قال متحدث باسم حكومة السودان، الثلاثاء 25 أغسطس/آب 2020، إن رئيس الوزراء عبدالله حمدوك طلب من وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو فصل تطبيع العلاقات مع إسرائيل عن القرار الأمريكي بحذف السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب.
جاء هذا التصريح عقب لقاء حمدوك مع بومبيو الذي يقوم بزيارة هي الأولى لوزير خارجية أمريكي إلى السودان منذ 15 عاماً، وذلك في إطار جولة إقليمية تهدف الى اقناع دول أخرى بتطبيع علاقاتها مع إسرائيل في أعقاب خطوة الإمارات.
لا نملك تفويضاً للتطبيع: البيان الذي صدر عن السودان بشأن الزيارة، أوضح أن حمدوك أبلغ بومبيو بأن الحكومة الحالية لا تملك تفويضاً لاتخاذ قرار بشأن تطبيع العلاقات مع إسرائيل.
لكن هذه الزيارة تعد رحلة رمزية، وتحمل رسائل مهمة، وذلك لأن بومبيو وصل من إسرائيل على متن "أول رحلة رسمية مباشرة" بين تل أبيب والخرطوم اللتين لا تقيمان علاقات دبلوماسية، وما زال البلدان عملياً في حالة حرب.
لم يصدر بعد أي تفاصيل أخرى عن الزيارة، خاصة من الجانب الأمريكي بهذا الشأن، سوى تصريح بومبيو الذي احتفى بهذه الرحلة التي قام بها من إسرائيل إلى السودان، وقال في تغريدة على حسابه في موقع تويتر، قال: "يسعدني أن أعلن أننا على متن أول رحلة رسمية دون توقف من إسرائيل إلى السودان".
كما شدد بومبيو على أن تحول السودان للديمقراطية فرصة لا تكرر إلا مرة في الجيل.
يُذكر أن آخر زيارة أجراها وزير خارجية أمريكي للسودان كانت عام 2005، وقامت بها كوندوليزا رايس وزيرة الخارجية الأمريكية آنذاك.
العلاقات بين واشنطن والسودان: ودفع السودان ثمناً باهظاً لدوره في دعم بعض الجماعات المسلحة والجهات التي تعتبرها كل من واشنطن وتل أبيب "إرهابية"، فقد تدهورت العلاقات بين واشنطن والخرطوم بشكل كبير، وفي عام 1997 خُفضت العلاقات الدبلوماسية إلى مستوى القائم بالأعمال. ولم يعد السفراء إلا في كانون الثاني/يناير.
لكن عزل البشير غيّر المعطيات. إذ قررت الحكومة الانتقالية الجديدة التي تشكلت في أيلول/سبتمبر 2019 بعد احتجاجات شعبية، التقرب من الولايات المتحدة والعمل على إزالة السودان من القائمة الأمريكية السوداء للدول المتهمة "بدعم الإرهاب".
وأشارت السلطات السودانية في مطلع آب/أغسطس الجاري إلى استعدادها "لمواصلة العمل مع الإدارة الأمريكية لشطب السودان من قائمة الدول الراعية للإرهاب والدخول في علاقة شراكة تفيد البلدين".
تمنع العقوبات أي استثمار في هذا البلد الذي يمر بأزمة اقتصادية عميقة.
إذ بلغ معدل التضخم 143% على أساس سنوي، ويستمر الجنيه السوداني في الانخفاض مقابل الدولار، في سياق اقتصادي عالمي أصيب بضربة قاسية جراء وباء فيروس كورونا المستجد.
مهمة بومبيو ليست سهلة: من المنتظر أيضاً أن يلتقي وزير الخارجية الأمريكي في الخرطوم أيضاً الفريق عبدالفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة الانتقالي "للتعبير عن دعمه تعميق العلاقات بين إسرائيل والسودان"، بحسب وزارة الخارجية الأمريكية.
لكن مهمته لن تكون سهلة.
فقد أعلن المجلس المركزي لقوى الحرية والتغيير الذي قاد الانتفاضة الشعبية السنة الماضية، الثلاثاء، أن الحكومة الحالية ليست مفوضة لتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
جاء في بيان للمجلس إثر اجتماع شارك فيه حزب الأمة، "جـدد الاجتماع الموقف من قضية التطبيع مع إسـرائيل باعتبارها ليست من قضايا حكومة الفترة الانتقالية المحكومة بالوثيقة الدستورية، وأمن على حـق الشعب الفلسطيني في أراضيه وحـق الحياة الحرة الكريمة".
يُذكر أن الفريق البرهان كان قد عقد اجتماعاً خلال شباط/فبراير في أوغندا مع رئيس الوزراء الإسرائيلي، وقال بنيامين نتنياهو في حينه إنهما اتفقا على "بدء التعاون الذي سيؤدي إلى تطبيع العلاقات بين البلدين". لكن الحكومة السودانية نفت بعد ذلك تناول قضية "التطبيع" خلال اللقاء.
ودلالة على أن عملية التقارب هذه ستكون صعبة، أقيل المتحدث باسم وزارة الخارجية السودانية حيدر بدوي من منصبه بعد أن اعترف ضمنياً وبصورة مفاجئة في 18 آب/أغسطس بوجود اتصالات بين بلاده وإسرائيل. ونفى وزير الخارجية السوداني حينها ذلك.
في غضون ذلك، رحب نتانياهو بتصريحات بدوي قائلاً إن "إسرائيل والسودان والمنطقة كلها ستستفيد من اتفاق السلام وستبني معاً مستقبلاً أفضل لجميع شعوب المنطقة".
كما من المتوقع أن يزور بومبيو في جولته التي تستمر خمسة أيام كلاً من الإمارات والبحرين.