كثرة كبار السن وإهمال المواطنين.. لماذا تعاني إيطاليا من كورونا بشكل جنوني دون باقي أوروبا؟

عدد القراءات
1,837
عربي بوست
تم النشر: 2020/03/11 الساعة 13:20 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2020/03/22 الساعة 15:06 بتوقيت غرينتش
فحص درجات الحراراة لمعرفة الإصابة بكورونا - رويترز

السؤال المطروح على طاولة كورونا هو: لماذا تعاني إيطاليا من تزايد عدد الإصابات والوفيات بشكل جنوني، حتى اضطرت الحكومة لإعلان العزل التام والكامل في البلاد؟

بالتأكيد هنالك أكثر من سبب لمثل هذه المصيبة التي ضربت القارة العجوز. 

السبب الأول والأكثر خطورة هو حالة الاستهتار والتهوين من العدوى ومعاملتها معاملة الإنفلونزا الموسمية ونزلات البرد العادية. هذا السبب يمكن استخدامه لتفسير الانتشار في معظم البلدان، لكن في الحالة الإيطالية وصل الأمر إلى درجة دفعت رئاسة الوزراء إلى انتقاد سلوك المواطنين ووسائل الإعلام في التعاطي مع الفيروس. السبب الثاني لانتشار الفيروس في إيطاليا متعلق بالتوزيع الديموغرافي للسكان.

صورة 1

تعرض (صورة 1) ما يعرف بالـ population pyramid أو الهرم السكاني في إيطاليا. وعلى أساسه يتم تقسيم السكان في الصورة بناء على العمر والجنس. ومن هذا الهرم يتضح لك أن الغالبية العظمى للسكان في إيطاليا يتجاوز معدل أعمارهم 45 سنة.

ولكي نكون أكثر دقة فيما بنية العمر للسكان في إيطاليا، أعرضها لكم كما جرى قياسها في 2018 في (صورة 2).

صورة 2 تعرض توزيع الشرائح السكانية في إيطاليا

في هذه الصورة نرى أن 41.82% من سكان إيطاليا يقعون في الشريحة العمرية (25-54 سنة)، يليها مباشرة النسبة المستهدفة ومحل الاهتمام ..(65 عام فما فوق) وهي التي تمثل ثاني أعلى نسبة في سكان إيطاليا بـ 21.69%. وهي تعادل قرابة 13 مليون من أصل 62 مليون مواطن تقريباً. ومن الممكن إضافة الشريحة العمرية الأخرى من (55-64 سنة) والتي تمثل 13.29% من إجمالي سكان إيطاليا. إذن، أكثر من ربع سكان إيطاليا يقعون تحت تهديد الفيروس.

وطبقا لتقرير منظمة الصحة العالمية عن لجنتها المشتركة مع الصين فالأشخاص الأكثر عرضة لأعراض ومضاعفات فيروس كورونا هم كبار السن وأصحاب الأمراض المزمنة، واقتباساً من التقرير، أترجم لكم:

"الأفراد الأكثرعرضة لخطر الإصابة بأعراض خطيرة والوفاة يشمل الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 60 عامًا، وذوي الحالات الكامنة/المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والقلب وأمراض الأوعية الدموية وأمراض الجهاز التنفسي المزمنة والسرطان."

أين النظام الصحي في إيطاليا؟

فيما يخص قطاع الصحة في إيطاليا فإنه لا يختلف كثيراً عن نظرائه في باقي الدول الأوروبية. مصروفات قطاع الصحة الإيطالي تمثل 9% من ميزانية الدولة، حسب آخر تقييم في 2015. باقي الدول الأوروبية تمنح قطاع الصحة من 8-12 % من ميزانيتها.
بالنسبة لتوزيع الرعاية الصحية، أي كثافة عدد الأطباء إلى السكان، فهي 4.09 طبيب لكل 1000 مواطن حسب آخر تقييم لسنة 2017. 

و عدد الأسرة الطبية 3.4 سرير لكل 1000 مواطن لآخر إحصاء سنة 2012. 

معدلات الكثافة الطبية في إيطاليا

ما يعني أن عدد الأطباء والأسرة لكل مواطن يتجاوز المعدل في دول مثل  بريطانيا وأمريكا. الأرقام الايطالية لقطاع الصحة تضعنا أمام دولة توفر خدمة طبية جيدة للقاطنين في أراضيها. إذ أن متوسط إنفاقات دول العالم على قطاع الصحة هو 10.9% من إجمالي المصروفات طبقا لآخر إحصاء عام 2016 من منظمة الصحة العالمية.

معدلات الإنفاق العالمي على قطاع الصحة

بالعودة للسؤال الأهم: ماذا حدث ليتحول الأمر إلى كارثة بهذا الشكل؟

و بمحاولة ترتيب كل المعطيات وعمل سيناريو للوضع الحالي مع محاولة تصور ما يمكن أن يحدث في المستقبل القريب، أقول الآتي:

– كان من الممكن احتواء الحالات طبياً، لكن الوعي الصحي المتدهور لدى المواطنين والإهمال لعبوا دور كبير في نشر الإصابات.

– الإهمال بدوره بعد ما ضاعف الحالات المصابة ومع انتشار العدوى وعدم الالتزام بالتعليمات وإهمال التحذيرات، مع وجود نسبة كبيرة من كبار السن في المجتمع الإيطالي حول الوضع إلى كارثة طبية. 

– إيطاليا بالكامل تحت الإغلاق.. حجر صحي شامل .. الخروج فقط للحصول على المساعدة الطبية. الحالات المصابة هي 10149 حالة والوفيات 631 حالة و تعافى 724 حالة فقط. والحجر مستمر حتى 3 أبريل/نيسان القادم. ومتوقع تزايد عدد الوفيات خصوصا بين كبار السن.

– الأطقم الطبية في إيطاليا قبل توقيع رئيس الوزراء على قرار الإغلاق الشامل.  خرج منهم أناس كثر يطالبون الجمهور بالالتزام، لانهم لم يعودوا قادرين على أداء وظيفتهم بسبب الضغط الرهيب على المستشفيات بسبب تضاعف حالات الإصابة.  

لذلك، يطلب منك أن تلتزم وتوعي من يحتاج للتوعية، فإن هذا ليس تهويلاً من الفيروس، ولكن للحماية والسيطرة على العدوى.

"معاً نستطيع إيقاف كورونا، الأمل ما زال قائماً في إنهاء هذا الكابوس" 

  • المدير العام لمنظمة الصحة العالمية.

أنتم أيضاً يمكنكم المشاركة معنا في قسم الآراء والتجارب الشخصية عن طريق إرسال كتاباتكم عبر هذا البريد الإلكتروني:opinions@arabicpost.net

مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.

أحمد أمير
طبيب مصري مهتم بشؤون الصحة والثقافة
طبيب مصري مهتم بشؤون الصحة والثقافة
تحميل المزيد