بعد يومين من حادث مقتل المواطن السعودي عبدالرحيم الحويطي وما خلّفه من ردود فعل غاضبة وانتقادات على مواقع التواصل الاجتماعي، خرجت رئاسة أمن الدولة في السعودية، الأربعاء 15 أبريل/نيسان 2020، بروايتها بخصوص الحادث الذي وقع بإحدى قرى منطقة تبوك.
إذ سبق أن نشر عبدالرحيم أحمد الحويطي فيديو تنبأ فيه بقتله، قائلاً: "أتوقع أن تقتلني الشرطة في بيتي وتتهمني بأني إرهابي وتلقي أسلحة بجوار جثتي"، وهي بالفعل الرواية التي سرَّبتها السعودية بعد يومين من مقتله.
الرواية السعودية: قال المتحدث الرسمي لرئاسة أمن الدولة في السعودية، الأربعاء، وفق ما ذكرته وسائل إعلام سعودية، إنه في "صباح يوم الإثنين 13 أبريل/نيسان وفي أثناء قيام الجهة المختصة بمهمات القبض على أحد المطلوبين ويُدعى عبدالرحيم بن أحمد محمود أبوطقيقة الحويطي (سعودي الجنسية)، بمنزله في منطقة تبوك، بادر بإطلاق النار تجاه رجال الأمن، وكان متحصناً في أعلى المبنى خلف سواتر عبارة عن أكياس رملية، ولم يستجب لكل الدعوات التي وُجهت له بتسليم نفسه، من قِبل رجال الأمن ومن أحد أشقائه".
تابع المتحدث: "نتيجةً لاستمراره في إطلاق النار وإلقاء زجاجات حارقة (مولوتوف)، اقتضى الموقف التعامل معه لتحييد خطره، ما نتج عنه وفاته وإصابة اثنين من رجال الأمن، جرى نقلهما إلى المستشفى في حينه، وحالتهما الصحية مستقرة".
كما توقَّع القتيل في فيديوهات سابقة، أضاف المسؤول السعودي أنه بتفتيش الموقع ضُبط بداخله الآتي: "رشاش، مسدس، بندقية، ساكتون هوائية، (33) طلقة رشاش حية، (12) طلقة بندقية حية، صندوق بداخله عدد (13) زجاجة حارقة". وختم البيان بأن "رئاسة أمن الدولة إذ تعلن عن ذلك لَتؤكِّدُ أنها ستتعامل بكل حزم مع من يحاول الإخلال بالأمن بأي شكل من الأشكال".
شكوك حول الرواية الرسمية: أثارت قضية الشاب السعودي عبدالرحيم الحويطي موجة من الغضب على موقع تويتر، بعد انتشار فيديوهات تزعم أنه قُتل؛ لرفضه تسليم منزله من أجل "مشروع نيوم"، الذي بدأه ولي العهد السعودي محمد بن سلمان.
كما استمرت حملة التشكيك في الرواية السعودية إلى ما بعد إعلان الرياض عن روايتها الرسمية، وذهب بعض المغردين إلى اعتبار عبدالرحيم الحويطي "شهيداً"؛ لدفاعه عن أرضه.
رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا مشاهد، قالوا إنها لبدء السلطات السعودية عملية تهجير أبناء قبيلة "الحويطات" من منازلهم الداخلة ضمن المشروع، حيث تخلل العمليةَ إطلاقُ نار، أسفر عن مقتل عبدالرحيم الحويطي.
الحادثة أثارت ضجة واسعة بين رواد تويتر الذين نددوا بما حدث للمواطن السعودي، معتبرين أن ما حدث مع الحويطي "إرهاب دولة"، كما سمّوه، إذ قال الطبيب السعودي المعارض البارز د.سعد الفقيه، إنَّ "ما يجري مع الحويطات لا يختلف عن تهجير إسرائيل للفلسطينيين وتدمير بشار الأسد لمدن سوريا"، مضيفاً أن "الحويطات أثبتوا أنهم عكس كل التوقعات في صمودهم وظهور شخصيات حقيقية تتحدى الظالم".
في حين اعتبر الفقيه أن "كل من ساهم في تهجيرهم مُجرم، وكل من قصَّر في دعمهم آثم، لا بد من استثمار ثباتهم عسى أن ينكسر حاجز السلبية والخوف غير المبرر".
من جهته، كتب المستخدم بوغانم تعليقاً على صورة للصحفي والكاتب الراحل جمال خاشقجي، مرفقةً مع صور الحويطي، قائلاً: "قُتل جمال خاشقجي بسبب قلمه، وقُتل عبدالرحيم الحويطي بسبب أرضه".
فيديوهات وثَّقت ما حدث: الحويطي نشر في وقت سابق، سلسلة مقاطع فيديو، صوَّرها بنفسه، قال فيها إن سلطات بلاده تجبر سكان قرية الخريبة على ترك منازلهم؛ لإتمام مشروع نيوم.
في حين أشار الحويطي، بأحد فيديوهاته، إلى أن منزله تحاصره عناصر الشرطة، وقام بتصوير عدد منهم وإبلاغهم أنه يرفض الرحيل عن منزله.
كما يُظهر أحد المقاطع التي نشرها الحويطي قبل وفاته، وهو يتحدث قائلاً: "أتوقع أن تقتلني الشرطة في بيتي وتتهمني بأني إرهابي وتلقي أسلحة بجوار جثتي".
تهجير قسري: كان نشطاء، يُعتقد أنهم من أبناء الحويطات، قد أطلقوا حملة على مواقع التواصل الاجتماعي في يناير/كانون الثاني 2020؛ للتعبير عن رفضهم الانتقال من أراضيهم، تحت وسم #الحويطات_ضد_ترحيل_نيوم.
وتباينت الآراء بين من يناشدون الحكومة السعودية "إعادةَ النظر في قرار نقلهم من المنطقة"، ومن يرى أن السلطات السعودية تمارس "التهجير القسري" و"الإرهاب" بحق سكان المنطقة الأصليين.
فقد اتهم بعض الناشطين قوات الأمن بـ"تشريد أبناء قبيلة الحويطات؛ لتحقيق أهداف ولي العهد محمد بن سلمان"، وشارك ناشط حقوق الإنسان السعودي عبدالله الجريوي مقطعاً مصوراً يُظهر "اشتباكات مع قوات الأمن؛ لإجبار عبدالرحيم أحمد الحويطي على الخروج من البيت" والتي أدت، حسب قول الجريوي، إلى "مقتل عبدالرحيم الحويطي مخلّفاً وراءه ولداً وبنتين".