قال موقع Stuff النيوزيلندي إن فريد أحمد أحد ضحايا هجوم مسجدي كرايستشيرش بنيوزيلندا أصدر كتاباً وجّه فيه رسالته عن الأمل والحب بعدما أعلن مسامحته للإرهابي الذي قتل زوجته حسنة أحمد (44 عاماً)، و50 مسلماً آخرين في 15 مارس/آذار 2019.
بدأ تسامح فريد أحمد منذ اختبأ من طلقات الرصاص المتطايرة خلف سيارته خارج مسجد النور في مدينة كرايستشيرش النيوزيلندية.
زوجة فريد، حسنة التي استمر زواجها من فريد أحمد 24 عاماً، أصيبت بطلقة نارية في الظهر خارج مسجد النور في شارع دينز بينما كانت تركض بحثاً عن الأمان، بعدما عادت إلى داخل المسجد ثلاث مرات لتنقذ النساء والأطفال. ثم عادت للمرة الأخيرة لتعثر على زوجها المصاب بشلل نصفي.
عام كامل على الحادثة
بعد مرور عامٍ على هذه الحادثة أصدر فريد أحمد كتاباً بعنوان "قصة حسنة"، واصل فيه التمسك بموقفه المتسامح والتعبير عن الحب الذي جمعه هو وزوجته، ومنذ ذلك الوقت وهو يجول في العالم ليشارك هذا الحب مع الآخرين.
فريد قال: "لم أحتج وقتاً للتفكير في مسامحته، كان الأمر تلقائياً"، مضيفاً: "حتى أنني شعرت بالأسف عليه منذ وقت الهجوم. حين كان الرصاص يتطاير، تعاطفت مع الضحايا ومعه". وتابع: "هو ضحية أفكاره الخاطئة، وقلبه المليء بالغضب، قلب ليس به سلام بل كره".
فيما قال أحمد إنه قدَّم المواساة والنصح لنحو 55 شخصاً استقبلهم في غرفة المعيشة بمنزله في حي هون هاي، على مشارف مدينة كرايستشيرش، لمدة 4 ساعات مساء يوم 15 مارس/آذار، في محاولة منه لإخماد الغضب والحزن في قلوبهم، وليبين لهم أن الحب هو السبيل الوحيد.
بعد رحيل الجميع في الساعة 11 مساءً، أتيح له الوقت أخيراً للحديث معه ابنته المكلومة شفاء، وكانت وقتها في الخامسة عشرة من عمرها. واتفقا على أن يتمسّكا بالروح الإيجابية، وأسعده أنَّ ابنته ورثت طباع زوجته، إذ قالت إنهم "ينبغي أن يشعروا بالشفقة" على مُطلِّق النار، وقال أحمد: "بكينا وتعانقنا"، وتابع: "وقعت مأساة واحدة بالفعل، ولم نكن نرغب بحدوث المزيد".
فكرة تأليف الكتاب
مشيراً إلى أن تأليف الكتاب كان صعباً جداً لكنه ضروري.
وعلى مدى 5 أشهر، انعزل أحمد عن العالم وظل يكتب لمدة 5 ساعات يومياً. ويقول: "مع كل جملة كتبتها، كنت أنتحب". ونقل عن رجل قوله إنه شاهد حسنة تدخل إلى غرفة الصلاة الرئيسية بحثاً عن زوجها. وقال الشاهد: "كانت هناك لدقائق قليلة قبل أن يأتي (فريد).. بدت قلقة للغاية".
كما قال أحد في كتابه: "في مخيلتي، أرى زوجتي الشجاعة في تلك الغرفة، تبحث عني بالرغم من خطورة ذلك على حياتها، وهذا التصور يفطر قلبي ويجعلني أرغب في البكاء".
وأضاف: "أتمنى لو استطعنا العثور على بعضنا، لكن لم يُقدَّر لنا ذلك".
تمنى أنَّ أفكارها الأخيرة كانت مليئة بالأمل أنَّ زوجها بأمان بعدما لم تجده وسط الجرحى والموتى.
وكتب أحمد: "بينما كانت تهمُّ بالرحيل، أصيبت بالطلق الناري في ظهرها". مضيفاً: "في لحظاتها الأخيرة، أتمنى أن تستطيعوا رؤية كل ما قلته لكم عن زوجتي: شجاعتها وصلابتها وقدرتها المدهشة على التمسك بالأمل والحب حتى في وجه أسوأ ما قد يقدمه هذا العالم".
كان أحمد قد أبدى قدرته على التسامح مسبقاً بعدما صدمه سائق مخمور يقود بسرعة 100 كيلومتر/الساعة، بينما كان أحمد يسير إلى عمله في شركة Nelson عام 1998. وهي الحادثة التي أصابته بشلل نصفي، ولم يتلقَّ أي اعتذار من السائق الشاب.
ويرى أحمد أنَّ السائق "ربما شعر بالذنب"، ويرجح أنه رآه في أعقاب هجوم 15 مارس/آذار، قائلاً: "إذا كان قريباً، عليه أن يأتي لمقابلتي لأنني سأعانقه. ويمكننا تناول كوب من الشاي البنغلاديشي". وتابع: "نحن جميعاً بشر ونخطئ".
بالرغم من شعوره بالتعب، يأمل أحمد أن يتمكن من مواصلة الحديث مع الناس في أنحاء كرايستشيرش من داخل الكنائس والمدارس والنقابات وحتى "من الحانات.. بهدف التواصل مع الناس".
سيستمر في السفر للخارج أيضاً، بما في ذلك الاجتماع برئيس وزراء أستراليا في سيدني الأسبوع المقبل، الذي طلب منه مسبقاً أن يساعده للقاء عائلة منفذ الهجوم. ويخطط أحمد لمتابعة هذا الطلب، وقال إنه يود لقاء مُطلِّق النار أيضاً.
كما من المقرر أن تُمنَح إيرادات بيع كتاب أحمد إلى منظمة St John New Zealand الخيرية، التي ساعدته عقب حادثته، ثم ساعدت زوجته خلال إصابتها بداء كرون. وساعدت أيضاً ضحايا هجوم 15 مارس/آذار.
اختتم أحمد حديثه قائلاً: "لم أفعل ذلك لمكسب شخصي أو بغرض الشهرة أو أي شيء من هذا القبيل. فأنا لست من هذا النوع".