استضاف مسؤولون حكوميون كبار، الأسبوع الماضي، وفداً يضم 30 من قادة اليهود الأمريكيين في العاصمة السعودية الرياض، لحضور قمة استمرت أربعة أيام، نظمها "مؤتمر رؤساء المنظمات اليهودية الأمريكية الكبرى"، وهي هيئة تنسيق مركزية لليهود الأمريكيين. وكان هذا أول وفد يهودي من نوعه يتوجه إلى المملكة الإسلامية السُّنية منذ ما يقرب من ثلاثة عقود.
إذ قال رئيس المؤتمر آرثر ستارك: "أجرينا حواراً مفتوحاً، والتقينا مسؤولين رفيعي المستوى، وتحدثنا عن مخاوفنا، وتحدثوا عن مخاوفهم، ونأمل ونؤمن بأن هذه خطوة في طريق علاقة طويلة ومثمرة تعكس زياراتنا الأخرى لدول الخليج التي يتجلى فيها دعم إسرائيل بالفعل"، وفق ما صرح به لصحيفة Israel Hayom الإسرائيلية.
سياق الخبر: رغم أنه لم يُصرَّح رسمياً بتفاصيل المحادثات، تعكس هذه البعثة العلاقات الدافئة بين السعودية ودولة إسرائيل، وكذلك إدارة ترامب التي تحاول إعادة إطلاق المفاوضات؛ في محاولة لحل النزاع الطويل بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والتصدي للتهديد الإيراني، وفق ما يصرح به المسؤولون الأمريكيون.
تفاصيل الزيارة: توجهت البعثة إلى السعودية بعد أسبوع واحد فقط من صدور تقرير يوضح أن الجهود جارية لتنظيم قمة علنية تُعد انطلاقة مُهمة بين رئيس وزراء إسرائيل وقادة دول الخليج، في الأشهر المقبلة.
تأتي هذه البعثة أيضاً بعد أسبوعين فقط من عرض الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لرؤية "من السلام إلى الازدهار"، لتحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وهي خطة يُعتقد أن عديداً من دول الخليج تدعمها.
حرصت السعودية على توفير الأمن للوفد، الذي تمسَّك أعضاؤه بتناول الطعام الحلال الموافق للشريعة اليهودية طوال الزيارة، وشاركوا في الصلوات اليهودية اليومية.
قال ستارك خلال مؤتمر صحفي في القدس: "لقد قرأتم ما بين السطور هذا الأسبوع. سيكون وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في السعودية. ويمكنكم قراءة التصريحات العامة للمسؤولين السعوديين فيما يتعلق بخطة السلام والتصريحات العامة الأخرى التي أدلوا بها. لذلك نأمل أن تستمر الأمور في التغيير في اتجاه يسعدنا".
فضلاً عن خطة السلام، كان من ضمن المواضيع الأخرى التي رُبما أُثيرت في المناقشات، الأمن الإقليمي، ومواصلة إيران صناعة الأسلحة النووية والهيمنة الإقليمية.
صورة أوضح: رغم أنه لم يحضر أي مسؤول سعودي مؤتمر البيت الأبيض لعرض مقترح السلام، حضر المؤتمرَ الصحفي سفراء من البحرين وعُمان والإمارات العربية المتحدة.
كما قال وليام داروف، الرئيس التنفيذي المعيَّن حديثاً في المؤتمر لموقع JNS: "إنها تبعث بإشارة إلى أن العالم العربي عموماً قد سئم من رفض الفلسطينيين التعاون".
في حين أضاف ستارك متحدثاً عن الدبلوماسيين الخليجيين: "لقد كان الأمر مؤثراً للغاية، حقيقة أنهم كانوا هناك. وكما صرح كثير منهم، فإنهم يودون أن يكون ذلك بداية للتفاوض على اتفاق". وقال ستارك: "هناك اهتمامات مشتركة ومصالح مشتركة بين إسرائيل وهذه الدول العربية. وجميعها تشعر بقلق بالغ من إيران".
ماذا قالوا أيضاً؟ فضلاً عن الدبلوماسية والأمن، بدأت دول الخليج تتطلع إلى إسرائيل على أنها نموذج اقتصادي للازدهار في الشرق الأوسط. وقال ستارك: "أعتقد أنكم تدريجياً سترون علامات الدعم، والابتكار، وعلامات دعم الحداثة وما إلى ذلك. وهذا جزء مما بدأنا نسمعه داخل القيادة، وهم يتطلعون إلى أمريكا وإسرائيل باعتبارهما مثالين واعدين لما يمكن أن يكون".
رغم أن معظم الزعماء السعوديين الحاضرين فضَّلوا عدم الكشف عن هويتهم في الصحافة وأن اللقاءات عُقدت بصورة غير رسمية، أجرى محمد العيسى، الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي وحليف ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، لقاءً. ويُشار إلى أن العيسى ترأس مؤخراً وفداً إلى أوشفيتز لإحياء الذكرى الـ75 لتحرير معسكر الاعتقال والإبادة النازي.
وفقاً لنائب الرئيس التنفيذي للمؤتمر مالكولم هوينلين، الذي قاد منظمة المؤتمر على مدى السنوات الـ35 الماضية، تعد الوفود المبتعثة إلى العالم الإسلامي "استثماراً طويل الأجل من جانب المؤتمر". وقال: "هذا نتاج مجهود دامَ أكثر من عقدين. والآن، هناك أسباب لحدوث هذا التغيير بالمواقف، وربما يسهم في تسريع هذه العلاقة، لكن الأمر شديد الحساسية".
كما أشار إلى أن هناك كثيراً من التحركات الدبلوماسية التي تحدث بمرور الوقت ودون الإعلان عنها، "من خلال بناء علاقات بنّاءة في جميع المجالات". وردّاً على سبب عدم الإفصاح عن تفاصيل محددة للقمة، أضاف هوينلين أن "الثرثرة تفسد الأمور، كما رأينا من نواحٍ كثيرة، وفي هذا الشأن علينا أن نفعل ذلك. نريد أن نكون أطرافاً مسؤولة وبنّاءة".
وأضاف قائلاً: "لقد حققنا النجاح. ونحن لا نعلن ذلك دوماً، ولا ندلي بالتصريحات التي يدلي بها آخرون. إننا نبحث عن النتائج طويلة الأجل، ونحصل عليها".