رضخت بريطانيا الثلاثاء، 14 يوليو/تموز 2020، للضغوط الأمريكية، ووافقت على الاستغناء التدريجي عن شركة الاتصالات الصينية العملاقة هواوي في موضوع شبكة الجيل الخامس، رغم تحذيرات بكين لها من إجراءات انتقامية.
بينما دعت شركة هواوي الصينية الحكومة البريطانية لإعادة النظر في قرارها فرض حظر على شراء معدات شبكة الجيل الخامس منها، معتبرة أن الإجراء "محبط" و"مسيّس".
ضغوط ترامب نجحت: يمنح القرار البريطاني إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انتصاراً كبيراً في معركتها الجيوسياسية والتجارية مع الصين.
لكنَّ القرار البريطاني يهدد بإلحاق مزيد من الأضرار بعلاقات بريطانيا مع القوة الآسيوية العملاقة، ويحمل كلفة كبيرة لمقدمي خدمات الهاتف المحمول في المملكة المتحدة، الذين يعتمدون على معدات هواوي منذ ما يقرب من 20 عاماً.
إذ أعلن وزير الرقمنة البريطاني أوليفر دودن عن القرار خلال جلسة للبرلمان الثلاثاء، بعد أن ترأس رئيس الوزراء بوريس جونسون اجتماعات مع حكومته ومجلس الأمن القومي.
كما أبلغ دودن النواب "من نهاية هذا العام، على مزودي الاتصالات عدم شراء أي من معدات الجيل الخامس من هواوي".
قرار "مسيّس": قال المتحدث باسم الشركة الصينية في بريطانيا إيد بروستير "للأسف مستقبلنا في بريطانيا بات مسيساً، الأمر متعلق بالسياسة التجارية الأمريكية وليس الأمن". وتابع: "هذا القرار محبط، إنه خبر سيئ لأي شخص في بريطانيا ولديه هاتف نقّال".
تتطلب المبادئ التوجيهية الجديدة أيضاً نزع جميع معدات هواوي الحالية بنهاية عام 2026.
أوردت تقارير أنّ شركة هواوي تضغط من أجل سريان الحظر الكامل بعد الانتخابات العامة، المقرر إجراؤها في عام 2024 على أبعد تقدير، والتي يمكن أن تؤدي إلى وصول حكومة جديدة إلى السلطة تتبنى نهجاً أكثر تعاطفاً.
العقوبات الأمريكية: أثار جونسون غضب ترامب، وأزعج بعض أعضاء حزبه المحافظ، من خلال السماح للشركة الصينية الرائدة في مجال شبكات الجيل الخامس بالمساعدة في نشر شبكة البيانات الجديدة السريعة في بريطانيا، في يناير/كانون الثاني.
كانت بريطانيا حينها تستكمل خروجها المضطرب من الاتحاد الأوروبي، وتتطلع إلى علاقات قوية مع الاقتصادات الآسيوية القوية، التي يمكن أن تحقق رؤية جونسون لـ"بريطانيا العالمية".
لكن إدارة ترامب أبلغت الحكومة البريطانية أن قرارها عرَّض تبادل المعلومات الاستخباراتية بين البلدين للخطر، ويمكن أن يؤدي حتى إلى نقل بعض الطائرات الأمريكية المقاتلة من إنجلترا.
مخاوف من التجسس: تعتقد واشنطن أن الشركة الصينية الخاصة يمكنها إما التجسس لمصلحة بكين وإما إغلاق شبكات الجيل الخامس للدول المنافسة في أوقات الحرب. ونفت هواوي هذه الاتهامات مراراً، وأشارت إلى عقدين من التعاون مع وكالات الأمن البريطانية، التي تحقّقت من سلامة شبكات الجيلين الثالث والرابع الحالية.
اضطرت لندن إلى مراجعة عقودها مع هواوي بسبب العقوبات الأمريكية الجديدة، في مايو/أيار، والهادفة لمنع هواوي من تطوير أشباه النواقل في الخارج بالاعتماد على التكنولوجيا الأمريكية.
لكنّ العقوبات الجديدة أثارت احتمال اضطرار هواوي إلى التحول من موردين أمريكيين موثوق بهم، إلى بدائل لا يمكن ضمان سلامتها من قبل وكالات الأمن البريطانية.
تحذير من انقطاع في الخدمة: ويتعرّض جونسون لضغوط سياسية متزايدة للاستغناء عن هواوي وتبنّي خط أكثر صرامة مع الصين، بسبب سياستها في هونغ كونغ، وقمع أقلية الإيغور المسلمة في منطقة شينجيانغ في غربي الصين.
لكنّ جونسون تعهّد أيضاً، في العام الماضي، بتوفير تقنية النطاق العريض لجميع البريطانيين بحلول العام 2025. وتتواجد معدات هواوي في كل مكان في شبكات الجيل الثالث والجيل الرابع القديمة في بريطانيا.
تعتبر الشركة الصينية أن شبكات الجيل الخامس ستصبح أكثر أهمية مع تحول العالم إلى العمل في المنزل بسبب فيروس كورونا المستجد. وحذّرت شركات الاتصالات البريطانية من أن التخلص من جميع معدات هواوي الحالية قد يكلفها مليارات، وقد يستغرق تنفيذه سنوات.
كما أثار الرئيس التنفيذي لشركة الاتصالات البريطانية، فيليب يانسين، احتمال تعرض بريطانيا "لانقطاعات" في الخدمة. وأقرّ دودن الثلاثاء بأن القرار الجديد يعني أن مزيداً من البريطانيين سيضطرون للانتظار أكثر للدخول بشكل كامل على الشبكة الجديدة السريعة.
قال "هذا يعني تأخيراً تراكمياً في نشر شبكة الجيل الخامس من سنتين إلى ثلاث، وكلفة تصل إلى 2 مليار جنيه إسترليني (2,5 مليار دولار)"، واعترف بأن القرار "ستكون له تبعات حقيقية على الاتصالات"، التي يعتمد عليها الجميع.