كشف الملياردير السوري رامي مخلوف، ابن خالة رئيس النظام في سوريا بشار الأسد، الأحد 17 مايو/أيار 2020، تفاصيل عن مفاوضات يجريها مع النظام، قائلاً إن الأخير أعطاه مهلة للتخلي عن رئاسة شركة الاتصالات الضخمة التي يملكها، وإلا فإنه سيسحب ترخيصها، مشيراً إلى استمرار اعتقال قوات الأمن لموظفيه، ومُهدداً بكارثة على الاقتصاد السوري.
توتر متصاعد: قال مخلوف في مقطع فيديو جديد نشره الأحد، وهو الثالث له خلال أيام، إن حملة الضغوط عليه من أجهزة نظام الأسد مستمرة، وهو ما يهدد شركته "سيريتيل" بالانهيار، والتي اعتبرها رافداً مهماً لخزينة الدولة، وربط بين انهيارها وحدوث ضرر كبير على الاقتصاد السوري المتهالك.
مخلوف تحدّث عن جهة في النظام لم يُسمّها، قال إنها فرضت على شركته التعاقد مع شركة أخرى تُقدم لـ"سيريتل" ما تحتاجه من مواد مشغلة، وأضاف أن "سيريتيل" رفضت أن يكون التعاقد مع هذه الشركة خاصاً بها وحدها، كي تستطيع المفاضلة بين أفضل الأسعار التي تقدمها الشركات الأخرى.
أشار مخلوف إلى أنه تم التوصل إلى حلول وسط، لكن تلك الجهة في النظام خرجت بطلب جديد، وفق قوله، وقال إنها أصرت على خروج رامي مخلوف من شركة سيريتيل والتنازل عنها وعن منصبه فيها، لكن مخلوف تحدى قائلاً: "لن أتنازل، ولم أتخلى في أيام الحرب حتى أتخلى الآن، يبدو أنهم لا يعرفونني!".
في تهديد ثانٍ تلقّاه مخلوف، قال الأخير إن مؤسسة الاتصالات طلبت منه زيادة قيمة ما تدفعه شركة "سيريتل" أرباحاً للنظام، وقال إن الطلب الجديد يعني أن تدفع الشركة 120% من أرباحها بدلاً من 20% كانت تدفعها، بحسب قوله.
أضاف مخلوف أن مؤسسة الاتصالات هددت بسحب رخصة الشركة وإيقافها، وفرض حجوزات عليها، ووصف هذا التهديد والإجراءات التي تحدّثت عنها المؤسسة بأنها "تخريب لاقتصاد سوريا".
وعاد مخلوف للتذكير أيضاً بمطالبة النظام له بدفع مبلغ 130 مليار ليرة سورية، لكن مخلوف رفض تسمية هذا المبلغ بالضريبة، وقال مشيراً بذلك للنظام إنه لا حق له في أخذ هذا المبلغ الذي قال إنه فُرض عليه من غير وجه حق، بحسب تعبيره.
تأتي هذه التهديدات والضغوط على مخلوف لتذكي خلافه غير المسبوق وغير المتوقع مع الأسد، إذ يسيطر مخلوف على 60% من الاقتصاد السوري، وقد بنى ثروته تحت أعين الأسد نفسه.
تحذير من المقبل: لم تخلُ تصريحات مخلوف من نبرة التهديد، إذ حذّر الملياردير من أن استمرار الإجراءات بحق شركته ستؤدي إلى كارثة في الاقتصاد السوري، مشيراً بذلك أيضاً إلى استمرار توقيف النظام لموظفيه ومديرين في شركته.
مخلوف قال إن النظام لا يزال يرفض الإفراج عنهم، وإن ما تطلبه الأجهزة الأمنية منه هو "التنازل عن قرارات وأمور معينة، لخدمة أشخاص معينين"، دون أن يُحدد أسماءهم.
كذلك، وفي تهديد مبطن، أشار مخلوف إلى ما تسببت به الحملة ضده من انهيار في قيمة الليرة السورية، وعاد بالزمن إلى منتصف العام 2019، واكتفى بالقول أنتم تعلمون ما حدث حينها، مشيراً بذلك إلى استيلاء أسماء الأسد زوجة بشار على جمعية البستان الخيرية التابعة لمخلوف.
قال مخلوف في هذا السياق، إنه منذ ذلك التاريخ ارتفعت قيمة الدولار أمام الليرة 30 ضعفاً، واصفاً ذلك بأنه انهيار للاقتصاد السوري.
وتأتي إشارة مخلوف هذه لتدهور قيمة الليرة بعدما شهدت الأخيرة خلال الأسبوعين الماضين انخفاضاً حاداً في قيمتها، فقد وصل سعر الدولار إلى 1600 ليرة سورية، الأمر الذي يزيد من سخط الشارع السوري الموالي والمعارض.
كانت تقارير قد أشارت إلى دور مخلوف في زيادة انهيار سعر الليرة خلال الأيام الأخيرة، من خلال تحكمه بأسعار الصرف في السوق السوداء، بحكم شبكة علاقاته المالية الضخمة التي يمتلكها في سوريا.
ماذا بعد؟ ليس واضحاً بعد أين يمكن أن يفضي الخلاف الذي أخرجه مخلوف إلى السطح، وما إذا كان إجباره على دفع أموال ضخمة للنظام نهاية لمرحلة التوتر، أم بداية مرحلة لتصعيد جديد داخل عائلة الأسد.
لكن في كلتا الحالتين يرى سوريون أن خروج مخلوف مثّل مفاجأة لم تكن متوقعة؛ نظراً لمدى الدعم الذي قدمه الأسد لمخلوف منذ توليه الحكم عام 2000 وغضّ الطرف عنه للاستئثار بالاقتصاد السوري وإقصاء أي منافس له.