ذكرت المحكمة الجنائية الدولية، الخميس 11 يونيو/حزيران 2020، أن موافقة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على فرض عقوبات اقتصادية وحظر سفر على موظفيها يصل إلى حد التهديد والإكراه، وهو "محاولة غير مقبولة للتدخل في حكم القانون" في وقت تدعم فيه العفو الدولية تنديد الجنائية لقرار واشنطن واصفة إياه "بالمعرقل للعدالة" أما إسرائيل فأبدت دعمها لقرار الرئيس الأمريكي.
أضافت الجنائية الدولية أنها تساند موظفيها ومسؤوليها، ووصفت العقوبات الأمريكية بأنها أحدث هجوم في سلسلة هجمات "غير مقبولة" على المحكمة.
"هيومن رايتس ووتش" تعلق: من جهتها اعتبرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" الإجراءات التي أعلنتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ضد المحكمة الجنائية الدولية (ICC) "تصعيداً لجهود واشنطن الرامية لعرقلة العدالة أمام ضحايا الجرائم الخطيرة".
"هيومان رايتس ووتش" الحقوقية الدولية، التي تتخذ من واشنطن مقراً لها، أوضحت في بيان لها أن "إدارة ترامب سبق أن هددت مراراً وتكراراً بعرقلة تحقيقات للمحكمة الجنائية الدولية في أفغانستان وفلسطين".
ريتشارد ديكر، مدير إدارة العدل الدولي في هيومن رايتس ووتش، قال: "تجميد الأصول وحظر السفر ينبغي أن يكونا لمنتهكي حقوق الإنسان، وليس أولئك الذين يسعون لتقديم منتهكي الحقوق إلى العدالة"، مضيفاً: "من خلال استهداف المحكمة الجنائية، تواصل إدارة ترامب هجومها على سيادة القانون في العالم، مما يضع الولايات المتحدة إلى جانب أولئك الذين يرتكبون الانتهاكات والتستر عليها".
كما أشار ديكر إلى أن "الولايات المتحدة سبق أن أجرت بعض التحقيقات المحدودة في الانتهاكات المزعومة من قِبل أفراد أمريكيين في أفغانستان".
واستطرد قائلاً: "لكن كبار المسؤولين المدنيين والعسكريين الذين يمكن أن يتحملوا المسؤولية عن التصريح بهذه الانتهاكات، أو عدم المعاقبة عليها، لم تتم محاسبتهم أمام أي محكمة أمريكية".
إسرائيل ترحب بالقرار: أما إسرائيل فرحبت بقرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض عقوبات على مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية.
نتنياهو قال في بيان صادر عن مكتبه: "أهنئ الرئيس ترامب ووزير خارجيته بومبيو؛ على قيادتهما الشجاعة التي تمثلت بفرض عقوبات على المحكمة الجنائية الدولية الفاسدة والمنحازة" وهاجم نتنياهو المحكمة واصفا إياها بـ"السخيفة".
مضيفاً: "هي ليست إلا محكمة مسيسة تطارد بشكل مهووس إسرائيل والولايات المتحدة ودولا ديمقراطية أخرى تحترم حقوق الإنسان، فيما تتجاهل النظام الإرهابي الإيراني أكبر منتهكي حقوق الإنسان في العالم".
تنديد دولي: فيما أبدت هولندا "انزعاجها الشديد"، إذ قال وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك بعد ساعات من إصدار الأمر الذي قد يؤدي إلى الحجز على أصول موظفي المحكمة الجنائية الدولية المشاركين في تحقيق بشأن مزاعم ارتكاب جرائم حرب في أفغانستان، في تصريحات نشرت على تويتر: "منزعجون للغاية من إجراءات الولايات المتحدة"، مضيفاً أن "هولندا تدعم المحكمة الجنائية الدولية بشكل كامل وستستمر في ذلك. المحكمة الجنائية الدولية ضرورية لمواجهة الإفلات من العقاب ودعم سيادة القانون الدولي".
الممثل الأعلى للأمن والسياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، أبدى بدوره قلقه إزاء عقوبات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على مسؤولين في المحكمة الجنائية الدولية، قائلاً إن الاتحاد الأوروبي يقف إلى جانب المحكمة الجنائية الدولية منذ زمن بعيد.
كما أكد أن المحكمة الجنائية تلعب دوراً كبيراً في تطبيق القوانين الدولية وفرض عقوبات على الجرائم الدولية.
بوريل أشار إلى ضرورة أن تكنّ كافة الدول الاحترام للمحكمة الجنائية لما تؤديه من مهام كبيرة، معرباً عن بالغ قلقه إزاء قرار ترامب فرض عقوبات على مسؤولين بالمحكمة.
ولمّح إلى احتمال مناقشة الموضوع في اجتماع وزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي.
قرار ترامب: يشار إلى أن الرئيس الأمريكي أصدر في وقت سابق أمراً تنفيذياً يتيح فرض عقوبات على أفراد مشاركين في تحقيق للمحكمة، بشأن ما إن كانت القوات الأمريكية ارتكبت جرائم حرب في أفغانستان.
القرار التنفيذي، الذي أصدره الرئيس، يسمح للولايات المتحدة بتجميد أصول موظفي المحكمة الجنائية الدولية، ومنعهم من دخول أراضيها.
فيما بدأ تحقيق المحكمة الجنائية الدولية بعدما خلص تحقيق أولي إلى وجود أسباب تدفع للاعتقاد بأن جرائم حرب ارتكبت في أفغانستان.
بدوره قال وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو، في وقت سابق، إن واشنطن لن تسمح بأن تهدد "محكمة صورية" الأمريكيين، في إشارة إلى المحكمة الجنائية الدولية، مضيفاً في مؤتمر صحفي أن "العقوبات قد تمتد لتشمل أفراد أسر مسؤولي المحكمة لمنعهم من زيارة الولايات المتحدة.. لن نقف مكتوفي الأيدي بينما يتعرض مواطنونا للتهديد من محكمة صورية".
وقررت المحكمة بدء تحقيق بعدما خلصت النتائج الأولية لممثلي الادعاء في 2017 إلى وجود أساس منطقي للاعتقاد بأن جرائم حرب ارتكبت في أفغانستان، وأن المحكمة تملك سلطة قضائية للنظر فيها.
ترامب هاجم قرار المحكمة التي تتخذ من لاهاي مقراً لها، وتأسست لمقاضاة جرائم الحرب والإبادة الجماعية والجرائم ضد الإنسانية. ويسري حكمها فقط في حالة أن يكون البلد العضو غير قادر على مقاضاة الجناة بنفسه أو غير راغب في ذلك.
أما أفغانستان فهي عضو في المحكمة على الرغم من أن كابول ترى أن أي جرائم حرب يتعين مقاضاتها محلياً. فيما لم تنضم الحكومة الأمريكية أبداً لعضوية المحكمة التي تأسست في 2002.