سارع كثيرٌ من سكان هونغ كونغ، الذين أصابهم القلق من دخول قانون الأمن الوطني الجديد والمثير للجدل، حيز النفاذ الأسبوع الماضي، إلى محو جميع الآثار التي تحمل أي دليل على المعارضة أو دعم مظاهرات العام الماضي، وفق تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء 8 يوليو/تموز 2020.
التقرير أوضح أنه في منتصف ليل الثلاثاء، 7 يوليو/تموز، بدا أنَّ الجدار الناري الصيني العظيم (وهو نظام ضخم يقيد استخدام الإنترنت في الدولة) وصل إلى هونغ كونغ.
قانون جديد لمراقبة المواطنين: بإزاحة الستار عن السلطات المُوسَّعة للشرطة ضمن قانون الأمن الوطني الجديد المثير للجدل، ومكَّنت حكومة هونغ كونغ الشرطة من مراقبة حرية التعبير عبر الإنترنت، وإجبار شركات خدمات الإنترنت على تسليم معلومات المستخدمين، وإغلاق منصات إلكترونية.
في هذا السياق، قال تشارلز موك، مُشرِّع مؤيد للديمقراطية يمثل قطاع التكنولوجيا، في تغريدة: "أصبح الجدارالناري العظيم أمراً واقعياً".
يثير احتمال فرض قيود على الإنترنت على طراز قيود بكين -التي لا تقيد بموجبها استخدام المواطنين للإنترنت فحسب، بل تراقبهم وتعاقبهم على ما ينشرونه وتجبر في الوقت نفسه الشركات على مراقبة منصاتها- قلق المواطنين والنشطاء والأعمال في هونغ كونغ.
صلاحيات أوسع للشرطة: يمنح القانون الجديد السلطات صلاحية مطالبة الأفراد ومقدمي الخدمات بإزالة المحتوى، أو الوصول إلى المحتوى الذي تعتبره الحكومة تهديداً للأمن القومي. ويمكن أن يؤدي عدم الامتثال إلى فرض غرامات والسجن لموظفي الشركة أو الأفراد. ويمكن كذلك للشرطة التي تحقق في قضايا الأمن القومي مراقبة الاتصالات ومصادرة الأجهزة الإلكترونية.
من جانبه، قال تشارلز لو، رئيس إدارة فرع منظمة Internet Society في هونغ كونغ: "يبدو أنَّ القانون الجديد يبني الجدار الناري في هونغ كونغ. ستنتهي الحريات الشخصية في استخدام الإنترنت. إذا قلت شيئاً خاطئاً يمكنهم أن يطلبوا من مُقدِم الخدمة إعطاءهم المُعرّف الرقمي الخاص بجهازك أو رقم هاتفك حتى يمكنهم الوصول إليك".
كيف ردت منصات التواصل الاجتماعي؟ عقب إعلان الإجراءات الجديدة في وقت متأخر من يوم الإثنين، 6 يوليو/تموز، صرَّحت شركات فيسبوك ومايكروسوفت وواتساب وجوجل وتويتر وتلغرام، وغيرها، بأنها لن تعالج مطالب الحصول على معلومات المقدمة من حكومات إلى أن تراجع القانون. أما تطبيق تيك توك، المملوك لشركة ByteDance، فقال إنه سيغادر هونغ كونغ تماماً.
قال تشارلز موك: "اعتدنا أن نكون محور إنترنت واتصالات في المنطقة. إذ نقلت الشركات خدماتها من البر الرئيسي للصين إلى هونغ كونغ، لكن هذه الأخيرة أصبحت مثل الصين؛ لذا سترحل الشركات".
أصبح المتظاهرون الذين اعتمدوا على الأدوات الرقمية في العام الماضي للتعبئة للاحتجاجات يجدون الآن أنَّ هذه المنصات نفسها يمكن استخدامها ضدهم. وانفضت بالفعل جماعات سياسية، وترك ناشطون، الذين كانوا يعبرون عن آرائهم علناً وبصراحةً في السابق، وسائل التواصل الاجتماعي بهدوء، بينما حذف آخرون التعليقات القديمة.
الحرية "تُسلب من أيدينا": قال غلاسيير كونغ، ناشط في الحقوق الرقمية: "في السابق كنا نتمتع بالحرية، لكنها الآن تُسلب من أيدينا. من المؤلم للغاية اختبار ذلك. ستقل المعلومات المتاحة للجماهير؛ لأنَّ الناس سيخشون التعبير عن آرائهم علناً. فهم يسيطرون على حرية الحوار وآراء الأشخاص، وما يفكرون به. الأمر خطير للغاية".
من جانبهم، يقول الخبراء إنَّ السبب الدقيق لهذا القانون الجديد هو أنَّ هونغ كونغ استخدمت بفعالية أدوات رقمية ضد الحكومة المدعومة من بكين لدرجة أنَّ السلطات تستهدف الآن الفضاء الإلكتروني.
كما تمكنت حركة الاحتجاجات التي اندلعت العام الماضي من تعبئة نفسها بدون قادة من خلال منصات مثل منتدى LIHKG وتطبيق المراسلة تلغرام -وعلى درجة من التنظيم حاولت بكين الإشارة إليه على أنه دليل على مزاعمها بأنَّ المظاهرات من تدبير قوات أجنبية.
علَّقت إليز توماس، الباحثة في معهد السياسات الاستراتيجية الأسترالي: "يرجع الأمر إلى مدى الكفاءة التي وظفت بها هونغ كونغ الإنترنت. ولكي تقمع الاحتجاجات، عليك أن تنزع منها أدواتها".