قالت وزارة الدفاع الروسية، الجمعة 28 فبراير/شباط 2020، إن مقاتلاتها لم تنفذ ضربات في المنطقة التي كانت بها القوات التركية، وأسفرت عن مقتل 33 جندياً تركياً، وذلك في أكبر هجوم تتعرض له القوات التركية المتواجدة في سوريا، ما دفع أنقرة لمطالبة حلف شمال الأطلسي (الناتو) باجتماع عاجل.
تأتي هذه التطورات وسط تصاعد التوترات بين روسيا وتركيا وسوريا بشأن محافظة إدلب السورية، وعدم تمكن الطرفين من التوصل لأي اتفاق رغم عقد عدة جلسات خلال الأيام الماضية، خاصة بعد أن حذر الرئيس التركي رجب طيب أردوغان من أن بلاده ستشن هجوماً شاملاً لطرد القوات السورية ما لم تنسحب خلف نقاط المراقبة التركية كما نص اتفاق سوتشي.
الناتو يستجيب لدعوة أنقرة
الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أكد أن الحلف استجاب لدعوة أنقرة، وأن سفراء الحلف سيجتمعون، الجمعة، لإجراء مشاورات بشأن التطورات في سوريا بموجب المادة 4 من معاهدة الحلف.
يذكر أن المادة الخامسة لحلف الناتو تنص على وجوب تحرك الحلف لمناصرة أي عضو يخضع لتهديد حرب.
ستولتنبرغ كتب على تويتر: "اليوم سيجتمع مجلس الحلف بطلب من تركيا للتشاور بشأن الوضع في سوريا بموجب المادة 4 من معاهدة واشنطن التي أسست الحلف". وبموجب تلك المادة، يمكن لأي بلد عضو في الحلف طلب إجراء مشاورات إذا كان يعتقد أن سلامة أراضيه أو استقلاله السياسي أو أمنه معرض للخطر.
تركيا تطالب بحظر جوي وتفتح الحدود للاجئين
في الوقت ذاته، قالت تركيا إنه يتعين على القوى العالمية فرض منطقة حظر طيران في سوريا لحماية مئات الآلاف من النازحين بسبب الاشتباكات، في منطقة إدلب.
مسؤول تركي كبير قال لرويترز في ساعة متأخرة، أمس الخميس، إن أنقرة لن تمنع من الآن فصاعداً حوالي أربعة ملايين لاجئ تستضيفهم من الوصول إلى أوروبا.
وكتب فخر الدين ألتون، رئيس مكتب الاتصالات في الرئاسة التركية، على تويتر، أن روسيا وإيران اللتين تدعمان الرئيس السوري بشار الأسد ستفقدان كل مصداقيتهما إذا لم يوقفا القتال في منطقة إدلب.
كان الجيش التركي قد أعلن أن قواته ردت على قوات النظام بقصف مواقع عدة لها، وقال رئيس دائرة الاتصال في الرئاسة التركية فخر الدين ألتون إنه "تم استهداف كافة أهداف النظام (السوري) المحددة بنيران عناصرنا البرية والجوية"، داعياً المجتمع الدولي -بما في ذلك روسيا وإيران- إلى "الوفاء بمسؤولياته" من أجل "وقف الجرائم ضد الإنسانية التي يرتكبها النظام" السوري.
ألتون أكد أيضاً أن بلاده"لم ولن نقف متفرجة حيال ما تشهده إدلب من أحداث مشابهة لتلك التي وقعت في رواندا والبوسنة والهرسك".
بعد الهجوم على الفور، قال مسؤول تركي كبير إن بلاده التي تواجه موجة جديدة من المهاجرين السوريين، والتي قُتل العشرات من جنودها في إدلب، لن تمنع اللاجئين السوريين بعد الآن من الوصول إلى أوروبا، وذلك فيما انعقد اجتماع طارئ في أنقرة بقيادة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
هذا التلويح التركي بفتح الطريق أمام اللاجئين للوصول إلى أوروبا، في حال تنفيذه، يعد تراجعاً من جانب تركيا عن تعهد قطعته للاتحاد الأوروبي عام 2016 وقد يجذب القوى الغربية سريعاً إلى الدخول في المواجهة بخصوص إدلب وفي المفاوضات المتعثرة بين أنقرة وموسكو.
روسيا ترسل سفناً حربية للمتوسط
في الوقت ذاته، نقلت وكالة إنترفاكس الروسية للأنباء عن الأسطول الروسي في البحر الأسود قوله إنه أرسل سفينتين حربيتين مجهزتين بصواريخ كروز (موجهة) من طراز كاليبر إلى البحر المتوسط باتجاه الساحل السوري.
من جانبها، ذكرت وزارة الدفاع الروسية أن مقاتلاتها لم تنفذ ضربات في المنطقة التي كانت بها القوات التركية، وأن موسكو فعلت ما في وسعها لضمان وقف إطلاق للنار من جانب الجيش السوري للسماح للقوات بالإجلاء.
كما نقلت وكالة إنترفاكس الروسية عن نائب روسي قوله: "إن أي عملية عسكرية تركية واسعة النطاق في إدلب ستكون نهايتها سيئة لتركيا".
إدانات دولية
وزارة الخارجية الأمريكية قالت، في بيان لها، إن الولايات المتحدة قلقة للغاية إزاء أنباء الهجوم على الجنود الأتراك.
كما أضاف ممثل عن الوزارة في بيان: "نقف إلى جوار تركيا حليفتنا في حلف شمال الأطلسي، ونواصل الدعوة إلى وقف فوري لهذا الهجوم الخسيس لنظام الأسد وروسيا والقوات المدعومة من إيران" في إشارة إلى الرئيس السوري بشار الأسد.
أما المتحدث باسم الأمم المتحدة، فقال إن الأمين العام للمنظمة الدولية أنطونيو غوتيريش عبر عن "قلق بالغ" إزاء تصعيد القتال في شمال غرب سوريا وأنباء مقتل عشرات الجنود الأتراك في ضربة جوية، وجدد دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار.
وقال مسؤولان تركيان لرويترز إن أردوغان والرئيس الأمريكي دونالد ترامب قد يتحدثان عبر الهاتف لبحث الوضع في إدلب، بعد الهجوم على الجنود الأتراك.