تقترح السعودية تعديل بعض قوانينها، بإلغاء عقوبة الإعدام في الجرائم المتعلقة بالمخدرات، وبعض الجرائم الأخرى غير العنيفة، في ظل سعي قيادة المملكة لتصوير نفسها على أنها معتدلة، عقب مقتل الصحفي جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بمدينة إسطنبول التركية، وهي قضية عرَّضت المملكة لانتقادات كثيرة حول العالم.
تعليق لعقوبة الإعدام: صحيفة The Times البريطانية، قالت السبت 11 يوليو/تموز 2020، إن "نشطاء علموا عبر قنوات غير رسمية، أنَّ المملكة علَّقت مؤقتاً عقوبة الإعدام في قضايا المخدرات"، بيد أنه من الصعب التأكد؛ لأنَّ عقوبة الإعدام على جميع الجرائم أُوقِفَت مؤقتاً خلال فترة الإغلاق المرتبطة بجائحة فيروس كورونا المستجد، ولم تُنفَّذ سوى 12 عقوبة إعدام خلال العام الجاري، مقارنة بـ185 عقوبة في 2019.
أوضحت الصحيفة أن نقاشاً يدور في مجلس الشورى، وهو الهيئة الاستشارية الرئيسية للأسرة الحاكمة، حول إلغاء عقوبة الإعدام، أما الصوت الذي يقود دعم تغيير القانون فهو فيصل الفضل، وهو محامٍ تلقَّى تعليمه في بريطانيا، وعضو في المجلس، ويرأس إحدى لجانه الرئيسية.
وسائل إعلام سعودية كانت قد نقلت عن الفضل قوله إنَّ "المسألة ملحة"، مضيفاً: "سيؤدي ذلك إلى تحسين سمعة [المملكة] وسِجِلها في مجال حقوق الإنسان، بالإضافة إلى تعزيز التواصل مع دول العالم الأخرى والمنظمات الدولية لحقوق الإنسان".
تطبيق واسع لحكم الإعدام: يُقسِّم نظام القانون الجنائي السعودي الجرائم إلى فئتين: الأولى تحدد عقوباتها الشريعة الإسلامية -وهي جرائم القصاص والحدود- والأخرى تكون عقوباتها تقديرية، والمعروفة باسم جرائم التعزير، وتستتبع جرائم القصاص عقوبات يمكن إلغاؤها إذا عفا الضحايا أو أسرهم عن الجاني، أما جرائم الحدود فنافذة.
لكن مع ذلك، تُطبَّق عقوبة الإعدام على نطاق واسع في السعودية في جرائم التعزير، بما في ذلك تهريب المخدرات، وقد أدَّى ذلك إلى خلق وضع يُطلَق فيه سراح القتلة أو يُحكَم عليهم بالسجن المخفف بعد العفو عنهم، في مقابل دفع تعويضات لعائلات الضحايا، في حين تُقطَع رؤوس المدانين بارتكاب جرائم مخدرات بسيطة نسبياً.
وأكدت مصادر للصحيفة البريطانية، أنَّ الصيغة النهائية لقانون إلغاء عقوبة الإعدام في قضايا التعزير غير العنيفة لم تصدر بعد.
لكن جيمس سوزانو، محامٍ في المنظمة الأوروبية السعودية لحقوق الإنسان، صرَّح بأنه أُبلِغ أنَّ طلب الوقف المؤقت لعقوبة الإعدام على جرائم المخدرات جاء من ولي العهد نفسه، وأشار إلى أنه من الملاحظ أن "هذا الطلب جاء قبل نقاش مجلس الشورى نفسه".
كان الأمير محمد بن سلمان قد تعهّد بمراجعة استخدام عقوبة الإعدام ضمن حزمة الإصلاحات التي تباهى بها كثيراً، والتي حدَّد خطوطها العريضة بعد أن وصل إلى السلطة بتتويج والده ملكاً على السعودية. ومنذ ذلك الوقت أُعدِم نحو 300 شخص بتهم تتعلق بالمخدرات، ثلاثة أرباعهم من الأجانب.
في هذا السياق قالت منظمة Reprieve، التي تتخذ من لندن مقراً لها وتحارب ضد عقوبة الإعدام، إن ما يقرب من نصف عمليات الإعدام في المملكة في عام 2019 كانت بسبب جرائم مخدرات، وقال شريف عازر، رئيس قسم الشرق الأوسط بالمنظمة، إن "إلغاء عقوبة الإعدام لهذه الجرائم سيكون خطوة إيجابية، لكن الحديث شيء وتعديل القانون شيء آخر".