أوقفت السلطات المصرية في أبريل/نيسان 2019 الشاب محمد عماشة، طالب الطب، في ميدان التحرير بالقاهرة، بعد أن رفع لافتة كتب عليها "الحرية للسجناء". فاعتقلته السلطات، والآن يخشى عماشة الأمريكي الجنسية، المصري الأصل، انتشار فيروس كورونا في سجون مصر المكتظة بالسجناء وهو ينتظر منذ أكثر من عام محاكمته بتهمة إساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي ومساعدة "جماعة إرهابية".
الشهر الماضي قال والدا عماشة، المصاب بأحد أمراض المناعة الذاتية والربو، إنه بدأ إضراباً عن الطعام للفت الأنظار لمحنته.
وعماشة واحد من 114 ألف مسجون في مصر، وفقاً لتقدير حديث للأمم المتحدة.
أهالي السجناء ينادون بإطلاق سراحهم: في ظل أزمة كورونا التي تضرب البلد أبدى كبار المسؤولين ثقتهم في أن بالإمكان احتواء الفيروس من خلال تدابير سارية منذ 25 مارس/آذار، من بينها الحجر الصحي وحظر التجول ليلاً وحملات توعية المواطنين.
إلا أن أهالي السجناء وجماعات حقوقية ينادون منذ ظهور أول إصابة بالمرض في 14 فبراير/شباط بإطلاق سراح المسجونين، بمن في ذلك السجناء السياسيون الذين زجت بهم السلطات في السجون، في إطار حملة على المعارضة في عهد الرئيس السيسي.
هذا ما يحدث بالسجون المصرية: فيما تقول بعض الجماعات الحقوقية وسجناء حاليون وسابقون إن نزلاء السجون يتكدسون في كثير من الأحيان في زنازين مكتظة غير نظيفة لا تتوفر لهم فيها المياه مباشرة من الشبكات ولا وسائل التهوية أو الرعاية الصحية الكافية، وكلها ظروف مواتية لانتقال العدوى بسرعة.
في حين أطلقت دول، منها إيران وألمانيا وكندا، سراح سجناء في محاولة لاحتواء تفشي جائحة فيروس كورونا، إلا مصر لم تبدِ أي إشارة علنية إلى أنها قد تفعل ذلك إلا أنها علقت الزيارات العائلية للسجون في 10 مارس/آذار للحد من خطر انتشار العدوى، رغم أن بعض الأسر تقول إن هذه التدابير تجعل من الصعب عليها توصيل مواد مثل الصابون والأدوية للسجناء.
فيما قالت وزارة الداخلية إنها ستسمح فقط بتوصيل لوازم السجناء وتبادل الرسائل.
احتجاج في السجن: فيما قال محام حقوقي على اتصال بالسجناء إن إضراباً عن الطعام بدأ في عدة عنابر في مجمع سجون طرة في أواخر فبراير/شباط احتجاجا على سوء الأوضاع ونقص المعلومات عن فيروس كورونا المستجد والتقاعس عن تطهير الزنازين.
أضاف المحامي أن الإضراب عن الطعام انتهى بعد أسبوع تقريباً عندما بدأ المسؤولون في السجن السماح بدخول المزيد من الأدوية والملابس والرسائل.
أما عماشة فواصل احتجاجه، وقال والده عبدالمجيد لوكالة رويترز إنه نُقل إلى مستشفى السجن، وإنه يخشى أن يكون مصير ابنه مثل مصير مصطفى قاسم الأمريكي المصري الذي توفي في السجن بمصر في يناير/كانون الثاني بعد إضراب عن الطعام لم يكن يتناول فيه سوى السوائل.
أما والدة عماشة نجلاء عبدالفتاح فقالت: "هما هيسيبوه لحد لما يموت منّي؟ أنا حتى مش عارفة عنه حاجة ومش عارفة أكلمه علشان أقول له ما تعملش كده".
فيما لم يتسنّ الاتصال بالمتحدث باسم وزارة الداخلية للتعليق على قضية عماشة.
وامتنعت السفارة الأمريكية في القاهرة عن التعليق مباشرة على وضع عماشة، لكنها قالت إنها طلبت السماح بالتحدث مع عدد غير محدد من الأمريكيين المسجونين هاتفياً لحين استئناف الزيارات.
رسالة إلى وزير الخارجية الأمريكي: في 10 أبريل/نيسان 2020 أرسلت مجموعة من أعضاء مجلس الشيوخ من الحزبين الجمهوري والديمقراطي رسالة إلى وزير الخارجية مايك بومبيو تطالبه فيها بالمطالبة بالإفراج عن السجناء الأمريكيين استناداً إلى مخاطر فيروس كورونا.
ووردت في الرسالة أسماء عماشة و14 سجيناً آخرين من بينهم اثنان آخران في مصر وآخرون في دول، منها السعودية وإيران وسوريا.
فيما امتنعت وزارة الخارجية الأمريكية عن التعليق على هذه الرسالة بالتحديد.
وكان ديفيد شينكر، مساعد الوزير لشؤون الشرق الأدنى، قال في فبراير/شباط إن الأمريكيين المحتجزين تتردد أسماؤهم من وقت لآخر في الحوار مع مصر.
حالة ذعر لدى عائلات السجناء: قال أقارب الناشط المصري علاء عبدالفتاح الذي برز في الانتفاضة الشعبية عام 2011 والمحتجز في طرة بتهم من بينها نشر أخبار كاذبة والانتماء لتنظيم إرهابي وإساءة استعمال وسائل التواصل الاجتماعي إنه بدأ أيضاً إضراباً عن الطعام في 13 أبريل/نيسان الجاري، وقال أقاربه في بيان إنهم يشعرون بحالة من الذعر.
فيما الشهر الماضي اعتقلت السلطات والدة عبدالفتاح وشقيقته وخالته لفترة وجيزة بعد أن نظمن احتجاجاً علنياً نادراً لتسليط الأضواء على مخاطر فيروس كورونا في السجون.
كورونا في السجون المصرية: يخشى باحثون حقوقيون أن ينقل الحراس الفيروس إلى السجون، وقالوا إن عدة حالات مشتبه بها ظهرت في طرة وفي سجن وادي النطرون شمال غربي القاهرة.
فيما قال مصدران بقطاع السجون إن الاختبارات أثبتت سلبية 14 حالة مشتبهاً بها في ثلاثة سجون.
وقال مسجون سابق تواصلت معه رويترز إنه يخشى انتشار الفيروس، لأن التباعد الجسماني مستحيل في السجن المحتجز به في القاهرة، حيث يعيش 15 نزيلاً في زنزانته، ولكل منهم مساحة نصف متر مربع. فيما توصي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بتخصيص مساحة 3.4 متر مربع لكل سجين على الأقل في مختلف أنحاء العالم.
كورونا في مصر: يأتي هذا في وقت أعلنت فيه مصر التي يبلغ عدد سكانها 100 مليون نسمة، رصد 3490 حالة إصابة بفيروس كورونا المستجد، من بينها 264 حالة وفاة.
وحتى ظهر الأربعاء، أصاب كورونا أكثر من المليونين و572 ألفاً بالعالم، توفي منهم ما يزيد على 178 ألفاً، وتعافى أكثر من 701 ألف، وفق موقع "وورلد ميتر" المختص برصد ضحايا الفيروس.