كشفت صحيفة "The Guardian" البريطانية، الإثنين 25 مايو/أيار 2020، أن أكبر شركات الأدوية في العالم رفضت اقتراحاً من الاتحاد الأوروبي قبل ثلاث سنوات للعمل على تسريع إنتاج لقاحات لأمراض مشابهة لفيروس كورونا للسماح بتطويرها قبل حدوث تفشٍّ لأحد تلك الأمراض، كما حدث اليوم مع فيروس "كوفيد-19".
تقرير للصحيفة أكد أن خطة الإسراع في تطوير اللقاحات والموافقة عليها تقدم بها ممثلو المفوضية الأوروبية القائمون على "مبادرة الأدوية المبتكرة" (IMI) –وهي شراكة بين القطاعين العام والخاص تتمثل مهمتها في دعم أحدث الأبحاث في أوروبا- لكن الخطة قوبلت بالرفض من جانب غالبية الشركات الكبرى في القطاع.
مبادرة الأدوية المبتكرة: هذا الأمر كشف عنه تقرير نشره "مرصد الشركات الأوروبية" (COE)، وهو مركز أبحاث مقرّه في بروكسل، يُعنى حالياً بدراسة القرارات التي اتخذتها "مبادرة الأدوية المبتكرة"، والتي تبلغ ميزانيتها 5 مليارات يورو، ويستند إلى تمويل من الاتحاد الأوروبي ومساهمات عينية من هيئات خاصة وغيرها.
يتألف مجلس إدارة "مبادرة الأدوية المبتكرة" من مسؤولين بالمفوضية الأوروبية وممثلين عن "الاتحاد الأوروبي للصناعات الدوائية" (EFPIA)، الذي يضم أعضاؤه بعضاً من أكبر الشركات في هذا القطاع، مثل شركة "جلاكسو سميثكلاين" GlaxoSmithKline، و"نوفارتس" Novartis، و"فايزر" Pfizer، و"ليلي" Lilly، و"جونسون آند جونسون" Johnson & Johnson.
هذه اللجنة كانت قد وضعت مخططاً يشير إلى أن القطاع البحثي من تلك الشركات "يمكنه العمل على تسهيل عملية التطوير والموافقة على اللقاحات المضادة للأمراض ذات الأولوية إلى أقصى حد ممكن، قبل حدوث تفشٍّ فعلي لتلك الأمراض"، لكن شركات الأدوية الكبرى المدرجة في "مبادرة الأدوية المبتكرة" لم تتقبل الفكرة.
الشركات في قفص الاتهام: تأتي هذه الأنباء، في ظل تواجد شعور عام يفيد بأن العالم لم يتأهب لمواجهة لفيروس، بالإضافة إلى انتشار اتهامات في الأسابيع الأخيرة بأن صناعة الأدوية امتنعت عن إعطاء الأولوية لعلاجات الأمراض المعدية لأنها أقل ربحية من الأدوية الخاصة بالحالات الطبية المزمنة.
فيما يستدل المنتقدون على ذلك بأن أكبر 20 شركة أدوية في العالم عملت على نحو 400 مشروع بحثي جديد خلال العام الماضي، وفقاً لأبحاث Bloomberg Intelligence، وقد تركز قرابة نصف تلك المشروعات البحثية على علاجات لأمراض السرطان، مقارنة بنحو 65 مشروعاً بحثياً فقط على الأمراض المعدية.
في الوقت الراهن، هناك ثمانية لقاحات محتملة لفيروس كورونا يجري العمل عليها في مرحلة التجارب السريرية، لكن أياً منها لا يوجد ضمان لنجاحه، فيما خلف اللقاح الذي يجري تطويره في جامعة أكسفورد، نتائج مبشرة لكن فرصته في النجاح لا تزيد على 50% فقط فيما يتعلق بالموافقة على استخدامه.
يذهب تقرير "مرصد الشركات الأوروبية" (COE) إلى أن "مبادرة الأدوية المبتكرة" بدلاً من أن تعمل على "تعويض إخفاقات السوق وأوجه قصوره"، وذلك وفقاً لاختصاصها الأساسي، كانت "أكثر اهتماماً بأولويات السوق كالمعتاد".
الاستعداد الحيوي: كان الاقتراح الذي تقدمت به المفوضية الأوروبية في عام 2017، تحت بند تمويل "الاستعداد الحيوي" يتضمن مشروعات محاكاة بالكمبيوتر، والمعروفة باسم النمذجة السليكونية، وتحسين تحليل نماذج اختبار الحيوانات/ وذلك بهدف منح المنظمين ثقةً أكبر فيما يتعلق بالموافقة على اللقاحات.
يكشف محضر اجتماع مجلس إدارة "مبادرة الأدوية المبتكرة" في ديسمبر/كانون الأول 2018 أن الاقتراح لم يتم قبوله. كما قررت المبادرة عدم تمويل مشروعات مع "تحالف ابتكارات التأهب لمواجهة الأوبئة"، وهي مؤسسة تُعنى بالعمل على الأدوية الخاصة بما يسمى الأمراض الوبائية ذات الأولوية، مثل "ميرس" و"سارس"، وكلاهما من فيروسات كورونا.
رد الشركات: رداً على التقرير، قالت متحدثة باسم "مبادرة الأدوية المبتكرة" إن الأمراض المعدية واللقاحات الخاصة بها كانت ذات أولوية منذ بداية انطلاق المبادرة. وسلطت الضوء على مشروع بميزانية 20 مليون يورو يُعرف باسم Zapi، أطلقته المبادرة في عام 2015 بعد جائحة إيبولا، وهو يركز على الاستعداد الحيوي للأمراض الوبائية.
كما أن "مبادرة الأدوية المبتكرة" أطلقت تمويلاً للعمل على "ابتكارات خاصة لتسريع تطوير وتصنيع لقاح" في يناير/كانون الثاني 2020.
المتحدثة نفسها أشارت إلى المقترح كان يتنافس مع أولويات أخرى حين طُرح في عام 201، ومن بين تلك الأولويات مقترحات متعلقة بالبحث في علاجات لأمراض السل وأمراض المناعة الذاتية، والصحة الرقمية، وغيرها.
كما أكدت أن نحو ثلث ميزانية المبادرة أُنفق على بحوث علاجات الأمراض المعدية، ومنها مقاومة مضادات الميكروبات، واللقاحات، وأمراض إيبولا والسل، وأن الحصص الأخرى من التمويل ذهبت إلى مسائل ذات أهمية حاسمة في قطاعات تطوير الأدوية.