“يرسلون إلينا الشرطة لتقتلنا، بدلاً من الأطباء”: ريو دي جانيرو القابعة تحت الإغلاق تتعرض لمداهمات قاتلة

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2020/05/18 الساعة 17:48 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/05/18 الساعة 17:49 بتوقيت غرينتش
مواطنون يحملون جثثًا بعد عملية للشرطة ضد عصابات المخدرات في ريو دي جانيرو/رويترز

مر يومان منذ آخر مرة تواصلت ماريا ديفا دو ناسيمينتو مع ابنها أليسون، مهرب المخدرات البالغ من العمر 20 عاماً، الذي يعني عمله استحالة تطبيق التباعد الاجتماعي، كان هذا يشغل بالها عندما ذهبت لأداء وظيفتها في أحد أكبر مستشفيات مدينة ريو دي جانيرو البرازيلية، وكانت ترتدي قناعاً واقياً أملت أن يبقيها على قيد الحياة.

 ناسيمينتو على دراية بمخاطر كوفيد-19: فقد تسبب المرض قبل أربعة أيام في قتل صديق وزميل يعمل حارس أمن في المستشفى. وأصيب أكثر من نصف زملائها بالفيروس، وفق صحيفة The Guardian البريطانية.

 لكن عندما وصلت صاحبة الـ42 عاماً إلى عملها الجمعة 15 مايو/أيار، تلقت أخباراً عن نوع آخر من التهديدات، بل وربما تهديد مباشر يتعرض له ابنها أكثر من كوفيد-19.

كانت قوات الشرطة المسلحة تجتاح حي كومبليكسو دو أليماو، وهو حي شعبي كبير عمل فيه ابنها أليسون مع أقدم عصابة تجارة مخدرات في البرازيل، كوماندو فيرميلو (القيادة الحمراء). وكانت المروحيات تحلّق في سماء المنطقة.

أرسلت الأم المذعورة رسالة إلى ابنها على تطبيق واتساب في الساعة 6:39 صباحاً، قالت فيها: "أين أنت؟"، فأجابها: "في طريقي إلى المنزل". لكن تلك الرسالة كانت آخر رسالة أرسلها إليها. 

مع حلول الظهيرة، علمت ناسيمينتو أن ابنها قُتل، ضمن أكثر من 2000 شخص، أغلبهم من الشباب البرازيلي، قتلتهم شرطة ريو دي جانيرو منذ بداية العام الماضي.

قالت الأم الثكلى وهي تبكي استعداداً لوداعه السبت 16 مايو/أيار: "جئت به إلى هذا العالم. ليس لأحد الحق في أن يأخذه مني".

ضحايا بيد الشرطة: لم تكن عمليات الشرطة وأكياس الجثث مشهداً جديداً في المدينة، حيث قتلت شرطة الولاية 1810 أشخاص في العام الماضي، أي حوالي 5 أشخاص يومياً.

 لكن في ظل خضوع المدينة الآن إلى حالة إغلاق جزئية بسبب مرض كوفيد-19، واضطرار المواطنين للبقاء في المنازل، يعبر سكان الحي الشعبي عن غضبهم من عدم توقف توغلات الشرطة المرعبة داخل مجتمعاتهم.

يقفون فوق الجثث: برونو إيتان، وهو مصور فوتوغرافي يعيش في كومبليكسو دو أليماو قال: "بدلاً من إرسال الأطباء والممرضين لحماية السكان من كوفيد-19، ترسل الحكومة الشرطة والمركبات المضادة للرصاص والمروحيات كي تقتلنا". وقد وثّق إيتان المداهمة التي نفذتها الشرطة الجمعة في سلسلة من الصور التي تظهر ضباط شرطة يرتدون أقنعة واقية من فيروس كورونا ويقفون فوق الجثث المغطاة بملاءات. وأضاف: "لقد تعبنا".

 طالبت النائبة اليسارية في البرلمان البرازيلي، ريناتا سوزا، بإجراء تحقيق حول ما وصفته بـ "المجزرة".

واشتكت سوزا قائلة: "يجب أن يحصل الناس على المساعدة، لا أن يُطلق عليهم الرصاص"، مضيفة أنه من غير الإنساني أن تتواصل مثل هذه العمليات خلال الجائحة.

لم تكن عملية الجمعة الأولى في ريو دي جانيرو، التي دخلت في حالة إغلاق منذ شهرين، والتي شهدت 2400 حالة وفاة من أصل 16 ألف حالة وفاة في البرازيل بسبب مرض كوفيد-19.

كانت جثة أليسون واحدة من 5 جثث عُثر عليها داخل منزل غير مكتمل البناء، حيث يشتبه السكان المحليون في أن يكونوا تعرضوا للتعذيب قبل إطلاق الرصاص عليهم، وهي مزاعم تنكرها الشرطة. قال رجل ساعد في إخراج الضحايا بيديه العاريتين: "كانت أجسادهم مكومة فوق بعضها. كان علينا إخراجها من المنطقة".

على الجانب الآخر، أخبر الضابط المكلف بقيادة العملية، ماركوس أميم، الصحفيين بأن العملية كانت مشروعة وناجحة: إذ عادت الشرطة إلى المقر بعد حيازة ثماني بنادق و85 قنبلة يدوية.

 أضاف أميم، الذي ألقى اللوم في إراقة الدماء على مقاومة أعضاء العصابة المسلحين تسليحاً ثقيلاً: "بكل تأكيد، وفاة أكثر من 12 شخصاً لا تجعل أحداً سعيداً. لكننا لم نختر هذه النتيجة".

وقد كان من بين القتلى زعيم عصابة يدعى ليوناردو سيربا دي جيسوس.

لكن داندارا تينوكو، الباحثة في السياسات العامة بمعهد Igarapé Institute المتخصص في الشؤون الأمنية، قالت إن الشرطة ليس لها أي حق في أن تؤدي دور القاضي وهيئة المحلفين عن طريق التخلص من المشتبه فيهم. وأضافت: "البرازيل ليس لديها عقوبة إعدام. والمحاكم هي التي تدين المجرمين. وهؤلاء الذين يرتكبون الجرائم يجب أن يخضعوا للمساءلة بطريقة متناسبة".

تدفن ابنه: عندما كان سكان الحي الشعبي يواجهون تهديداً مضاعفاً بين الصراع ومرض كوفيد-19، كانت ناسيمينتو تتأهب لدفن ابنها، الذي بدأ حياته القصيرة مع الجريمة في عمر 17 عاماً.

قالت الأم يوم السبت، عشية الجنازة: "كل شخص يستحق فرصة ثانية. اعتقلوه، ولكن لا تقتلوه".

وبعدها بساعات، رافقته إلى مثواه الأخير في مقبرة تقع بشمال ريو دي جانيرو، وقالت: "لا توجد أم تربي ابنها كي ينتهي به الحال هكذا".

تحميل المزيد