قالت صحيفة The Independent البريطانية، إن الصين لا تواجه مخاوف انهيار اقتصادي جراء جائحة فيروس كورونا، وزعمت أن قادة البلاد استعدوا لهذه الأزمة منذ أكثر من عقد من الزمان.
كما يزعم تقرير الصحيفة الذي نشر الأربعاء 6 مايو/أيار 2020، أن كبار مُخطِّطي السياسات في الصين قدَّموا تقييماً منذ فترة طويلة للتداعيات الجيوسياسية المحتملة لأزمة اقتصادية كبرى مقبلة؛ أزمة ستؤدي إلى إيقاف مسيرة عقود من نموهم الاقتصادي المذهل.
اختبار لإعادة توزيع القوى: الصحيفة البريطانية قالت إن أوراق السياسة الرسمية تعكس إدراك بكين أنَّ هذا الحدث لن يكون اختباراً حرجاً لحكم الحزب الشيوعي الصيني فحسب، بل قد يعيد أيضاً ترتيب توازن القوى بين الصين والدول الغربية.
في عام 2013، كتب كبير المستشارين الاقتصاديين الصينيين، ليو هي، الذي ارتقى منذ ذلك الحين إلى منصب نائب رئيس الوزراء الصيني، في دراسة عن الركود الاقتصادي: "بعد حدوث أزمة كبيرة لن يقتصر ما سيعاد توزيعه على مجرد الثروة داخل بلد ما، بل أيضاً سيُعاد توزيع النفوذ والقوة النسبية لجميع الدول".
سجلت الصين انخفاضاً في الناتج الاقتصادي للربع الأول من عام 2020 بنسبة 6.8%، وهو أول انكماش اقتصادي تسجله البلاد منذ وفاة مؤسس الحزب الشيوعي الصيني الحاكم، ماو تسي تونغ، في عام 1976. في الأسابيع الأخيرة أطلق الرئيس الصيني شي جين بينغ حملة بناء ضخمة تُشبه تلك التي شهدتها أمريكا وقت الكساد الكبير 1929، في حين تروّج لجهود التخفيف من حدة الفقر والاستثمار في التقنية المتقدمة للمساعدة في دعم المصانع التي تضررت جراء فيروس كورونا، وتعزيز إنفاق المستهلك.
كورونا سرّع الجدول الزمني للأزمة: منذ تولّي شي جين بينغ السلطة في عام 2012، اهتم بتعجيل وتيرة الاستعدادات لانتهاء النمو الاقتصادي. فقد أغرق موجات الأثير بأشكال دعاية تميّزت بها أزمنة الحروب، والتي تُمجّد التضحيات الفردية من أجل المصلحة الوطنية، في حين يسحق جيوب المعارضة الناشئة في مهدها.
قال ريتشارد فون غلان، مؤرخ اقتصادي صيني بجامعة كاليفورنيا، لوس أنجلوس: "كانت سياسات السيطرة السياسية للرئيس الصيني تسترشد دائماً بإدراك مفاده أنَّ يوماً ما ستبدأ وتيرة المعجزة الاقتصادية الصينية في التباطؤ، لكن فيروس كورونا سرَّع الجدول الزمني".
في عام 2010، كلّف كبار قادة الصين فريقاً بقيادة ليو هي لدراسة الكساد الكبير عام 1929 والأزمة المالية العالمية عام 2008. تضمن هذا المشروع مسؤولين من البنك المركزي الصيني والتنظيم المصرفي، وأسفر عن نشر مئات الصفحات من التحليلات السياسية والتوصيات بعد ذلك بثلاث سنوات.
قد يمنح هذا الاستعداد المبكر الصين ميزة تحقيق الأسبقية في استجابتها للأزمة. وبينما لا تزال معظم دول العالم غارقة في تدابير الإغاثة اليومية من تداعيات جائحة كورونا، بدأت الصين في تنفيذ استراتيجيات أوسع نطاقاً، حيث تتجه للخارج تدريجياً لضبط نطاق نفوذها في المحيط الهادئ، وإعلان سيطرة أكبر على هونغ كونغ.
قد أدّى تركيز الإدارة الأمريكية في الداخل إلى تسهيل تحرّك بكين نحو الخارج، مع انسحاب الولايات المتحدة الأمريكية من بعض أدوارها الدولية التقليدية.
لكن هناك تحديات أخرى: قد يواجه قادة بكين تحدياً اقتصادياً محلياً أعمق مما توقعوا في البداية. إذ تغتنم إدارة دونالد ترامب والحكومات الأخرى الفرصة لدفع شركات التصنيع للخروج من الصين مع تنامي المشاعر الشعبية المعادية للصين بسبب تفشي فيروس كورونا.
أعلنت اليابان الشهر الماضي أبريل/نيسان، أنَّ جزءاً من حزمة التحفيز الخاصة بمواجهة تداعيات فيروس كورونا سيوجّه نحو استعادة استثمارات صناعية من الصين إلى بلدها الأم اليابان. في الوقت نفسه، في حين قالت السيناتور الجمهورية، مارشا بلاكبيرن، في مقابلة إنَّها جنباً إلى جنب مع سياسي أمريكي آخر يضغطان من أجل عرض حوافز مماثلة لشركات الأدوية الأمريكية.