تستعد إيطاليا لوضع خطة تفصيلية للطريقة التي ستخرج بها من أطول حالة إغلاق في أوروبا، وذلك خلال الأيام المقبلة، وتتضمن هذه الخطة تدابير من شأنها أن تغير جذرياً طريقة تنقُّل الأشخاص يومياً، وممارستهم لعملهم، وقضائهم إجازاتهم، والطريقة التي يفكرون بها في خصوصيتهم.
حسب تقرير لصحيفة The Washington Post الأمريكية، الجمعة 24 أبريل/نيسان 2020، فإن هذه الخطة جاءت نتيجة مسار إيطاليا المحفوف بالمخاطر، بسبب غموض حتى في الوقت الراهن بشأن مدى اتساع انتشار فيروس كورونا المُستجد بين الإيطاليين.
في حين تفادت بعض الدول السيناريو الأسوأ للجائحة، وصل الفيروس إلى إيطاليا بقوة أزمة تاريخية، تاركاً البلد يتعامل ليس مع الخسائر الاقتصادية المؤلمة فحسب، بل أيضاً مع شعور حاد بالخسارة والحزن والخوف.
المرحلة الثانية: قال رئيس وزراء إيطاليا جوزيبي كونتي، في منشور عبر فيسبوك، إن إيطاليا ستبدأ على الأرجح تخفيف إجراءات الإغلاق بداية من 4 مايو/أيار المقبل، وهو ما أطلق عليه اسم "المرحلة الثانية".
تتضمن قوة العمل الضخمة التي تقدم المشورة لحكومة إيطاليا بشأن المرحلة الثانية من الجائحة، ليس فقط علماء الأوبئة وخبراء سياسات الصحة، لكن أيضاً خبراء اقتصاد وأطباء نفسيون.
فابريزيو ستاراسي، وهو طبيب نفساني ضمن قوة العمل الاستشارية، يعتبر أنه "يمكننا توقُّع زيادة في حالات مرَضية مثل القلق، والانفعالية، والأرق ومشكلات تتعلق بالعلاقات (الإنسانية). تعافينا التدريجي لن يماثل بوضوحٍ الوضع الطبيعي".
تغييرات جذرية: من جانبهم، وصف الخبراء الذين يقدمون المشورة للحكومة، في مقابلاتٍ الأسبوع الجاري، مجتمعاً سيحمل تشابهاً ضئيلاً لما كان عليه المجتمع الإيطالي قبل حالة التفشي، على الأقل حتى التوصل إلى لقاح أو علاج موثوق.
فيلومينا ماغينو، مستشارة كونتي وعضوة قوة العمل الاستشارية، تقول: "نحتاج إعادة التفكير في التطوير، والإنتاج، ووتيرة حياتنا وأنماطها".
هذا في الوقت الذي يرى فيه المستشارون الخبراء أنه حتى الإنهاء المحدود والمؤقت للعزل الذي يخضع له المجتمع سيتطلب تغييرات جذرية، سيجري تشجيع المواطنين على ارتداء الأقنعة إلى حين التوصل إلى لقاح أو علاج طبي.
الخبراء أضافوا أيضاً أن جوانب الحياة اليومية التي كانت اعتيادية في مرحلة ما مثل ساعة الذروة، ينبغي دراستها لتقليل الازدحام في المترو والحافلات.
أما رانييري غويرا، المدير العام المساعد بمنظمة الصحة العالمية الذي يقدم المشورة لوزارة الصحة الإيطالية، فيؤكد أنه "ينبغي أن تشتغل الشركات بنظام 12 ساعة.. فوسائل النقل العام تمثل بوضوحٍ مصدراً محتملاً للعدوى".
في الوقت الذي ما زالت فيه تفاصيل الخطة قيد الدراسة، وضعت الهيئة المعنية بسلامة مكان العمل شروطها لكي تعيد الأعمال التجارية فتح أبوابها، وقالت إن الشركات قد تحتاج إعادة تخطيط أرضيات المصانع لإبقاء الموظفين على مسافة من بعضهم البعض، وحظر الاجتماعات وجهاً لوجه.
التكنولوجيا أيضاً: ستكون هناك أيضاً مراقبةٌ أكثر صرامة، في صورة تطبيق يتعقب الأشخاص الذين تواصَل معهم كل مواطن يستخدم تقنية البلوتوث، فعلى سبيل المثال إذا ذهب أشخاص إلى متحف وتواصَلوا مع شخص عُرف بعدها بوقت قصير أنه مصاب بالفيروس، فسيتلقى هؤلاء الأشخاص إشعاراً عبر الهاتف يُعلمهم بأنهم ربما تعرضوا للفيروس.
يقول الخبراء إن 60% من المواطنين الإيطاليين يحتاجون إلى استخدام التطبيق حتى يكون أكثر فائدة، وحتى في حال انتشر استخدام التطبيق في إيطاليا، ستطلب السيطرة على حالات التفشي المستقبلية جيشاً من مُتتبعي الاتصال على الأرض لتحديد واختبار وعزل الأشخاص الذين ربما تعرضوا للفيروس.
هذا في الوقت الذي يتمثل فيه مصدر القلق الأكبر، بالتزامن مع تخفيف القيود، في أن الفيروس ربما يعود مرة أخرى على نحوٍ أكثر شراسة، أو أنه قد ينتشر على نحوٍ غير مكتشف في مناطق لم يخضع فيها السكان للاختبار بدقة.