هدوء غير معهود يسيطر على "المسجد الكبير" أو "جامع جاميا" الواقع في كشمير منذ أن أُغلقت كل المساجد والتجمعات؛ للحد من انتشار فيروس كورونا Covid -19 في الهند وبقية دول العالم.
وكحال المسلمين في أغلب الدول، مع الإغلاق بدأوا يفكرون في حلول بديلة لإقامة شعائر صلاة التراويح، والآن هم يحضّرون لقضاء عطلة عيد الفطر المبارك، مع إجراءات العزل المفروضة على البلاد، والتي لا تزال تمنع التجمعات.
بأكياس تملؤها الحلوى والفواكه، بدأت عائلة "عبدالكريم" التحضير لفعاليات العيد، والتي يعتزمون توزيعها على أطفال حيِّهم من المسلمين، مع مراعاة إجراءات الأمن والوقاية والحفاظ على المسافات الآمنة للتباعد الاجتماعي.
أسرة عبدالكريم ليست وحدها، فكثير من الأسر المسلمة هناك تعاني التهميش والإقصاء، وبعيداً عن إغلاق المساجد بسبب جائحة كورونا، فهم لا يعيشون في مأمن عن قمع السلطات الهندية.
ومع الظروف الاقتصادية الصعبة التي يعيشها السكان، وغالبيتهم من المسلمين، بدت تحضيرات العيد تعكس التكافل الاجتماعي بينهم، فلم يكتفوا بتوزيع أكياس رمضان، بل إن عدداً منهم أطلق مبادرة لتوزيع المواد الغذائية ومستلزمات البيت لتوزيعها في العيد، خاصةً أن أغلب الأسر قد انقطع مصدر دخلها مع قوانين الإغلاق التي من شأنها الحد من انتشار الفيروس.
العيد في كشمير..
تبدو طقوس العيد صعبة في إقليم مضطرب متنازع عليه بين دولتين هما الهند وباكستان بسبب الملكية، على مدار 72 عاماً من الصراع وثلاث حروب كبرى، فلم تأتِ جائحة كورونا إلا لتزيد من تعقيد الموقف.
أسرة فاضل، التي تسكن بجوار أسرة "عبدالكريم"، قررت تخصيص مساحة لأداء صلاة العيد جماعةً في المنزل، خاصة بعد صدور عدد من الفتاوى بجواز صلاة العيد منزلياً، تلك المساحة التي كانت خصصتها لأداء صلاة التراويح والقيام خلال الأيام العشرة الأخيرة من رمضان.
كورونا في الأقليم الفقير
وشهد الإقليم تسجيل 1400 حالة إصابة بالفيروس المستجد و20 قتيلاً على الأقل "وفق الرواية الرسمية". وبحسب إحصاءات الصحة هناك، فإن أجهزة التنفس الاصطناعي في المشافي لا تتجاوز 72 جهازاً، فضلاً عن العجز الشديد في عدد الأطباء، الذي يقدَّر بطبيب واحد لكل 4 آلاف مريض على الأقل.
منذ عام 1989 ، تشهد كشمير واحدة من أطول حركات التمرد في العالم، فالحملة العسكرية التي أطلقتها السلطات الهندية بالإقليم أسفرت عن مقتل عشرات الآلاف، إذ يبلغ عدد السكان في الإقليم 12 مليون نسمة، 9 ملايين منهم مسلمون.
يقع إقليم كشمير في منطقة الهيمالايا بأقصى شمالي شبه القارة الهندية. وحين نالت الهند وباكستان استقلالهما عن بريطانيا عام 1947 وانقسمتا إلى دولتين بعد صراع دامٍ، اختارت كشمير في البداية أن تظل مستقلة عن كلا البلدين.
ولكن بعد احتجاج الأغلبية المسلمة، سارع حاكم كشمير الهندوسي بالموافقة على التقرب من الهند وطلب ضم الإقليم إليها. وأعقب ذلك النزاع الأول في سلسلة طويلة من النزاعات المسلحة التي اندلعت بين الهند وباكستان على المنطقة، وظلت سيادة كشمير محل نزاع من حينها.
وإقليم كشمير مقسَّم حالياً بين ثلاث دول: هي الهند وباكستان والصين. وتسيطر الهند على الجزء الأكبر منه -الذي يُعرف حتى الآن باسم ولاية جامو وكشمير- في حين تتمتع باكستان بسلطة قضائية على منطقتين تسميان غلغت بالتستان وآزاد كشمير. أما الصين فهي تسيطر على منطقة تدعى أكساي تشين في الجهة الشرقية، رغم أن الهند تطالب بهذه المنطقة أيضاً منذ فترة طويلة.