يواجه الملياردير الجنوب إفريقي إيلون ماسك، خامس أغنى شخص في العالم ومالك شركة "Tesla"، اتهامات بالمساهمة في قتل أطفال الكونغو الديمقراطية الذين يشتغلون في تعدين الكوبلت الذي يعتبر جزءاً أساسياً في بطاريات أيون الليثيوم القابلة للشحن التي تنتجها شركة إيلون ماسك.
ثروة "بدم الأطفال": صحيفة The Times البريطانية أوضحت، السبت 25 يوليو/تموز 2020، أن الانضمام إلى أغنى خمسة أشخاص في العالم إنجاز ضخم بكل تأكيد لإيلون ماسك وتكليل لمهمته في جلب السيارات الكهربية للعامة.
فقد أدت الزيادة الكبيرة في أسعار الأسهم إلى زيادة ثروة مؤسسها الجنوب إفريقي ثلاثة أضعاف، لتصل إلى 58.5 مليار جنيه إسترليني، ما جعله يتجاوز، ولو ليوم واحد، الملياردير الأمريكي الشهير وارن بافيت في ترتيب أغنى الأغنياء.
لكن الزيادة الكبيرة في الطلب على مركبات Tesla دفع رائد الأعمال المتمرد البالغ من العمر 49 عاماً إلى الاعتماد على أقذر عنصر على وجه الأرض. يمثل الكوبلت جزءاً أساسياً في بطاريات أيون الليثيوم القابلة للشحن.
إذ يوجد بأعلى نسبة له في جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث أدت العمالة المتزايدة للأطفال وأوضاع العمل المزرية إلى تسمية هذه البطاريات "بطاريات الدم".
صفقة جديدة تزيد الضغوط: بعد عامين من التعهد بإزالة الكوبلت من منتجات Tesla بسبب تكلفته العالية، والأنباء عن الانتهاكات المصاحبة لإنتاجه ودعوات مقاطعة الشركات، وقع ماسك صفقة لشراء 6 آلاف طن من الكوبلت كل عام من شركة التعدين العملاقة Glencore، بقيمة 190 مليون دولار سنوياً. وقد أدى هذا التعاقد إلى زيادة إصرار المحامين الممثلين للعائلات الكونغولية التي تعرض أطفالها للقتل أو التشويه أثناء عمليات تعدين الكوبلت.
تتضمن الدعوى الجماعية ضد تسلا وشركات تقنية أخرى من بينها أبل ومايكروسوفت ادعاءات بـ"مساعدة وتأييد القتل والإصابات البالغة لأطفال يزعمون أنهم يعملون في مناجم الكوبلت في سلسلة التوريد الخاصة بهذه الشركات".
رغم الثروة المعدنية الهائلة في بلادهم، فإن شعب الكونغو من أفقر شعوب العالم، إذ يبلغ متوسط دخل الفرد سنوياً 800 دولار فقط. وقال تيرينس كولينغزوورث، المحامي عن المدعين، إن عملاءه المراهقين لم يمسكوا حاسوباً محمولاً أو هاتف iPhone في حياتهم، و"ليس بإمكانهم فهم استعمالات الكوبلت، ومع ذلك يتم إجبارهم على العمل في أشد الأوضاع بدائية".
استغلال الأطفال في المناجم: تطمئن شركة Glencore مشتريها بأنها لا تعالج في مناجمها الكوبلت الذي يُستخرج بالأيدي، لكن نشطاء حقوق الإنسان أكدوا أنه يستحيل التيقن من نظافة خلية البطارية في نهاية سلسلة التوريد المعقدة.
تُسهم المناجم الحِرَفية، أي التي لا تُطبق فيها معايير الأمان، بنسبة 20% من إجمالي الكوبلت.
مسلحين برفش ومشعل رخيص، ينقب أطفال صغار حتى سن التاسعة عن الكوبلت من أجل كسب بضع جنيهات في اليوم. وتقول الأمم المتحدة إن ثمانين طفلاً يموتون كل عامٍ في حوادث.
وتقول أنكه فان وودنبرغ، رئيسة قسم الحقوق والمحاسبية في الجمعية البريطانية Development: "بدون جمهورية الكونغو الديمقراطية لن توجد صناعة سيارات كهربية ولا ثورة خضراء".
شركة Glencore، مزود الكوبلت لشركة Tesla، مسجلة في لندن ولها مكتب في جيرسي. تواجه الشركة تحقيقاً جنائياً تجريه الحكومة السويسرية بسبب "شكوك في وجود مسؤولية جنائية" بخصوص رُشى مزعومة دفعتها الشركة لمسؤولين أجانب في جمهورية الكونغو الديمقراطية. وقالت Glencore، أكبر شركات تجارة السلع في العالم، إنها ستتعاون مع التحقيق.
تورّط إسرائيلي: ستؤدي هذه الصفقة حتماً إلى زيادة ثروة دان غرتلر، الملياردير الإسرائيلي الخاضع لعقوبات أمريكية، ويؤمن بعض المراقبين أن هذا قد يعرض تسلا لخطر الدعاوى القضائية.
فقد فرضت وزارة المالية الأمريكية عقوبات على غرتلر ورجال أعمال آخرين في 2017 و2018، متهمة إياهم بصداقة جوزيف كابيلا، رئيس جمهورية الكونغو السابق، من أجل الحصول على صفقات تعدين الكوبلت.
ورغم هذه العقوبات، أكدت Glencore التزامها القانون بدفع ريع يبلغ 2.5% من مبيعات الكوبلت لغرتلر. وقال محامو غرتلر إنه ليس لديه أي تعليق على المسألة.
في بيانٍ، قالت شركة تسلا: "لأن تسلا تعترف بالمخاطر العالية على حقوق الإنسان داخل سلاسل توريد الكوبلت، خاصة بالنسبة لعمالة الأطفال في جمهورية الكونغو الديمقراطية، فقد بذلنا جهوداً ضخمة لوضع عمليات تزيل هذه المخاطر من سلاسل التوريد الخاصة بنا".