قال الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، السبت 4 يونيو/حزيران 2020، إن بلاده منفتحة على أي مبادرة لتجاوز الأزمة مع الجارة المغرب، معتبراً بأن "الجزائر ليست لديها أية مشاكل مع إخواننا المغاربة"، مشيراً إلى أن الرباط يمكنها "أن تطلق أية مبادرة من أجل إنهاء الأزمة".
الرئيس الجزائري، وفي مقابلة مع قناة "فرانس 24" الحكومية الفرنسية، رد على سؤال بخصوص العلاقات مع المغرب، بالقول إنه: "ليس لدينا أي مشكل مع إخوتنا المغاربة، ويبدو أنهم هم من لديهم مشكلة معنا".
كما سئل تبون عن معلومات متداولة بشأن قرار بلاده بإنشاء قاعدتين عسكريتين على الحدود مع المغرب رداً على مشروع مماثل من الرباط، فرد: "لا أؤكد ولا أنفي ذلك".
وتابع مؤكداً: "إذا كانت هناك مبادرة من الإخوة المغاربة لتجاوز التوتر، سنرحب بها بالتأكيد، وأظن أنهم يمكنهم إطلاق هذه المبادرة لإنهاء هذه المشاكل".
أما بخصوص مستقبل العلاقات قال تبون: "لحد الآن التوتر ما زال لفظياً، ونرى أن الأشقاء المغاربة مروا إلى مرحلة أخرى، ونتمنى أن تتوقف الأمور عند هذا الحد (..) صوت العقل كان دائماً الأعلى في علاقات البلدين".
سياق متوتر: تصريح تبون، يأتي في الوقت الذي عادت فيه العلاقات بين البلدين إلى التوتر من جديد، آخره "حرب البلاغات" بين البلدين، وواقعة تصريح نسب إلى قنصل المغرب في وهران (شرق الجزائر)، والتي قال فيها لمغاربة مقيمين في الجزائر، "إننا في بلد عدو".
يأتي ذلك، على الرغم من إرسال العاهل المغربي، محمد السادس، برقية تهنئة إلى تبون، في ديسمبر/كانون الأول 2019، بمناسبة توليه منصبه رئيساً للجزائر، ودعاه فيها إلى "فتح صفحة جديدة في علاقات البلدين على أساس الثقة المتبادلة والحوار البناء".
وخلال الأسابيع الماضية، تجددت توترات سياسية ودبلوماسية بين الجزائر والمغرب، على خلفية تصريح لدبلوماسي مغربي وصف الجزائر بأنه "بلد عدو".
وفي مايو/أيار الماضي، تناقلت وسائل إعلام جزائرية وشبكات التواصل الاجتماعي، مقطعاً يظهر لقاء قالت إنه للقنصل المغربي في وهران (شمال غرب الجزائر) مع أفراد الجالية المغربية أمام مقر القنصلية بالمدينة.
في سياق دعوته الجالية إلى مغادرة المكان، برر القنصل طلبه بالقول: "تعرفون أننا على أرض بلد عدو"، وبعدها طالبت الجزائر بسحب القنصل وهو ما قامت به الرباط.
تراشق بالبلاغات: الخميس 11 يونيو/حزيران 2020، أصدرت الخارجية الجزائرية، بلاغاً جديداً، بخصوص قضية القنصل المغربي في وهران (غربي الجزائر)، أكدت فيه أن "الجزائر طلبت إنهاء مهام القنصل المغربي وعودته إلى بلاده"، وذلك رداً على آخر تصريحات صدرت من وزير الخارجية المغربي، ناصر بوريطة.
تعود تفاصيل الأزمة إلى منتصف مايو/أيار الماضي، عقب انتشار مقطع فيديو، بشكل واسع، على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب والجزائر، يظهر فيه القنصل المغربي في وهران، بوطاهر أحرضان، ويصف الجزائر بـ"البلد العدو"، خلال حديث له مع رعايا مغاربة عالقين في الجارة الشرقية، وهو المقطع الذي وصفه القنصل بـ"المفبرك".
في بيان للناطق الرسمي باسم الخارجية الجزائرية، نقلته صحيفة "النهار" الجزائرية، أكدت الجزائر أن البيان جاء على خلفية "تصريحات وزير الخارجية المغربي لوكالة المغرب العربي للأنباء، والتي مفادها أن استدعاء القنصل العام المغربي جاء بمبادرة صرفة من الطرف المغربي".
قال البيان، إن "الجزائر تعاملت وفقاً للأعراف الدبلوماسية المعمول بها دولياً في قضية الانزلاق الخطير الذي أقدم عليه القنصل العام المغربي".
قبل أن يضيف: "الجزائر خاطبت الطرف المغربي بلغة مناسبة لا تحتمل تأويلاً آخر غير إنهاء مهام قنصل المغرب وعودته إلى بلاده".
امتعاض مغربي: قبل هذا البلاغ بيومين اثنين، عبّر المغرب عن امتعاضه من تصريح وزير الخارجية الجزائري، بخصوص طرد القنصل المغربي من الجزائر، مؤكداً أنه هو من وجَّه إليه الدعوة.
هذا الموقف عبَّر عنه وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة، في تصريحات نقلتها صحيفة "هسبريس"، قال فيها إن المغرب "ممتعض إزاء الادعاءات الصادرة عن ممثل مؤسسة يُفترض فيها أن تتحلى بحسن تقدير الأمور وضبط النفس".
بوريطة أضاف في التصريح نفسه، أن "المغرب يتساءل عن الدوافع الحقيقية وراء هذا التصعيد الجديد والإرادة المستمرة للجزائر في تغذية مناخ من الارتياب يسير عكس كل قواعد حسن الجوار".
كما تابع الوزير أن "المغرب يرفض هذه الادعاءات السخيفة التي لا أساس لها من الصحة. فالقنصل العام للمملكة في وهران هو إطار بالوزارة، وله مسار مهني يمتد لـ28 سنة، سواء في المصالح المركزية أو في عدة مناصب بالخارج".
في هذا الصدد، تضيف الصحيفة نفسها، ذكر بوريطة أنه "حرصاً منا على الحفاظ على الهدوء في العلاقات الثنائية، لا سيما في خضم السياق الإقليمي والدولي الصعب في ظل تفشي جائحة كوفيد-19، بادرت إلى الاتصال بنظيري الجزائري؛ لأبلغه أنه بغض النظر عن مدى صحة الأقوال المنسوبة إلى القنصل، فقد قرر المغرب استدعاءه فوراً".
كما أوضح أن "استدعاء القنصل جاء بمبادرة حصرية من المغرب ولو أن القنصل ظل على الدوام يؤدي مهامه بطريقة مناسبة ومهنية تماماً".