قالت كوريا الجنوبية، الجمعة 10 أبريل/نيسان 2020، إن 91 من الأشخاص الذين أصيبوا بفيروس كورونا المستجد في البلاد وتعافوا، قد أكدت الاختبارات التي أجروها بأنهم مصابون مجدداً، بعد أن ثبتت إيجابية تحاليلهم مرة أخرى.
هذا المستجد، كشفت عنه، الجمعة، المراكز الكورية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، ليضاعف من مخاوف العالم حول هذا الفيروس المستجد، كما زاد من حيرة العلماء. ولم يجد العلماء والأطباء، في عدد من بلدان العالم، تفسيرات علمية لهذا الأمر، على الرغم من تعدد الفحوصات والتحليلات.
كما يشكل احتمال عودة الإصابة بالعدوى مصدر قلق للعالم، حيث تأمل بلدان كثيرة في أن يطور من أصيبوا بالعدوى مناعة تحول دون عودة الوباء إلى الظهور.
السبب مجهول
جيونج إيون-كيونج، مدير المراكز الكورية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، قال في مؤتمر صحفي اليوم، إن هذا الفيروس ربما يكون قد "عاود النشاط" لكن العدوى لم تنتقل للمرضى مرة أخرى. إذ يطرح المتحدث نفسه فرضية "إعادة نشاط الفيروس مع فقدان قدرته على الانتشار والعدوى".
من جانبهم، أجمع مسؤولو الصحة فى كوريا الجنوبية على عدم اتضاح السبب وراء هذا الاتجاه، فيما لا تزال الفحوص والتحليلات جارية في هذا البلد، الذي يعتبر من أنجح بلدان العالم في احتواء الفيروس.
أما كيم وو جو، وهو أستاذ الأمراض المعدية في مستشفى جورو بجامعة كوريا، فقد دق ناقوس الخطر بإعلانه أن العدد سيزداد وأن الرقم 91 هو مجرد بداية الآن.
كيم، قال إنه من "المرجح أن تكون قد حدثت "انتكاسة" للمرضى دون التعرض للإصابة مرة أخرى.
يذكر، أنه تم تسجيل يوم الإثنين الماضي 51 حالة إصابة من هذا النوع، قبل أن تضاف لهم 20 حالة إلى غاية الخميس 9 أبريل/نيسان، تضاف إلى 20 أخرى ليوم الجمعة.
هذا في الوقت التي تؤكد فيه كوريا، شفاء ما يقرب من 7000 كوري جنوبي من مرض كوفيد-19 الذي يسببه الفيروس.
فرضيات مطروحة
على إثر المستجدات الأخيرة المرتبطة بظهور الفيروس مجدداً في أجسام من تعافوا منه، انكب عدد من العلماء على دراسة أسباب ذلك.
في الوقت الذي لم يحدد فيه العلماء بشكل تام طبيعة هذا الفيروس وخصائصه التامة، في ظل الحديث عن وجود سلالات وتغيرات تطرأ عليه باستمرار، فإن مجموعة من العلماء الكوريين يشيرون بأصبع الاتهام إلى تقنيات المراقبة والتحليل في حد ذاتها.
خبراء كوريون، يقولون إن "نتائج الفحوص الخاطئة يمكن أن تكون أيضاً هي المسؤولة أو أن بقايا الفيروس يمكن أن تظل فى أجسام المرضى لكنها لا تكون معدية أو ذات خطورة على المريض أو الآخرين"
هو التفسير الذي يؤيده جونج كي-ساك، الأستاذ بمستشفى القلب المقدس التابع لجامعة هاليم في كوريا، والذي صرح بأن "هناك تفسيرات مختلفة ومتغيرات كثيرة". وأضاف: "يتعين على الحكومة أن تتخذ إجراءات إزاء كل من هذه المتغيرات".
ينظر العالم بقلق كبير لهذه التطورات في كوريا، ويأمل في أن تسيطر على ظهور الفيروس مجدداً، إذ تعتبر كوريا من أنجح البلدان في السيطرة على تفشيه، بعد أن فرضت السلطات في البلاد مجموعة من الإجراءات الاستباقية، أبرزها الحجر الصحي والتباعد الاجتماعي، بالإضافة إلى توسيع الاختبارات على نطاق واسع جداً.
المراكز الكورية لمكافحة الأمراض والوقاية منها، قالت اليوم إن البلاد، سجلت 27 حالة إصابة جديدة، وهو أدنى رقم منذ أن بلغت الحالات اليومية ذروتها ووصلت إلى 900 فى أواخر فبراير/شباط ليبلغ إجمالي الإصابات 10450 حالة، كما توفي 7 أشخاص ليصل مجموع الوفيات إلى 211 شخصاً.
فيما لم تسجل مدينة دايجو، التي شهدت أول تفش كبير للفيروس خارج الصين، أي حالات جديدة للمرة الأولى منذ أواخر فبراير/شباط.
أرقام غير مطمئنة
ليست كوريا الجنوبية هي الوحيدة التي سجلت هذه الظاهرة بين المصابين منها، بل إن عدداً من البلدان الأخرى، خاصة الآسيوية منها، التي انتشر فيها الفيروس انتشاراً كبيراً، سجلت نسباً غير هينة ممن عاودهم الفيروس.
ففي الصين، بؤرة تفشي الفيروس العالمي، أكدت السلطات في البلاد، نهاية شهر مارس/آذار الماضي، بأن 12% من مجموع المتعافين من فيروس كورونا، قد تم إعلان إصابتهم به من جديد، وهي النسبة التي ارتفعت في اليابان لتصل إلى 14%.
ولم تكشف نتائج التحليلات والفحوصات والدراسات التي قام بها بعد العلماء في اليابان والصين عن أسباب ذلك، كما لم يتم الإعلان عما إذا كان الفيروس يعود بنفس القوة، ينتقل بنفس النشاط إلى أجساد أشخاص آخرين أم لا؟.
عدو مجهول وسيناريوهات مخيفة
في انتظار إيجاد لقاح فعال وآمن لفيروس كورونا المستجد، قدر بعض العلماء الحصول عليه، بين 12 و18 شهراً، فيما ذهب البعض الآخر إلى 5 سنوات، مازال العالم يتعامل مع كائن "لا مرئي" مجهول، كما عجز العلماء عن تحديد طبيعته.
يجمع العديد من العلماء في علم الفيروسات في العالم، على أنهم "يتعاملون مع أغرب فيروس عرفه التاريخ"، لذلك فإنهم يوصون بتشديد أكبر لإجراءات التباعد الاجتماعي، سواء في صفوف غير المصابين أو الذين تم إعلان تعافيهم منه.
كما لا يستبعد العلماء أيضاً، فرضية عدم مغادرة فيروس لأجساد المصابين، بالرغم من تعافيهم منه.
أما أنتوني فاوسي، رئيس المعهد الأمريكي لأمراض العدوى والحساسية، فيذهب إلى طرح فرضية أكثر تعقيداً وخطورة، والتي قد تعني استحالة مغادرة الفيروس العالم، في ظل عدم وجود لقاح آمن وفعال.
يقول فاوسي، واحد من أشهر علماء الفيروسات في أمريكا والعالم، إن فيروس كورونا قد يصبح فيروساً موسمياً، كغيره من الفيروسات الموسمية الشهيرة التي تظهر خاصة في فصل الشتاء.
مشدداً على أن خطورة هذا الأمر، تكمن في كونه يستهدف بشكل خاص الأشخاص الذين لم يسبق لهم أن أصيبوا به من قبل والذين لم يكوّنوا مناعة مقاومة له.
كما سيؤدي تغير فصول الشتاء في العالم، خاصة في جنوب القارة الإفريقية والدول الاستوائية إلى معاودة انتشاره في العالم، أي ظهور موجة ثانية من الفيروس، لذلك فإن إيجاد لقاح في أقرب وقت ممكن، أصبح ضرورة ملحة من أجل التصدي له.