قررت الشرطة في نيوزيلندا التخلي عن الدوريات المسلحة، وذلك بعد ردود فعل تطالب بوقفها، وجاء القرار بعد تجربة استمرت ستة أشهر لتسيير دوريات مسلحة من رجال الشرطة، بعد المذبحة التي وقعت في مارس/آذار من عام 2019، والتي قتل فيها متعصب أسترالي للعِرق الأبيض 51 مُصلياً مسلماً في مدينة "كرايستشيرش" جنوب البلاد.
تقرير لموقع صحيفة The Times البريطانية قال إنه جرت العادة في الماضي ألا تحمل قوات الشرطة بنادق أو أسلحة خلال دورياتها، حيث يقول أندرو كوستر، مفوض الشرطة المعين حديثاً، إنه بدا من الواضح من ردود الفعل التي جاءت إليهم، ومنها 4 آلاف رسالة في أيام قليلة، أنه ليس ثمة تأييد بين المواطنين لفكرة استمرار الدوريات المسلحة.
عمل الشرطة: أوضح أندرو كوستر، مفوض الشرطة المعين حديثاً، بالقول: "لدينا نموذج عمل للشرطة يقوم على التراضي، وهذا يعني أننا بحاجة إلى تأييد الغالبية العظمى من الناس لنرى شرعيةً للنمط الذي نتبعه في عمل الشرطة، وقد بدا واضحاً لي أنه ليس ثمة قبول لهذه الإجراءات كنمط مناسب لتطبيقه من الشرطة في نيوزيلندا. وقد جعلت ردود الفعل قرارَ إلغاء فرق الدوريات المسلحة خطوةً سهلة".
كان مايك بوش، القائد السابق لقوات الشرطة، قد تقدَّم بفكرة الدوريات المسلحة في أكتوبر/تشرين الأول 2019، واصفاً الفرق الجديدة بأنها "مسلحة على نحو دائم، ومجهزة ومتنقلة، ومستعدة دائماً للاستجابة لأي حادث طارئ"، مشيراً إلى أنها باتت "أسلوباً متبعاً بين قوات الشرطة وإنفاذ القانون على مستوى العالم".
ومع ذلك، فإن مشهد قوات الشرطة وهي تسيّر دورياتها وجنودها يحملون مسدسات "الغلوك" وبنادق "البوشماستر" نصف الآلية في أوكلاند وأماكن أخرى من الجزيرة الشمالية وكذلك في كرايستشيرش بالجزيرة الجنوبية، أثار جدلاً ونقاشات عامة كبيرة، فضلاً على معارضة وانتقادات من بعض النواب والجمعيات.
احتجاجات كبيرة: يأتي ذلك القرار في فترة تشهد فيها نيوزيلندا احتجاجات كبيرة على حادثة مقتل جورج فلويد، وهو أمريكي من أصول إفريقية، على أيدي الشرطة في ولاية مينيابوليس الشهر الماضي.
كان حزب "الخضر" في نيوزيلندا من بين الأحزاب التي أخذت تحثّ الشرطة على التخلي عن الدوريات المسلحة. وقال الحزب إن الدوريات يمكن أن تنحرف بالبلاد نحو "أعمال شرطية خطرة على الطراز العسكري"، وإن فترة التجربة الأخيرة تضمنت دوريات تتجول في مناطق "تغلب عليها مجتمعات تشهد أغلبية من غير ذوي الأصول الأوروبية، وتعاني أوضاعاً اجتماعية واقتصادية متدنية".
رابطة الشرطة: في حين قالت رابطة الشرطة النيوزيلندية، المعنية بتمثيل رجال الشرطة، إن تجربة تسيير دوريات مسلحة "تعثرت منذ البداية"، بسبب تطبيقها دون تشاور.
حيث قال كريس كاهيل، رئيس الرابطة: "إذا لم تبنِ أسساً راسخة بشأن قضايا تنطوي على خلاف وتقلُّب في الآراء مثل فكرة الدوريات المسلحة، فلا يمكن أن يكون المجتمع معك فيها، وهذا بالضبط ما حدث في هذه المسألة".
وهكذا، ستعود الشرطة إلى نظام الوحدات المتخصصة بحمل الأسلحة الذي لطالما اعتمدته منذ عقود، وهي فرق مسلحة صغيرة يجري استدعاؤها للحوادث الطارئة التي تتضمن استخداماً لأسلحة نارية.
يجدر بالذكر أنَّ معدل القتل بالأسلحة النارية في نيوزيلندا يبلغ 1.1 لكل مليون شخص، مقارنة بـ 0.6 لكل مليون في المملكة المتحدة، وبعيداً عن معدل 4.46 بالولايات المتحدة.