في تطور مفاجئ، كشفت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية، نقلاً عن مسؤول سعودي رفيع المستوى قوله، إنَّ السعودية تُجري محادثات يومية مع المسلحين الحوثيين المتحالفين مع إيران في اليمن، وتدعو ممثلي الحوثيين والحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إلى حضور محادثات سلام في المملكة.
حسب تقرير الصحيفة الأمريكية الذي نشر الإثنين 30 مارس/آذار 2020، أكَّد محمد آل جابر، سفير السعودية لدى اليمن، أنَّ اقتراح إجراء محادثات لإنهاء الحرب المستمرة منذ خمس سنوات، التي راح ضحيتها أكثر من 100 ألف شخص، ما زال مطروحاً، بالرغم من تصاعد العنف في مطلع الأسبوع الجاري، مضيفاً أنَّ الحوثيين لم يردوا على العرض حتى الآن.
بينما كشف الحوثيون، الثلاثاء 31 مارس/آذار، عن اتصالات يجرونها مع السلطات السعودية لاحتواء التصعيد العسكري بين الطرفين، الذي زادت وتيرته خلال اليومين الماضيين، لكنهم اعتبروا التصريحات السعودية "غير دقيقة".
في تصريح أدلى به وزير الإعلام في حكومة الحوثيين، ضيف الله الشامي، لقناة الجزيرة، قال إن هناك اتصالات مع السعودية تتم عبر وسطاء لاحتواء التصعيد، لكن تصريحات السفير السعودي بشأن اتصالات يومية معنا غير دقيقة. وأضاف "نمد يدنا لسلام شامل يضع حلولاً كاملة غير مجتزأة".
آخر تواصل.. تبرير القصف السعودي الأخير
ذَكَر جابر أنَّ بعض المسؤولين السعوديين تحدثوا إلى نظرائهم الحوثيين، يوم الأحد 29 مارس/آذار، لتأكيد أنَّ الغارات التي ضربت صنعاء كانت ردَّاً على الهجمات الصاروخية التي تعرَّضت السعودية لها يوم السبت 28 مارس/آذار، وليس المقصود بها إعادة تصعيد النزاع.
كما أضاف جابر: "نحن ملتزمون بخفض التصعيد. ومستعدون لإبرام اتفاقٍ لوقف إطلاق النار في جميع الأراضي اليمنية إذا قبلوا ذلك". ولم يتسنَّ الاتصال بممثلي الحوثيين فوراً للتعليق على هذا الأمر.
يأتي هذا في الوقت الذي تُعتبر فيه السعودية حريصة حرصاً متزايداً على تخليص نفسها من تورُّطها العسكري في اليمن، حيث تدخلت منذ خمس سنوات بعدما استولى الحوثيون على صنعاء وأطاحوا الحكومة المعترف بها دولياً.
يُذكَر أنَّ التدخل السعودي في اليمن -الذي مات فيه أكثر من 112 ألف شخص، من بينهم أكثر من 12600 مدني، منذ بدء الحرب- أثار انتقاداتٍ واسعة النطاق من مُشرِّعين أمريكيين من كلا الحزبين، وغيرهم. فيما تصف الأمم المتحدة الأوضاع في اليمن، الذي يعاني المجاعة والكوليرا بأنَّها أسوأ أزمة إنسانية في العالم.
رغبة الرياض في إنهاء حرب اليمن
في هذا الصدد، قالت إيلانا ديلوزير، الخبيرة المتخصصة في شؤون اليمن في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "تمسُّك السعودية بدعوة الحوثيين إلى لقائهم وجهاً لوجه من أجل إجراء محادثات بعد الهجمات الاستفزازية التي شهدتها مطلع الأسبوع الماضي، يوحي بأنَّ السعوديين يرغبون بشدة في إنهاء الحرب في اليمن. وبالرغم من الأراضي التي كسبها الحوثيون مؤخراً، فإن السعوديين ما زالوا مستعدين لإجراء اتصالاتٍ مباشرة مع الجماعة المتمردة".
حسب الصحيفة الأمريكية، فإنَّ الجهود المبذولة لإنهاء الصراع متوقفة منذ فترة، بعدما توصَّلت الأطراف المتحاربة إلى اتفاق سلام مؤقت، في ديسمبر/كانون الأول من عام 2018.
صحيحٌ أنَّ هذا الاتفاق أوقف معركةً على ميناء الحديدة الرئيسي، كانت الأمم المتحدة تخشى أنها ستكون كارثية، تقول الصحيفة، لكنَّه لم يُنفَّذ رسمياً قط، ولم تُعقَد المحادثات المأمولة التي تهدف إلى إرساء تسويةٍ للصراع برمته.
إذ قال جابر، الذي تحدث عبر الهاتف من الرياض، إنَّ حكومة عبد ربه منصور هادي اليمنية المعترف بها دولياً والمدعومة سعودياً والحوثيين وافقا، قبل الهجمات التي وقعت في مطلع الأسبوع الجاري، على تهدئة التصعيد وبدء محادثات لبناء الثقة.
كما أضاف جابر أنَّ العرض السعودي لإجراء محادثاتٍ في المملكة جاء بناءً على طلبٍ من مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن.
مكالمات يومية منذ 2019
بينما اعترف بعض المسؤولين السعوديين سراً بأنَّهم أجروا محادثاتٍ مباشرة مع الحوثيين، ذهب جابر إلى ما هو أبعد من ذلك، مشيراً إلى وجود مكالمات هاتفية يومية بين مسؤولي التحالف الذي تقوده السعودية والحوثيون منذ العام الماضي 2019.
كما ذكر جابر أنَّ القناة الدبلوماسية بين الطرفين بدأت العمل في سبتمبر/أيلول الماضي، بعدما أعلن الحوثيون أنَّهم سيوقفون الغارات الصاروخية وغارات الطائرات بدون طيار على الأراضي السعودية. وجاء إعلان الحوثيين في أعقاب هجماتٍ مدمرة على منشآت نفط سعودية. وبينما يزعم الحوثيون أنَّهم نفذوا تلك الهجمات، أكَّد مسؤولون سعوديون وأمريكيون أنَّ إيران هي المسؤولة عنها.
يُذكَر أنَّ السلطات السعودية أعلنت، السبت 28 مارس/آذار 2020، أنَّها أسقطت صواريخ باليستية أطلقها الحوثيون على عاصمتها الرياض ومدينة أخرى على الحدود السعودية مع اليمن. ثم ردَّت قوات التحالف التي تقودها السعودية يوم أمس، الإثنين 30 مارس/آذار 2020، بشنِّ غاراتٍ جوية على صنعاء، وهي الغارات الأولى من نوعها في العاصمة اليمنية منذ شهور.