يعتقد علماء أمريكيون، أن فيروس كورونا تحوَّر ليصبح أكثر عدوى، بعد ظهور سلالة منه في أوروبا، أصبحت هي السائدة بالعالم، وذلك وفق ورقة بحثية لعلماء بمختبر لوس ألاموس الوطني بالولايات المتحدة.
حسب تقرير The Washington Post الأمريكية، الأربعاء 6 مايو/أيار 2020، فإن هذه الفرضية الجريئة قُوبِلَت فوراً بالتشكيك من جانب عديد من خبراء الأمراض المُعدية، ولا يوجد إجماع علمي على أنَّ الطفرات التي لا تُحصى والتي مرَّ بها الفيروس حتى الآن، قد غيَّرت درجة العدوى أو الفتك الخاص بمرض فيروس كورونا المستجد (كوفيد 19).
Spike D614G: ودرس علماء مختبر لوس ألاموس، بقيادة خبيرة علم الأحياء الحاسوبي بيت كوربر، بالاشتراك مع باحثين من جامعتي ديوك الأمريكية وشيفيلد الإنجليزية، قاعدة بيانات عالمية لسلاسات فيروس "SARS-COV-2″، وهو الفيروس المُسبِّب للمرض.
وفقاً لتحليلهم، فإنَّ إحدى السلالات التي تُظهِر طفرة أو تحوُّراً يُطلَق عليه اسم "Spike D614G" سرعان ما تفوقت على السلالات الأخرى بعد ظهورها في أوروبا.
يؤثر التحور على بنية بروتين، يُسمَّى "بروتين Spike" (أو بروتين السنبلة)، وهو بروتين محوري في قدرة الفيروس على إصابة الخلايا البشرية، ويعتقد الباحثون أنَّ هذا التغيُّر البنيوي يعزز درجة عدوى الفيروس.
مصدر قلق: كتب مؤلفو الورقة البحثية أن "الطفرة (Spike D614G) تعد مبعث قلقٍ مُلِحّ؛ فقد بدأت الانتشار في أوروبا مطلع فبراير/شباط، وحين دخلت إلى مناطق جديدة، سرعان ما أصبحت السلالة السائدة".
كما يضيفون أيضاً أن "الزيادة في وتيرة التحور تتم بمعدل مثير للقلق، وهو الأمر الذي يشير إلى سلالة قريبة لسلالة ووهان الأصلية وتتمتع بميزة لياقية، وهو ما يُمكِّن من الانتشار بصورة أسرع".
كان الإجماع العلمي يرى أنَّ سلالات فيروس كورونا هي نفسها من الناحية الوظيفية، حتى لو كانت تبدو مختلفة جينياً، وتحوُّر فيروس كورونا ليس أمراً مفاجئاً؛ لأنَّ كل الفيروسات تتحوَّر في أثناء تناسخها. وفقاً لخبراء الفيروسات، يبدو أنَّ هذا الفيروس مستقر نسبياً حتى الآن، لكنَّ مدى الانتشار الشاسع لكورونا قد منح الفيروس فرصة كبيرة للتطور.
في انتظار المراجعة: لكنَّ مجتمع الباحثين بعيد كل البعد عن القبول بأي دراسات لم تخضع لعملية مراجعة أقران صارمة قبل نشرها في مجلة، وقد يطعن بعض الباحثين الآخرين في نتائجها.
لذا سيتعين الآن أن تجتاز هذه الورقة البحثية عملية التدقيق الشديدة من جانب المجتمع العلمي الذي يحاول تقديم المعلومات التي تبدو الحاجة إليها مُلِحّة مع الحفاظ في الوقت نفسه على الدقة العلمية.
فلم يقتنع وليام هاناغ، خبير الأوبئة بجامعة هارفارد والمتخصص في تطور الأمراض المُعدية، شأنه في ذلك شأن باحثين آخرين كثر، بأنَّ هذه الطفرة تؤثر فعلاً على قدرة الفيروس على إصابة الأشخاص.
رغم أنَّ نسخة الفيروس التي شهدت طفرة أصبحت هي السلالة السائدة، فإنَّ هذا في رأي هاناغ قد يكون نتيحة لـ"تأثير المؤسس"؛ فحين وصلت السلالة المتحورة إلى شمال إيطاليا، لم تكن المجموعة السكانية الأكبر سناً وشديدة التأثر قادرة على احتوائه.
آراء متعددة: من جانبه، يقول ستانلي بيرلمان، وهو عالم بارز وخبير فيروسات بجامعة أيوا الأمريكية، وكان قد اضطلع من قبل بدورٍ في تحديد اسم فيروس كورونا، الثلاثاء 5 مايو/أيار، إن دراسة مختبر لوس ألاموس تبدو ذات مصداقية.
أما دافيد أوكونور، خبير الفيروسات بجامعة ويسكونسن الأمريكية، فقال إنَّ السمة الأكثر إثارة للاهتمام في دراسة مختبر لوس ألاموس هي أنَّ النمط نفسه جرت رؤيته في عدة مواقع. لكنَّه قال إنَّ "الحذر الكبير مُبرَّر"؛ لأنَّ البيانات لم تُجمَع عشوائياً.
يتمثَّل واحد من الانتقادات الأخرى لفرضية دراسة مختبر لوس ألاموس، في أنَّه قد توجد تفسيرات أخرى للسبب الذي يجعل إحدى السلالات سائدة.
وهو الأمر الذي يؤكده توماس فريدريك، خبير الفيروسات بجامعة ويسكونسن، والذي قضى سنوات في دراسة تطور وانتشار فيروس "زيكا"، حيث قال إنَّ أي فيروس يشق طريقه إلى مجموعة سكانية شديدة التأثر –على سبيل المثال كما حدث بأوروبا في يناير/كانون الثاني الماضي- سينتشر كالنار في الهشيم، وسرعان ما يصبح السلالة السائدة في المنطقة.