام المشترك وتطورات الأوضاع في ليبيا.
بينما أوضح قزيط، في تصريح صحفي، أن الزيارة تهدف لبحث حل سلمي للأزمة الليبية، وتكوين حكومة وسلطة واحدة.
يضم الوفد كلاً من أبوالقاسم قزيط، وسعد بن شرادة، وعبدالله جوان (أعضاء مجلس الدولة)، ومحمد الرعيض، وأبو بكر سعيد، وأيمن سيف النصر (أعضاء بمجلس نواب طرابلس) والقياديين في عملية "بركان الغضب" التابعة للجيش الليبي، التهامي الجطلاوي، وفهيم بن رمضان، بالإضافة إلى رجل الأعمال القيادي في مصراتة حسن شابة.
والملاحظ أن 4 أعضاء على الأقل من الوفد ينحدرون من مصراتة، ما يعكس رغبة القاهرة في مد جسور تواصل مع هذه المدينة القوية التي تصدى أبناؤها لمحاولة حفتر السيطرة على المنطقة الغربية (2014-2020).
حفترة العقبة الأبرز: هذا ما يعتقده الخبر المغربي سلمان بونعمان، أستاذ للعلوم السياسية في جامعة "سيدي محمد بن عبدالله" المغربية، الذي قال إن إصرار الجنرال الانقلابي خليفة حفتر على الحل العسكري في ليبيا، سيشكل "العقبة الأكبر" أمام التوصل لاتفاق ليبي في المغرب.
ففي تصريح لوكالة "الأناضول" للأنباء صرح الخبير المغربي، بأن "العقبة الأكبر أمام التوصل لاتفاق سياسي بالحوار الليبي في المغرب سيكون الجنرال خليفة حفتر وداعميه الذين يصرون على الحل العسكري".
وأضاف بونعمان، أن "هناك جهوداً (لم يحددها) لإجهاض وعرقلة مجهودات المغرب في التوصل لحل سياسي متوافق عليه وفاعل في إدارة الأزمة (الليبية)".
كما لفت إلى أن "بعض الدول المعروفة لا يروقها التوصل إلى حل سياسي، لأنها تستثمر لإدامة الأزمة بدعم حفتر"، لكنه لم يسمها.
معتبراً أن ذلك "يأتي على الرغم من أن المغرب يحظى بدعم وقبول دولي، كوسيط نزيه ومحايد بين مختلف الأطراف، ومقاربته تسعى إلى أن يكون الحل من داخل الحالة الليبية".
الثلاثاء، 8 سبتمبر/أيلول، أكد المجلس الأعلى للدولة الليبي وبرلمان طبرق، تحقيق تفاهمات بالحوار المنعقد بالمغرب تتعلق بتحديد معايير مهمة لـ"وضع حد للفساد وإهدار المال العام وإنهاء حالة الانقسام المؤسساتي".
جاء ذلك في بيان مشترك تلاه عضو وفد مجلس الدولة محمد خليفة نجم، بمعية يوسف العقوري، عضو وفد برلمان طبرق، خلال مؤتمر صحفي، عقب انتهاء جلسة من جلسات اليوم الثالث من الحوار الذي تقرر استئنافه الخميس.
مساء السبت الماضي، أعلن الجيش الليبي، خرق ميليشيا حفتر وقف إطلاق النار في سرت للمرة الرابعة، عبر إطلاقها قذائف صاروخية تجاه المدينة.
جدير بالذكر، أن المشاورات في بوزنيقة بين وفدين من مجلس الدولة وبرلمان طبرق، التي انطلقت الأحد 6 سبتمبر/أيلول 2020، حققت تقدماً بشأن الاتفاق على آليات تعيين مناصب المؤسسات السيادية، الذي من المنتظر أن يتم الإعلان عنه مساء الخميس.
وفي سويسرا، أعلنت البعثة الأممية، في وقت سابق الخميس، توافق آراء المشاركين الليبيين في مشاورات مدينة مونترو، التي انطلقت الإثنين واختتمت الأربعاء، إزاء وجوب إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية نهاية فترة تمتد 18 شهراً وفق إطار دستوري يتم الاتفاق عليه.
وتبدأ هذه الفترة بإعادة تشكيل المجلس الرئاسي وإنشاء حكومة وحدة وطنية.