أرسل الرئيس الإيراني السابق، أحمدي نجاد، خطاباً ودياً لأشرس عدو عربي لدولته، ولي عهد السعودية الأمير محمد بن سلمان، وذلك في تجاهل واضح لسياسة طهران المُعلنة تجاه الرياض، لا سيما بعد حرب السعودية في اليمن ضد جماعة الحوثيين الذين تقدم إيران دعمها الكبير لهم.
عبارات إشادة من نجاد: صحيفة The New York Times الأمريكية، قالت الأحد 26 يوليو/تموز 2020، إن الخطاب لم يُقابل بعد برد من قبل المملكة العربية السعودية، مشيرةً إلى أن نجاد معروف لدى الغرب بخطاباته التي يؤكد فيها أنَّ الهولوكوست هي أكذوبة وأنَّ إسرائيل يجب أن تُمحَى من الخريطة.
الصحيفة اعتبرت أن الخطاب الذي أرسله نجاد إلى ولي العهد محمد بن سلمان يمثل صدمة في حد ذاته، إذ وصف أعضاء في هرم القيادة في إيران، وعلى رأسهم آية الله علي خامنئي، الأمير السعودي الحاكم الفعلي للبلاد، بأنه "متهور ووحشي وغير ناضج"، ومن جانبه، شبه محمد بن سلمان آية الله خامنئي بهتلر ووصف أي تعامل مع إيران بالعقيم.
لكن رغم ذلك، أرسل أحمدي نجاد الخطاب الذي تملؤه عبارات الإشادة والمجاملة لولي العهد خلال الشهر الجاري، ودعاه إلى توحيد الصف بين البلدين لإنهاء حرب اليمن، وذلك وفقاً لنسخة من الخطاب أرسلها مكتب نجاد لـ The New York Times.
نجاد صوّر في خطابه، ولي العهد على أنه رجل سلام، وقال إنه "سيخطو الخطوات اللازمة لجلب السلام للمنطقة؛ ومن ثم الحفاظ على إرثه وإرضاء رسول الله محمد (صلى الله عليه وسلَّم)".
لم يُشِر الخطاب إلى مواصلة ولي العهد الحرب في اليمن التي شنّها منذ 5 سنوات، التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أكبر كارثة إنسانية في العالم.
وجاء في الخطاب: "أعلم أنَّ سموكم ليس سعيداً بالوضع الحالي للناس الأبرياء الذين يموتون ويصابون كل يوم وتدمير البنية التحتية. وأنكم مستاؤون من أنَّ الموارد الإقليمية المملوكة للناس تُستخدَم للتدمير بدلاً من تحقيق السلام والازدهار. لهذه الأسباب سترحب بسلام عادل"، ووُقِع الخطاب بعبارة "شقيقكم محمود أحمدي نجاد".
صمت سعودي: ووفقاً لمكتب أحمدي نجاد، لم ترُد السعودية بعد على خطاب الرئيس السابق، الذي وُجِّه إلى مكتب رعاية المصالح السعودية في طهران، ولم ترد البعثة السعودية لدى الأمم المتحدة على استفسار حول ما إذا كان ولي العهد تلقى الرسالة.
من جانبهم، استبعد دبلوماسيون ومحللون أن يؤدي تواصل نجاد مع ولي العهد السعودي إلى أي تفاعل آخر، ورأى البعض في ذلك محاولة من نجاد لاكتساب أهمية، لأنَّ إيران تواجه العديد من التحديات، أبرزها العقوبات الأمريكية ووباء فيروس كورونا المستجد.
في هذا السياق، علَّق روزبه ميريبراهيمي، وهو محلل إيراني مستقل مقيم في نيويورك، قائلاً إنَّ ولي العهد "لن يأخذه على محمل الجد لأن جميع الأشخاص الذين يتعاملون مع إيران، سواء إقليمياً أو دولياً، يعرفون من يسيطر على زمام الأمور، وهو خامنئي".
تحدٍ جريء من نجاد: وكان نجاد قد انتقد صراحةً اتفاق الشراكة الاقتصادية والعسكرية المُقترَحة بين إيران والصين التي ستستمر لمدة 25 عاماً، وقال إنَّ الإيرانيين لن يقبلوا أبداً بهذه الصفقة.
لكن الرسالة التي وجهها إلى ولي العهد ربما هي أجرأ تحدٍ من أحمدي نجاد. وتشير الرسالة، وفقاً لأحد مستشاريه، أيضاً إلى انفتاح على تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة، على الرغم من سياسة ترامب التي يطلق عليها "سياسة أقصى ضغط ضد إيران".
من جانبه، قال المستشار عبد الرضا دافاري، إنَّ أحمدي نجاد يؤمن بالعلاقات الاستراتيجية الجيدة مع الجميع، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والولايات المتحدة. وأضاف: "نجاد يعتقد أنَّ مشاكل إيران لن تتلاشى إلى أن يُحلّ العداء مع الولايات المتحدة ويمر الطريق إلى واشنطن عبر الرياض، وعلينا أن نمهد الطريق لذلك".