تقع جزيرة غوريه، مركز تجارة العبيد السابق، بالقرب من العاصمة السنغالية دكار، إلى حد أن المئات يسبحون إليها من شواطئ دكار كل عامٍ، مع ذلك فإن الجزيرة تختفي عن الأنظار في بعض الأيام، غارقةً في سحبٍ من التلوث والغبار، حسبما أفادت مجلة The Economist الأمريكية، الجمعة 31 يوليو/تموز 2020.
وفي مدينة بورت هاركورت النيجيرية، التي تعد جزءاً من مناطق إنتاج النفط بالبلاد، فإن السحاب الأسود يغطي كل شيءٍ.
سماء القارة الإفريقية سوداء: تشكل هاتان المدينتان، حسب الصحيفة، مثالاً واضحاً عن الحالة البيئية السائدة في القارة الإفريقية، حيث تُعبق القمامة العطنة وعوادم السيارات القديمة والمصانع هواء إفريقيا وتملؤه بالدخان، في الوقت الذي نادراً ما تقاس فيها درجة نقاوة الهواء؛ لعدم اهتمام السلطات المحلية هناك بذلك، أو عدم رغبتها في الكشف عن الأرقام الحقيقية.
وعلى مستوى العالم، يتسبب الهواء الملوَّث في الموت المبكر لنحو 4.2 مليون شخصٍ سنوياً، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية. ويُقدر البنك الدولي التكاليف العالمية للوفيات الناجمة عن تلوث الهواء بنحو 5 تريليونات دولارٍ كل عام.
قوانين ضعيفة: في نيجيريا على سبيل المثال، يبستغل التجار الدوليون القوانين الضعيفة ليستوردوا وقوداً أعلى سُميةً من ذلك المُستخدم أوروبا، وأعلى في الملوثات من الوقود الذي تُنتجه مصافي الأدغال في دلتا نهر النيجر، مثلما تقول دراسةٌ أجرتها جماعة الضغط المسماة Stakeholder Democracy Network.
تعتقد رانا روي، من منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية، أن "تلوث الهواء بكل أنواعه يُسبب وفياتٍ في إفريقيا أكثر مما يسبِّبه تلوث المياه، أو ضعف مرافق الصرف الصحي، أو سوء تغذية الأطفال".
جودة الهواء: وتعتبر منظمة الصحة العالمية أن 0.5% فقط من المدن الإفريقية لديها بياناتٌ متاحةٌ حول جودة الهواء، وحتى المدن الإفريقية التي تراقب جودة الهواء، فإن البيانات ليست مكتملةً.
يقول كوفي أميغاه من جامعة كيب كوست في غانا: "معظم المعدات المستخدمة في قياس جودة الهواء عفى عليها الزمن".
وتعد دولة جنوب إفريقيا استثناء، فهناك بيانات جودة الهواء متاحة للرأي العام، بحيث يستطيع المصابون بالربو مثلاً تجنُّب المناطق الأشد تلوثاً. ويستطيع الباحثون تقدير الضرر سواء على صحة الناس أو على الاقتصاد بدقةٍ مقبولةٍ.
إلا أنه في أي مكانٍ آخر بإفريقيا تقريباً لا تكون البيانات التي تُجمع، على قلَّتها، متاحة للرأي العام. حيث تعتقد بعض الحكومات أن على الناس أن يدفعوا مقابل الحصول على تلك البيانات؛ لتغطية جزءٍ من التكاليف.
يعتقد أميغاه أن ذلك مثيرٌ للسخرية؛ إذ إنَّ جمع البيانات يدفع تكاليفَه دافعو الضرائب بطبيعة الحال، ويُعنى به المساعدة في تحسين الصحة العامة، ولكن الحقيقة أن بعض الحكومات تخشى أن تتسبب بياناتٌ أدق في مزيد من الانتقادات الموجهة لها، مثلما يقول دان وسيترفيلت من جامعة كولومبيا.
لكن المعلومات تتسرب أحياناً بأي حالٍ، حيث تمتلك السفارات الأمريكية في ست عواصم إفريقيةٍ معداتٍ حديثة وتنشر نتائجها يومياً.
تجربة لنشطاء محليين: في بكين مثلاً، بدأت السفارة الأمريكية عام 2008 نشر بيانات تلوث الهواء. تلا ذلك خلاف دبلوماسي، لكنَّ الناشطين كانوا قادرين على تحدي الادعاءات الرسمية؛ وهو ما أدى إلى وضع معايير جديدةٍ، ومزيدٍ من الاختبارات، قادت إلى هواءٍ أكثر نظافةً.
اليوم، يحذو النشطاء الأفارقة حذوهم، فيشترون مستشعرات هواء رخيصةً. يكلف أبسطها نحو 25 دولاراً للقطعة، رغم أنها أقل دقةً من تلك الأعلى جودةً. لكن البيانات المحلية مهمةٌ. وقد آتت حملةٌ لخفض التلوث الناجم عن المصانع في سيوكيمو، إحدى ضواحي نيروبي، ثمارها بفضل أربعة أجهزة استشعارٍ رخيصةٍ قدَّمتها منظمة Code for Africa، وهي شبكةٌ لنشطاء البيانات المفتوحة. وتأمل المنظمة أن تنصب 3000 مستشعرٍ إضافيٍّ في المدن الإفريقية.