رفعت الحكومة اللبنانية، الثلاثاء 30 يونيو/حزيران 2020، سعر ربطة الخبز المدعوم جزئياً زنة 900 غرام إلى 2000 ليرة، من مستواه قبل أزمة أكتوبر/تشرين الأول 2019، البالغ 1500 ليرة. يأتي ذلك في الوقت الذي يشهد لبنان منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أزمة مالية تسببت في إغلاق شركات وقفزة في الأسعار والبطالة.
الليرة اللبنانية المربوطة رسمياً عند 1500 دولار خسرت أكثر من 80% من قيمتها، منذ أكتوبر/تشرين الأول، ويجري تداولها الآن في السوق السوداء عند حوالي 9000 ليرة مقابل الدولار، بعد انخفاضات حادة في الأيام القليلة الماضية.
قرار حكومي: في تصريح نقلته صحيفة "لبنان24"، الثلاثاء، أعلن وزير الاقتصاد اللبناني راوول نعمة أنّه سيُصدر قراراً غداً برفع سعر ربطة الخبز 900 غ إلى 2000 ليرة لبنانية.
وفق الصحيفة نفسها، فإن "نعمة" قال بعد جلسة مجلس الوزراء: "ابتداء من الغد يُصبح سعر ربطة الخبز الأبيض الـ900 غ 2000 ليرة لبنانية، فيما يبقى سعر ربطة الـ400 غ 1000 ليرة لبنانية".
المسؤول الحكومي نفسه أكد أيضاً أن "الوزارة قامت بإعداد جدول أسعار للخبز مفصل، وتأكدت من المستندات التي على أساسها ستتوصل إلى حل"، كما شدَّد على أن الحومة ستراقب "بشكل مستمر سعر الربطة وأسعار بقية المنتجات في الأفران".
أما بخصوص الدقيق، فإن الوزير اللبناني أكد أن البلاد "تتوفر عليه بوفرة، ولا حاجة إلى تخزينه في البيوت".
الخبز بعد العملة: في الأيام القليلة الماضية اصطفّ اللبنانيون في طوابير عند المخابز، مع توقف أصحابها عن بيع خبزهم إلى المتاجر، مشتكين من أن تكاليف إنتاجهم تضخّمت بسبب الهبوط السريع في قيمة الليرة.
يأتي هذا في الوقت الذي تهدد فيه المخابز أيضاً بوقف توزيع الخبز، قائلة إنها تخسر أموالاً.
كما أثارت أزمة الخبز المزيد من الاحتجاجات المناهضة للحكومة يومي السبت والأحد، قام خلالها المتظاهرون بإغلاق طرق سريعة رئيسية في أرجاء البلاد.
مباشرة بعد هذا القرار، الذي أعلنت عنه الحكوم اللبنانية، عبّر اللبنانيون عن غضبهم واستيائهم على مواقع التواصل الاجتماعي، من اتخاد قرارات تمسّ جيب وقوت المواطن.
ووجَّه العديد من اللبنانيين، عبر تغريدات على "تويتر"، الاتهامَ للحكومة بتجويع اللبنانيين، بعد قرار رفع سعر الخبز، بدل إيجاد حلول بديلة لأزمة انهيار الليرة، والأزمة الاقتصادية التي تهدد استقرارالبلاد.
أزمة الليرة، ثم أزمة الخبز، تعتبران أسوأ تهديد لاستقرار لبنان منذ الحرب الأهلية التي عصفت به في الفترة من 1975 وحتى 1990.
كما يُبقي البلدُ المثقلُ بالديون على سعر الربط الرسمي للعملة عند 1507.5، لكن الدولارات عند هذا المستوى متاحة حصرياً لواردات الوقود والأدوية والقمح.
التقشف يصل الجيش: الثلاثاء أيضاً، قالت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام، إن الجيش اللبناني ألغى مادة اللحوم كلياً من الوجبات التي يقدمها للعسكريين أثناء وجودهم في الخدمة، بسبب أسوا أزمة اقتصادية ومالية تمر بها البلاد.
جاء في القصاصة أنه "بسبب الأوضاع المعيشية الصعبة التي يعانيها لبنان، ألغت المؤسسة العسكرية التي تعاني الأوضاع الاقتصادية الصعبة نفسها، مادة اللحم كلياً من الوجبات التي تقدم للعسكريين أثناء وجودهم في الخدمة".
كما أقفلت العديد من محلات الجزارة أبوابَها في لبنان، بسبب ارتفاع أسعار اللحوم المستوردة عادة من الخارج بالعملة الصعبة.
مع ازدياد شح الدولار، تراجعت الليرة اللبنانية منذ العام الماضي حوالي 80%، مقارنة بالسعر الرسمي المربوط عند 1507.5، والمتاح حالياً للواردات الحيوية فقط، وهي الوقود والأدوية والقمح. وأثار انخفاض حاد جديد للعملة هذا الشهر احتجاجات جديدة في مختلف أنحاء المدن اللبنانية.
سعى المصرف المركزي لتحقيق الاستقرار لسعر الصرف في مكاتب الصرافة، عبر تحديد سعر موحد معها كل يوم، مع معاقبة المتعاملين غير الملتزمين. وكان ذلك السعر المعلن 3850 للشراء، و3900 للبيع، اليوم.
رغم ذلك، لا يزال المستوردون يقولون إنهم يجدون أن الحصول على دولارات شبه مستحيل.
هذا، وتقلصت الرواتب بالعملة المحلية وفقدت قيمتها، بحيث بات الجندي في الجيش اللبناني الذي كان يتقاضى 1.2 مليون ليرة، أي ما كان يعادل 800 دولار حسب السعر الرسمي المقدر بمبلغ 1517، بات الآن راتبه يقدر بنحو 130 دولاراً، حسب أسعار الصرافة في السوق السوداء.
كما قفزت معدلات التضخم والبطالة والفقر، وتحاول الحكومة الحصول على دعم من صندوق النقد الدولي للخروج من الأزمة، التي تعد أكبر تهديد لاستقرار لبنان منذ حربه الأهلية.