وجهت ييلينا سيلكوفا، النائب المستقل في مجلس النواب الروسي، اتهاماتٍ بالتزوير والاختلاس لمسؤولي الإسكان في العاصمة موسكو، بزعم استخدام حبر سري لتعديل عقود الإسكان، ما نتج عنه اختلاس الأموال من ميزانية المدينة، في واقعة "ترسّخ لثقافة الفساد في البلاد"، وفق تعبير النائبة.
وفق تقرير لصحيفة The Times البريطانية، الثلاثاء 14 يوليو/تموز 2020، فإن النائبة البرلمانية نشرت مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، أظهر كيف اختفت أرقام متعلقة بعقد تركيب مصعد جديد في أحد المباني السكنية عندما اشتعلت النار فيه. إذ قُدرت تكاليف العمل في المصعد رسمياً بنحو 6.2 مليون روبل (29 ألف جنيه إسترليني).
خطة الاختلاس: قالت سيلكوفا إنه من المرجح أن مسؤولين في الوكالة الحكومية المسؤولة عن إصلاحات الإسكان خططوا لمحو المبلغ واستبداله برقم جديد أعلى بكثير، بعد أن كان أعضاء المجلس قد أقروا المبلغ المخصص، وأضافت: "كان بإمكانهم كتابة أي سعر يريدونه".
تشتبه سيلكوفا في أن الفرق بين المبلغين كان سيجري تقسيمه بين المسؤولين والشركة التي جرى التعاقد معها للقيام بالعمل، وقالت إن هذه ليست المرة الأولى التي يستخدم فيها مسؤولو الإسكان حبراً سرياً للإفلات بحيل كهذه.
كانت سيلكوفا واحدة من أعضاء المعارضة المستقلين الذين فاجأوا الكرملين بالفوز في إحدى أغنى دوائر موسكو في الانتخابات المحلية في عام 2017.
مع أن أعضاء المجلس ليس لديهم سوى القليل من السلطة السياسية، فإنهم أبدوا حرصاً على فضح الفساد وممارساته في دوائرهم.
كيف اكتشفت الأمر؟ تقول سيلكوفا: "عندما وصلت إلى اجتماع المجلس كان جميع أعضائه الآخرين قد وقعوا بالفعل على العقد. ولكني تشكَّكت لأن الرقم كان مكتوباً على هيئة أرقام بالحبر، بدلاً من نسخه مكتوباً بالكلمات".
تضيف أيضاً "من ثم سألت: هل هناك مدخن في القاعة؟ ثم حملت قداحة وأشعلتها أسفل العقد، لنشاهد الأرقام وهي تختفي. قال لي النواب الآخرون: (إنه مجرد حبر رديء)، لذا أخذت قلمي وأعدت كتابة الرقم بالحبر العادي".
يذكر أنه بعد تصريحات النائبة البرلمانية الروسية يُعتقد أن الشرطة تحقق في الأمر.
استشراء الفساد: من جهته، يقول إيليا ياشين، وهو سياسي روسي معارض، إن الواقعة تظهر أن الفساد يمثل مشكلة متفشية في جميع مستويات الحكومة الروسية، وأشار إلى أن "الأمر لا يقتصر على سرقة المليارات فحسب، بل ويصل إلى الاحتيال على مستوى الأحياء".
فيما يتهم المعارضون الرئيسَ الروسي بوتين وشركاءه باختلاس مبالغ فلكية من الميزانية الروسية وإيداعها في حسابات خارجية وعقارات فاخرة.
كما توجّه هذه الأحزاب المعارضة اتهامات مباشرة لحزب بوتين "روسيا الموحدة" الحاكم، برئاسة بوتين، ويلقبونه بكونه "حزب المحتالين واللصوص".
غضب من الطبقة السياسية: ففي عام 2017، اندلعت احتجاجات على مستوى البلاد بعد أن اتهم أليكسي نافالني، وهو ناشط في مكافحة الفساد، ديمتري ميدفيديف، رئيس الوزراء آنذاك، بتسلم عقارات مملوكة للدولة ويخوت وكروم عنب في توسكانا رشوةً من أباطرة مرتبطين بالكرملين، غير أن ميدفيديف أنكر هذه المزاعم.
صرّح مسؤول كبير في الشرطة، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، بأن الفساد كلف الميزانية الروسية نحو 102 مليار روبل (1,1 مليار جنيه إسترليني) في الأشهر الثمانية الأولى من عام 2019.
ديمتري سيفاستيانوف، رئيس وحدة مكافحة الفساد بوزارة الداخلية، قال إن أكثر من 3 آلاف مسؤول شاركوا في مخططات الفساد تلك. وتقول أرقام المعارضة إن التكلفة الحقيقية للفساد من المرجح أن تكون أعلى من ذلك بكثير.
جدير بالذكر أن الحبر السري يُستخدم على هذا النحو في عديد من الاستخدامات في روسيا، إذ بحسب ما ورد، فقد استُخدم في مراكز الاقتراع ليضمن المسؤولون إمكانية محو الأصوات التي يتحصل عليها مرشحو المعارضة.
وفي واقعة حدثت في عام 2011، بعد أن اشتكى أحد الناخبين، كتب مسؤول انتخابي: "لا أصدقك" على ورقة اقتراع، لإثبات أن كل شيء على ما يرام، غير أن الكلمات اختفت بعد فترة وجيزة، لتطعن في ادعاء المسؤول.