وثيقة سرية تكشف كيف ورط الأمريكيون الملكة إليزابيث في انقلاب وقع قبل 67 عاماً في إيران

كشفت وثيقة سرية تعود لأكثر من 67 عاماً وأفرج عنها مؤخراً كيف أدى خطأ دبلوماسي أمريكي إلى تورط اسم الملكة البريطانية إليزابيث، في الانقلاب الذي أطاح بالحكومة الإيرانية في عام 1953.

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/06/12 الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/06/12 الساعة 14:00 بتوقيت غرينتش
الملكة إليزابيث/ رويترز

كشفت وثيقة سرية تعود لأكثر من 67 عاماً وأفرج عنها مؤخراً كيف أدى خطأ دبلوماسي أمريكي إلى تورط اسم الملكة البريطانية إليزابيث، من دون قصد، في الانقلاب الذي أطاح بالحكومة الإيرانية في عام 1953، حسبما يقول تقرير لصحيفة the times البريطانية نشر الجمعة 12 يونيو/حزيران 2020.

التقرير أوضح أن اسم الملكة استُخدم لإقناع الشاه بعدم الفرار من البلاد في الوقت الذي تآمرت فيه بريطانيا وأمريكا لإسقاط محمد مصدق، رئيس الوزراء، وعودة الشاه إلى الحكم. لكن الواقع أن الملكة لم يكن لها علاقة بالمؤامرة، التي أفضت إلى توتر العلاقات البريطانية مع إيران منذ ذلك الحين.

فيلم وثائقي يكشف الخطأ: يتناول فيلم وثائقي أنتجته قناة Channel 4 البريطانية، الوثائق التي كُشف النقاب عنها مؤخراً، والتي تشي المعلومات المذكورة فيها بأن اسم "الملكة" وردَ استخدامه فقط لأن الأمريكيين عجزوا عن التفريق بين "الملكة إليزابيث"، التي كانت تبلغ من العمر 26 عاماً آنذاك وكانت تولت العرش منذ عام واحد فقط، وبين السفينة RMS Queen Elizabeth المسماة على اسم "الملكة إليزابيث"، وهي سفينة عابرة للمحيطات مملوكة لشركة النقل البحري البريطانية "كونارد لاين"، كان وزير الخارجية البريطاني أنطوني إيدن يسافر على متنها في ذلك الوقت.

لكن، وفي غضون ساعات من إقناع الشاه بالبقاء، أدرك الدبلوماسيون الأمريكيون خطأهم، لكنهم قرروا عدم إخبار البريطانيين.

بريطانيا لم تعلم شيئاً: يقول ريتشارد ألدريتش، أحد المؤرخين الذين شاركوا في الكشف عن الوثائق الأساسية، إن الحكومة البريطانية –والعائلة المالكة" لم تعرف سوى الآن بالواقعة التي أُسيء استخدام اسم الملكة فيها. 

كما أضاف البروفيسور ألدريتش، الذي عثر على البرقية التي أخطأت استخدام اسم الملكة في الأرشيف الوطني في واشنطن: "خلال 40 عاماً من عملي مؤرخاً، كانت تلك المجموعة الأكثر إذهالاً لي من بين كل الوثائق التي رأيتها على الإطلاق".

كيف وقع ذلك؟ بالعودة إلى عام 1953، كانت بريطانيا والولايات المتحدة تخططان لإسقاط مصدق وتثبيت الشاه محمد رضا في الحكم، والذي تولى بعد إجبار والده رضا بهلوي على التخلي عن الحكم في عام 1941. 

مع ذلك، فإن محمد رضا كان شديد القلق حيال ما يجري، في الوقت الذي كانت فيه بريطانيا تحاول الحفاظ على مصالحها النفطية، وكانت أمريكا تبذل جهدها لإقناعه بالبقاء.

أمَّا وزير الخارجية البريطاني، أنطوني إيدن، فكان مسافراً على متن السفينة التي تحمل اسم "الملكة إليزابيث"، وأرسل برقية إلى الأمريكيين في فبراير/شباط 1953، يحثّهم فيها على الضغط على الشاه للبقاء.

بعدها وردت برقية أمريكية في 27 فبراير/شباط 1953 إلى السفير الأمريكي في طهران، لوي هندرسون، الذي كان يمثل المصالح البريطانية أيضاً، تقول: "أبلغتنا وزارة الخارجية ظهر اليوم، بأن وزير الخارجية البريطاني أنطوني إيدن استلم رسالة من الملكة إليزابيث، تعرب فيها عن قلقها بشأن التطورات الأخيرة المتعلقة بالشاه وأملها القوي في إيجاد بعض الوسائل التي يمكن بها ثنيه عن مغادرة البلاد".

علاقة خاصة بين الملكة والشاه: سارع السفير الأمريكي، بناءً على البرقية، إلى الاجتماع بحاشية الشاه، في الوقت الذي كان يستعد حاكم البلاد للفرار، ليصف بعد ذلك في برقية أخرى كيف أنه أخبر مستشاري الشاه بأن "مصلحة البلاد" تستلزم منه أن يبقى فيها.

يشير هندرسون في برقيته إلى أن "طلب من مستشار الشاه أن يخبره أنه تلقى للتو رسالة تشير إلى أن شخصاً مهماً للغاية ويكن له الشاه مشاعر ودية للغاية، قد أعرب أيضاً عن جزيل أمله في أن يحجم الشاه عن قرار مغادرة البلاد".

يقول البروفيسور ألدريتش إنه ليس هناك شك في أن الشاه كان سيأخذ هذا التلميح إلى أنه إشارة إلى الملكة.

كان الشاه محمد رضا بهلوي قد التقى الأميرة إليزابيث، عندما أقام لفترة في قصر باكنغهام في عام 1948. ويقول ألدريتش إن "الأمر كان بالغ الأهمية لأنه لم يكن من الممكن أن يحدث انقلاب لتثبيت الشاه في السلطة في الوقت الذي يكون الشاه نفسه قد فرّ من البلاد".

تستر أمريكي على الخطأ: في اليوم التالي، أدرك الأمريكيون أنهم أخطأوا. وتقول برقية تعود إلى وزارة الخارجية الأمريكية: "اسم (الملكة إليزابيث) في البرقية يشير بالتأكيد إلى اسم السفينة وليس إلى الملكة إليزابيث".

بعدها، أُرسلت برقية أخرى إلى جون فوستر دالاس، وزير الخارجية الأمريكي في عهد أيزنهاور، يقول مضمونها: "نأسف بشدة" لعدم وضوح الرسالة التي وردت إلى هندرسون واحتمال "الإساءة إلى اسم الملكة"، وأضافت البرقية: "في ضوء إشارة هندرسون، بطريقة مواربة إلى الشخص ذي الصلة، فإن السفارة لا توصي بـ[إبلاغ] البريطانيين بالحادثة ما لم تر وزارة الخارجية أو السفارة [في] طهران أن ذلك هو الخيار الأفضل".

أُزيح مصدق عن الحكم في أغسطس/آب 1953، وحكم عليه بالسجن الانفرادي لمدة ثلاث سنوات، ليظل قيد الإقامة الجبرية حتى وفاته عام 1967.

تحميل المزيد