أعلن الباحثون في معهد الحوار الاستراتيجي العثور على واحدةٍ من أكبر تشكيلات المواد الخاصة بتنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على الإنترنت، ويتعلق الأمر بمكتبة رقمية تحتوي على أكثر من 90 ألف مادة، ويزورها نحو 10 آلاف زائر فريد شهرياً.
وفق تقرير لشبكة BBC البريطانية، الجمعة الرابع من سبتمبر/أيلول 2020، فإن الخبراء يقولون إنّها تُمثّل وسيلةً لتجديد المحتوى المُتشدّد عبر الإنترنت، فيما يبقى من الصعب إزالة تلك المكتبة لأنّ البيانات ليست مُخزّنةً في مكانٍ واحد، كما أنها تواصل النمو بشكل كبير على الرغم من جهود سلطات مكافحة الإرهاب في بريطانيا والولايات المتحدة.
تلقين الإرهاب: جاء الاكتشاف عقب وفاة زعيم داعش البارز أبوبكر البغدادي في أكتوبر/تشرين الأول عام 2019.
في الوقت ذاته، احتوت العديد من منشورات الشبكات الاجتماعية المُؤيّدة للتنظيم على روابط قصيرة للمكتبة. ما قاد الباحثين إلى الوثائق ومقاطع الفيديو المتوافرة بتسع لغاتٍ مُختلفة.
إذ اشتملت على تفاصيل حول الهجمات التي وقعت داخل مانشستر أرينا في الـ22 من مايو/أيار عام 2017، وتفجيرات لندن في السابع من يوليو/حزيران عام 2005، وما حدث داخل الولايات المتحدة في الـ11 من سبتمبر/أيلول عام 2001.
في هذا السياق، يقول مصطفى عياد، نائب مدير معهد الحوار الاستراتيجي، الذي اكتشف الأرشيف: "تجد هناك كل المعلومات التي تحتاج إلى معرفتها من أجل التخطيط وتنفيذ أيّ هجوم. وهي أمورٌ تُعلِمك في الأساس كيف تصير إرهابياً أفضل".
وأطلق المعهد على هذه المكتبة اسم "ذاكرة التخزين المؤقت للخلافة Caliphate Cache"، كما درس باحثو المعهد طيلة أشهر كيف تتطوّر المواد، وكيف يُدار المُحتوى، ومن يزور المكتبة.
تنتشر المواد عبر منظومةٍ لامركزية، بدلاً من خادم إنترنت منفرد، ويستطيع أيّ شخصٍ مُشاركة المحتوى عبر الإنترنت، باستخدام خوادم في مواقع مُتعدّدة. ما يعوق أيّ جهودٍ لإغلاق المكتبة.
لكن استمرار ذاكرة الخلافة على الإنترنت يُساعد داعش، عن طريق تزويد التنظيم بوسيلةٍ للاستمرار في بث المحتوى.
مغني بوب: يُضاف المحتوى إلى التعليقات على صفحات الشبكات الاجتماعية، وينتشر عبر حسابات بوتات الإنترنت، ويُستخدم في نشره أيضاً تكتيك استهداف حسابات المشاهير والرياضيين.
فعلى سبيل المثال، اخترق التنظيم حساباً يخص أحد جماهير مغني البوب جاستن بيبر، واستغلوه لترويج مواد من المكتبة.
وفي حالةٍ أخرى تمكّن التنظيم من خداع حساب فريق رجبي إنجليزي لمتابعته، بعد أن تنكر على أنّه أحد المشجعين.
يقول عياد أيضاً: "إنهم يُدركون قوة المحتوى الموجود على ذاكرة الخلافة، والأمر لا يقتصر على المنصات الرياضية فقط".
عرائس هاربات: ليس كل المحتوى الموجود في المكتبة عنيفاً بالطبع، إذ يصطدم الزوار أيضاً بفلسفات داعش، والنصوص الدينية، والنسخ الدعائية للشكل الذي يبدو عليه أسلوب حياة التنظيم.
يقول الباحثون إنّ ذلك يشمل محتوى للعرائس الهاربات، من النوع الذي شاهدته فتاةٌ مثل شميمة بيغوم.
غالبية زوار ذاكرة الخلافة تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاماً من الذكور في العالم العربي، و40% من زيارات الموقع تأتي عبر الشبكات الاجتماعية، وخاصةً يوتيوب.
الجماعات المُتشدّدة: كما اكتشف الباحثون في معهد الحوار الاستراتيجي أنّ ذاكرة الخلافة ليست فريدةً من نوعها.
إذ إنّ هناك العديد من المستودعات الأصغر الخاصة بجماعات مُتشدّدة أخرى، وتستخدم العديد منها منظومات لامركزية كذلك.
من جانها، تقول مينا اللامي، المختصة البارزة في الشؤون الجهادية في BBC Monitoring البريطانية: "إنّ مصدر جذب الجهاديين إلى تلك المنصات هو أنّ مُطوّري تلك المنصات اللامركزية ليس بإمكانهم التحرّك ضد المحتوى المُخزّن على الخوادم التي يُشغّلها المستخدمون، أو المحتوى الذي ينشرونه عبر شبكةٍ متفرّقة من المستخدمين. الأمر كله يتعلّق بالخصوصية، والحرية، والتشفير. وهذا هو ما يجذب الجهاديين".
كما أخطر الباحثون مكتب المدعى العام الأمريكي بالحي الشرقي في نيويورك، الذي يحكم في قضايا مكافحة الإرهاب، إلى جانب شرطة متروبوليتان في لندن.
ولم تُعلّق السلطات في نيويورك على المسألة.
لكن شرطة متروبوليتان أقرّت باستلام الإخطار، وقالت إنّ الضباط المختصين يُقيّمون الوضع.