قال مايك روبسون، ممثل "منظمة الأغذية والزراعة" (الفاو) التابعة للأمم المتحدة، بسوريا، إن دمشق قد تواجه أشد نقص في الخبز منذ اندلاع الحرب بسوريا قبل عشر سنوات، مشيراً إلى أن "ثمة أدلة بالفعل على أن بعض الناس بدأوا في تخفيض حصصهم"؛ لعجزهم عن توفيرها.
وفق تقرير لصحيفة voanews الأمريكية، الجمعة 10 يوليو/تموز 2020، فإن هذه التوقعات المرتبطة باحتمال حدوث نقص حاد في القمح، تأتي بالنظر إلى أن حصاد القمح السوري لن يبدأ إلا مع أواخر مايو/أيار المقبل، وأن محصول القمح العام الماضي لم يبلغ سوى أقل من نصف أرقام ما قبل الحرب.
مهددة بكارثة: روبسون صرح في المناسبة ذاتها، قائلاً: "إذا استمر الضغط الواقع على العملة، فستزداد صعوبة الحصول على الواردات، وربما تشهد الأشهر التي تسبق محصول القمح 2021، نقصاً حقيقياً".
مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة، كان قد ذكر في مارس/آذار، أن النقص المحتمل سيضر أيما ضرر بالسكان المحاصَرين بالفعل في سوريا، حيث ما يقرب من 8 ملايين شخص –من أصل 19 مليون نسمة- يعيشون دون إمدادات غذائية موثوقة، ويعاني 500 ألف طفل أمراضَ سوء التغذية المزمنة.
حاولت حكومة بشار الأسد تقنين عمليات توزيع الخبز في أبريل/نيسان بواسطة نظام البطاقة الذكية، الذي يسمح للناس بشراء سلع مدعومة حكومياً من تجار تجزئة معتمدين كل شهر.
على الرغم من ذلك، فإن توزيع الخبز عن طريق النظام متاحٌ فقط بالعاصمة دمشق ومحافظة ريف دمشق الواقعة في جنوب غربي سوريا.
مصائب متتالية: يأتي النقص الحاد في الخبز ليضاعف المشكلات المتفاقمة التي يواجهها نظام الأسد، إلى جانب الحرب التي يشنها على معارضيه، ووباء فيروس كورونا، والعقوبات واسعة النطاق التي فرضتها الولايات المتحدة على نظامه أخيراً.
إذ يستهدف قانون حماية المدنيين "قانون قيصر" الذي فرضته الولايات المتحدة ودخل حيز التنفيذ في 17 يونيو/حزيران، الشركاتِ التي تتعامل مع نظام الأسد، وعلى رأسها الشركات العاملة بقطاعات البناء والطاقة والهندسة. كما يستهدف "قانون قيصر" حلفاء نظام الأسد السلطويين في روسيا وإيران.
غير أن العقوبات، وإن انصبَّت على أهداف أخرى، فإنها تضر كذلك بحلفاء أمريكا من الأكراد في سوريا، فهم يسيطرون أيضاً على مناطق زراعة القمح الرئيسية بالبلاد.
يقول عبدالله، وهو تاجر حلويات من دمشق، في رسالة نصية لوكالة Reuters: "لطالما كنا مكتفين ذاتياً. لماذا وصلنا إلى هذه النقطة حيث سيصبح الحصول على رغيف الخبز قريباً أشبه بحلم نسعى إليه؟! لا أعرف حقاً".
أزمة غذاء غير مسبوقة: في 26 يونيو/حزيران الماضي، حذَّرت وكالات إغاثة تابعة للأمم المتحدة من أن سوريا تواجه أزمة غذاء غير مسبوقة، حيث يفتقر أكثر من 9.3 مليون شخص إلى الغذاء الكافي، في وقت قد يتسارع فيه تفشي فيروس كورونا بالبلاد رغم أنه يبدو تحت السيطرة الآن.
قال برنامج الأغذية العالمي في إفادة صحفية بجنيف، إن عدد من يفتقرون إلى المواد الغذائية الأساسية ارتفع بواقع 1.4 مليون في غضون الأشهر الستة الماضية.
وذكرت إليزابيث بايرز، المتحدثة باسم البرنامج، أن أسعار السلع الغذائية ارتفعت بأكثر من 200% في أقل من عام واحد، بسبب الانهيار الاقتصادي في لبنان المجاور، وإجراءات العزل العام التي فرضتها سوريا لاحتواء مرض كوفيد-19.
من جانبها، قالت أكجمال ماجتيموفا ممثلة منظمة الصحة العالمية لسوريا، في إفادة صحفية منفصلة، إنه بعد تسع سنوات من الصراع المسلح، يعيش أكثر من 90% من سكان سوريا تحت خط الفقر الذي يبلغ دولارين في اليوم، بينما تتزايد الاحتياجات الإنسانية.
وأضافت أنه لا يعمل إلا أقل من نصف المستشفيات العامة بسوريا، في حين لاذ نصف العاملين في المجال الطبي بالفرار منذ بدء الصراع، ويواجه الباقون "تهديداً دائماً بالخطف والقتل".