بعد انتشار فيروس كورونا في المدن الألمانية مؤخراً، بدأت أيضاً حالات "التسوق مثل الهامستر" بالظهور في بعض المتاجر من المدن الألمانية، وهو مصطلح ألماني يعني التسوق المبالغ فيه وتخزين المواد جراء الذعر والخوف المنتشر في المجتمع من خطر قادم محتمل، المصطلح الذي بات متداولاً حتى بين المتحدثين باللغة الانكليزية أيضاً.
وأوضحت نشرة تاغزشاو الإخبارية على القناة الألمانية الأولى، أن ظواهر غير عقلانية كالتسوق مثل الهامستر، ترجع إلى مراقبة الناس القلقين سلوك الآخرين عوض الثقة بالحقائق، واعتقادهم بأن الآخرين لديهم معرفة متقدمة حيال الخطر مقارنة بهم.
وذكرت أن وسائل الإعلام تقوي "سلوك القطيع" هذا، ما يهدد بحدوث ذعر غير ضروري.
صور الرفوف الفارغة في المتاجر تنتشر على مواقع التواصل
وتداول مستخدمو الشبكات الاجتماعية في ألمانيا صوراً لأقسام من سلاسل المتاجر وهي خالية جزئياً أو كلياً من البضائع.
ونشر الشاعر رامي العاشق على صفحته بموقع فيسبوك صوراً لرفوف فارغة، قال إنها ليست "أخباراً زائفة" بل التقطها يوم الثلاثاء 3 مارس/آذار في متجر "دي إم" وسط العاصمة برلين.
ونشرت العالمة علياء كيوان فيديو التقطته من متجر "ريفي" في مدينة هايدلبيرغ، وكانت تريد جلب نوع معين من المعكرونة منه، فتفاجأت بعدة رفوف مخصصة للمنتج فارغة.
وطلب البعض على الشبكات الاجتماعية إعارتهم البعض من محارم الحمام، التي نفذت في بعض المتاجر كما يظهر في الصور.
وباتت المعقمات نادرة أو تباع أيضاً بأسعار باهظة جداً مقارنة بسعرها الاعتيادي، فنشر موقع تلفزيون "في دي إر" العام فاتورة تظهر بيع صيدلية عبوة فيها 100 ميلي غرام بـ30 يورو، في حين أن سعرها الاعتيادي هو 6 يوروهات فقط، ما يعني زيادة سعرها 6 أضعاف.
ولاحظت الصحفية راما العامر خلال تسوقها في برلين أن الشراء الهستيري هذا لم يقتصر على المعقمات والمنظفات، بل حتى محارم إزالة المكياج ومزيلات طلاء الأظافر.
ورغم أن هذه الصور والفيديوهات مأخوذة من الواقع لكنها لا تمثل الصورة بأكملها، فالتسوق الجنوني هذا ظهر في بعض المناطق من كل مدينة، ولم تشمل كل أنحاء ألمانيا.
ويمكن ملاحظة أن الأقسام الفارغة من البضائع هي تلك المخصصة للمأكولات القابلة للتخزين لمدة طويلة خاصة المعكرونة بأنواعها والدقيق والسكر.
هذا الأمر لاحظه "عربي بوست" في متاجر بمدينة هانوفر الألمانية أيضاً.
لا داع للخشية من نقص المواد
واعتبر وزير الصحة الألماني ينس شبان هذا النمط من التسوق مبالغاً فيه، مؤكداً أنه ليس هناك من داع للاعتقاد بأن كمية المواد الغذائية ستصبح محدودة.
وأوضحت رابطة تجارة التجزئة في ألمانيا أنه على الرغم من وجود طلب مرتفع على المنتجات والمشروبات ذات الصلاحية الطويلة الأجل حالياً في بعض متاجر المواد الغذائية، فإن حالة إمدادها على نطاق ألمانيا طبيعية، وفق ما نقل عنها موقع تاغزشاو.
وقالت إنه رغم الطلب المتزايد على نطاق ألمانيا على المواد الغذائية ذات الصلاحية الطويلة الأجل والمواد الصيدلانية والمعلبات، لا يوجد نقص في توريد البضائع، مشيرة إلى أن متاجر السوبر ماركت تملك المنتجات في مخازنها، ويتوجب عليها أن تحضر نفسها للحاجة المتزايدة من منتجات محددة.
وذكر نائب رئيس رابطة تجارة التجزئة في برلين وبراندنبورغ غونتر بيتس يوم السبت الماضي أنهم مستعدون لتوصيل كميات إضافية.
وأشار إلى أن المبيعات في محال السوبر ماركت في ولايتي برلين وبراندنبورغ ارتفعت الأسبوع الماضي بمقدار 30 إلى 40%، وعلى نحو خاص الصابون والمطهرات، وفق ما ذكر موقع صحيفة برلينر مورغن بوست الثلاثاء 3 مارس/آذار.
وكانت متاجر "ليدل" قد ذكرت يوم الجمعة الماضي تسجيل مبيعات بكميات كبيرة، وعن طلب شديد على المواد الغذائية ذات الصلاحية الطويلة الأجل كالمعلبات والمعكرونة، إضافة لمحارم الحمام والمطهرات، مشيرة إلى أنها تعمل بشكل مكثف لضمان توريد البضائع في فروعها.
وتحدثت سلسلة متاجر "ألدي زود" عن طلب شديد على البضائع، فيما أقرت سلسلة المتاجر الضخمة "كاوفلاند" عن حدوث نقص مؤقت في بعض المواد التي هناك طلب شديد عليها.
وأكدت أيضاً متاجر "ريفي" طلباً متزايداً على المواد ذات الصلاحية الطويلة الأجل على نطاق البلاد، وإن كان ذلك ليس شاملاً لكل الفروع، مشيرة إلى أن توريد البضائع لفروعها ولمتاجر "بيني" التابعة لها طبيعي. وجاءت تصريحات متاجر "ريآل" مماثلة.
طلب شديد على واقيات الفم دفع الأطباء للشكوى
ووُجهت على نحو خاص الانتقادات للمتسوقين مثل الهامستر، بسبب نفاد واقيات الفم الأمر الذي بات الأطباء يشتكون منه ويعتبرون عملهم مهدداً بالايقاف بسببها، مؤكدين أنها لا تفيد الشخص السليم بل المريض الذي يريد منع انتقاله للآخرين.
وانتشر منشور لطبيب ألماني جراح يدعى دانييل شولز بشكل كبير على موقع فيسبوك (138 ألف مشاركة و98 ألف إعجاب)، منذ أن كتبه في 3 مارس/آذار، اعتبر فيه التسوق الهستيري غير المبرر هذا أخطر من الفيروس نفسه، مشيراً إلى عدم وجود نقص في هذه المواد في بؤرة الفيروس نفسه في ووهان في الصين.
وحذر في منشوره من مخاطر حصول نقص في واقيات الفم لدى الأطباء الجراحين جراء هذه الظاهرة، وعدم قدرتهم على العمل.
وتحدث في منشور آخر عن سرقة السوائل المعقمة من المشافي، ووصف من يخزن المواد بكمية لا يحتاجها بالأحمق لأنه يضع الآخرين الذين يحتاجونها في خطر.
وكانت الحكومة الألمانية قد أعلنت الأربعاء عن حظر تصدير مستلزمات الحماية الطبية مثل أقنعة التنفس والقفازات وسترات الوقاية إلى الخارج، على أن يتم استثناء ذلك فقط تحت شروط ضيقة، مثل التصدير في إطار حملات إغاثة دولية.
توبيخ من يتبعون هذا السلوك
وانتشر أيضاً منشور على موقع فيسبوك كتبه نهاية شهر فبراير/شباط شخص يدعى دومنيك رونده (158 ألف مشاركة و62 ألف إعجاب)، أشار فيه إلى عدد المصابين بفيروسات أخرى والوفيات الناجمة عنها (1674 حالة وفاة من الإنفلونزا في ألمانيا في موسم 2017/2018) دون أن يحدث هذا الذعر بين الناس، كما هو حاصل الآن، والذي أدى إلى نقص في المواد التموينية والطبية.
واعتبر الكاتب فيليب دبيونه في تعليق على موقع صحيفة برلينر تسايتونغ أنه فيما يخص موضوع فيروس كورونا، باتت رويداً رويداً القواعد الأساسية للعيش المشترك الحضاري غير سارية.
وتساءل إن كان الناس قد فقدوا صوابهم، مبرراً كلامه بالإشارة إلى أن المعكرونة والمعلبات ومحارم الحمام تصبح اعتباراً من بعد الظهر بضاعة نادرة، إلى حد يجعل المرء يتساءل ما الذي ينويه الناس، وكيف باتت واقيات الفم والمعقمات تباع بأسعار باهظة جداً، وكيف باتت هذه المواد بسبب الطلب الشديد عليها طريقة لتحقيق الربح السريع.
ونقل عن شاب ألماني مقيم في هايدلبيرغ، كان قد حقق أرباحاً فلكية في وقت قصير بعد أن اشترى كمية كبيرة من واقيات الفم وبدأ ببيعها بثمن باهظ على الإنترنت بعد انتشار كورونا، قوله لموقع بينتو الشبابي: " إنه كالاتجار بالمخدرات. لا أعلم هامش (الربح) في الاتجار بالمخدرات، لكن هكذا أتصوره".