تتجه أعين المسلمين في نيوزيلندا، الإثنين 24 أغسطس/آب 2020، إلى المحكمة العليا في البلاد، حيث انطلقت جلسات النطق بالحكم على منفِّذ هجوم مسجدَي مدينة كرايستشيرش الذي قتل 51 مسلماً، في مجزرة صدمت العالم، العام الماضي، وذلك في حدث تاريخي من شأنه أن يضع نهاية واحدة من أحلك اللحظات وأكثرها إيلاماً في تاريخ نيوزيلندا.
مع افتتاح جلسات النطق بالحكم، قرأ المدعي العام رواية السلطات للأحداث ، وأخبر المحكمة بالتفاصيل التي خطط فيها تارانت للهجمات، وشراء عدة أسلحة نارية وآلاف طلقات الذخيرة والدروع الباليستية والسترات العسكرية، وقال إن الشاب الذي قتل 51 شخصاً درس خطته لعدة سنوات بدقة، وذلك بهدف إيقاع أكبر عدد من الضحايا.
تفاصيل جلسة المحاكمة: تم إحضار تارانت إلى قفص الاتهام، مقيد اليدين، ويحيط به 4 ضباط شرطة، حيث كان يرتدي لباس السجن المكون من قميص رمادي، وبنطال رياضي، وكان ينظر من حين لآخر حول الغرفة، بحسب ما ذكرته صحيفة The Guardian البريطانية.
بدأ أحد المدعين في المحكمة بقراءة ملخص وقائع المجزرة، واصفاً إياها مراراً وتكراراً بـ"الوحشية"، مؤكداً أن عمليات الإعدام تمت بدم بارد، فقد عاد المسلح أكثر من مرة إلى الأشخاص الذين أطلق عليهم الرصاص بالفعل، وقام بإطلاق النار عليهم مرة أخرى للتأكد من موتهم، وذلك وسط صراخ الضحايا، ومحاولة آخرين للهرب من المجزرة.
كما استمعت المحكمة إلى أحد مشاهد المجزرة التي تجمع فيها المصلون فوق بعضهم البعض في أحد زوايا المسجد، في محاولة منهم للاختباء من المسلح، حيث لم يكن هناك مكان للهروب.
وفي لحظة ما خلال تنفيذ المجزرة، قام رجل اسمه نعيم راشد بفعل بطولي، عندما قرر مهاجمة المسلح، في محاولة منه لإيقاف المجزرة، إلا أن "سفاح" المسجدين تمكن من قتله، لكن الرجل تمكن بفعلته هذه من السماح لبعض المصلين بالهروب عبر أحد الأبواب.
لكن عندما عاد المسلح إلى المسجد ووجد مجموعة من المصلين متجمعين في إحدى زواياه، كان بعض الذين أصيبوا بالفعل بالرصاص يصرخون طلباً للمساعدة أو يتحركون قليلاً؛ قام السفاح بإطلاق النار بشكل منهجي في رأسه على أي شخص يبدو أنه على قيد الحياة.
تفاصيل التخطيط للعملية: وكشف الادعاء في المحكمة التخطيط الذي قام به السفاح، لتنفيذ هجومه على المسجدين، فقد بدأ التجهيز لهجومه عام 2017، عندما انتقل من أستراليا إلى نيوزيلندا، وبدأ في البحث عن مساجد نيوزيلندا المختلفة.
قام "السفاح" برحلة استكشافية إلى مدينة كرايستشيرش التي نفذ فيها الهجوم، في حين أنه كان يعيش في مدينة دنيدن الجنوبية قبل شهرين من المذبحة، كما قام بتجميع تخطيط للمباني التي كان ينوي مهاجمتها.
أثناء وجوده هناك في مدينة كرايستشيرش، قام الرجل بمراقبة المسجد من خلال طائرة من دون طيار، مستطلعاً مداخل ومخارج المبنى في يوم الهجمات، حيث كان الإرهابي يحمل عبوات بنزين في سيارته ، وكان ينوي استخدامها كأدوات حارقة، بحسب رواية الشرطة.
وذكر المدعي بارنابي هوز أن تارانت أبلغ الشرطة بعد إلقاء القبض عليه أنه أراد إثارة الخوف بين السكان المسلمين، مضيفاً أن تارانت عبر عن أسفه لعدم قتل المزيد وكشف عن اعتزامه حرق المسجدين بعد إطلاق الرصاص.
كما أوضح هوز: "كان ينوي بث الخوف في صدور من وصفهم بالغزاة ومنهم السكان المسلمون أو المهاجرون غير الأوروبيين بشكل عام".
يذكر أن الإدانة بالقتل تستلزم حكماً إلزامياً بالسجن مدى الحياة. ويمكن للقاضي أن يفرض حكماً بالسجن مدى الحياة دون إمكانية الإفراج المشروط، وهو حكم لم يصدر من قبل في نيوزيلندا، ومن المفترض أن يصدر قاضي المحكمة العليا الحكم في وقت لاحق من الأسبوع الجاري.