سادت حالة من الفوضى على موقع تويتر، مساء الأربعاء 15 يوليو/تموز 2020، عندما ظهرت تغريدات متشابهة على حساب العشرات من أكبر الأسماء في أمريكا -كان من أشهرهم جوزيف بايدن ، وباراك أوباما، وكاني ويست، وبيل جيتس، وإيلون ماسك- تحث الناس على إرسال عملات رقمية من نوع بتكوين، وسيقوم الشخص الذي نشر التغريدة بإعادتها بمقدار الضعف.
لم تمض دقائق قليلة، حتى تبين أن هؤلاء المشاهير لم يقوموا بنشر أي تغريدات بهذا الشأن، ليُعلن لاحقاً أنها كانت عملية احتيال، في واحدة من أكثر الهجمات جرأة على الإنترنت وتستهدف موقعاً بحجم تويتر.
تويتر فقدت السيطرة: ضربت الموجة الأولى من الهجمات حسابات تويتر لقادة وشركات العملات الرقمية البارزين، لكن وبعد فترة وجيزة، اتسعت قائمة الضحايا لتشمل أشخاصاً آخرين من قطاعات مختلفة، من سياسيين وتقنيين، وفنانين، في استعراض كبير للقوة من قِبل المتسللين.
حاولت شركة تويتر إزالة العديد من الرسائل بسرعة، لكن في نفس الوقت، تمكن المخترقون من إرسال تغريدات مماثلة مرة أخرى من نفس الحسابات، ما يشير إلى أن تويتر كان عاجزاً عن استعادة السيطرة في ذلك الوقت.
هذا الأمر دفع شركة تويتر لاتخاذ خطوة غير معتادة، فقررت تعطيل مساحات واسعة من خدماتها، مثل عدم تمكن بعض الحسابات الرسمية والموثقة من نشر أي تغريدات على حساباتهم، كما علقت الشركة إعادة ضبط كلمات المرور الخاصة بالمستخدمين، قبل أن تعيد هذه الخدمات في وقت متأخر من ليل الأربعاء.
هذه الخطوة التي أقدمت عليها تويتر تعكس خطورة المشكلة، حيث من المتوقع أن يكون لهذا الحدث تأثير كبير على المنصة ومستخدميها في حال تأثر أصحاب الحسابات الرسمية من هذه العملية.
تويتر توضح ما حدث: في البداية، لم تقدم تويتر توضيحاً، لكنها قالت في بيان إن المستخدمين "قد لا يتمكنون من إرسال تغريدات أو تغيير كلمات المرور بينما نعكف على مراجعة هذا الحادث والتعامل معه".
لكن الشركة أوضحت أن ما جرى هو "حادث أمني"، مضيفة أنها تحقق في الأمر، وأنها ستصدر بياناً بعد قليل.
وفي وقت مبكر من صباح الخميس، نشر الحساب للشركة على صحفته الموثقة في تويتر تغريدة يوضح فيها حقيقة ما جرى، وقالت إن التحقيق المبدئي الذي أجرته الشركة في عملية القرصنة أظهر أن العديد من الموظفين الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الأنظمة الداخلية تعرضوا لعملية اختراق لحساباتهم، وأن هؤلاء الموظفين المستهدفين لديهم إمكانية الوصول إلى الأنظمة الداخلية للموقع.
وأوضحت تويتر أن التحقيقات الأولية أظهرت أن العديد من الموظفين الذين لديهم إمكانية الوصول إلى الأنظمة الداخلية للموقع، تعرضوا لاختراق حساباتهم في عملية تصنف ضمن ما يُعرف باسم "هجمات هندسة اجتماعية منسقة"، في إشارة إلى الهجمات التي تخدع الناس للتخلي عن أوراق اعتمادهم، عبر طرح أسئلة بسيطة قد يظن الضحية أنها تافهة.
كما أوضحت الشركة أن عملية الاختراق لم تتم عبر قرصنة حسابات معينة، بل تمت بعد تمكن المهاجمين من اختراق الأنظمة الداخلية لتويتر، ومن خلالها قاموا بالتغريد من حسابات رفيعة المستوى.
يوم عصيب على تويتر: الشركة أكدت أيضاً أنها "تبحث في الأنشطة الخبيثة الأخرى التي ربما قاموا بها في الموقع، أو المعلومات التي ربما دخلوا إليها"، مؤكدة أنها اتخذت خطوات مهمة، للحد من الوصول إلى الأنظمة والأدوات الداخلية".
أما جاك دورسي، الرئيس التنفيذي لتويتر، فقد وصف في تغريدة له مساء الأربعاء ما جرى بأنه "يوم صعب بالنسبة لنا على تويتر. نشعر جميعاً بأن هذا حدث مروع. نحن نقوم بالتشخيص وسنشارك كل ما في وسعنا عندما يكون لدينا فهم أكمل لما حدث بالضبط".
يذكر أنه من بين أصحاب الحسابات الرسمية مشاهير وصحفيون ووكالات أنباء إضافة إلى حكومات وسياسيين ورؤساء دول وخدمات طوارئ، منهم جيف بيزوس مؤسس أمازون، ورجل الأعمال وارن بافيت، وكذلك بيل جيتس المؤسس المشارك لمايكروسوفت وحسابات شركتي أوبر وأبل. كما تعرضت للاختراق أيضا حسابات هيئات تعتمد على العملة الرقمية.
ما أن شاع خبر هذه القرصنة حتى هوى سهم تويتر بنسبة 4% في التعاملات الإلكترونية في وول ستريت بعد إغلاق جلسة التداولات، حيث انخفضت بذلك القيمة السوقية لشركة "تويتر" بنحو مليار دولار خلال ساعة من التداولات.
وسارع كاميرون وينكليفوس، الشريك المؤسس في شركة "جيميني" للتبادلات بالعملات الرقمية، إلى التحذير من عملية القرصنة هذه. وقال في تغريدة على حسابه الرسمي في تويتر: "هذه عملية احتيال، لا تشتركوا فيها!".
في حين ذكرت تعليقات ومنشورات على تويتر أنّ آلاف الدولارات بعملة البيتكوين أرسلها على الأرجح من وقعوا ضحية هذه العملية الاحتيالية.
يذكر أنه لم يتضح بعد الجهات التي تقف وراء هذه العملية، كما لم يُكشف عن حجم الخسائر التي وقعت نتيجة هذا الهجوم.