قبل شروق الشمس، يتدفق الألوف من الفلسطينيين على مسجد النصر في نابلس، وهو ما يؤدي لزيادة كبيرة في عدد المصلين المعتادين على أداء صلاة الفجر. يأتي ذلك في إطار نهج فلسطيني جديد للاحتجاج على إسرائيل والولايات المتحدة.
يتكرر المشهد في جميع أنحاء الضفة الغربية، حيث بدأ الناس في الخروج لأداء صلاة الفجر بأعداد غير مسبوقة، بعد ابتعادهم عن الاحتجاج في الأماكن المعتادة التي يكونون فيها عرضة للاعتقال أو الأذى.
عن هذه الطريقة الجديدة في الاحتجاج قال مشارك في الاحتجاج بالصلاة يدعى مازن دونبق (39 عاماً) إنها "وحّدت الشعب الفلسطيني، وحّدت مدينة نابلس بمخيماتها بأكملها، وحّدت نابلس بجميع أطيافها، هي بداية أو نواة لوحدة وطنية حقيقية ستكون بإذن الله. والجميع يعرف أن التقرب من لله هو العنوان الرئيسي للخلاص من الاحتلال ومن دنس الاحتلال بإذن الله".
الطريقة الأكثر سلمية لتوصيل الرسالة
قال صاحب مطعم من نابلس، يدعى سيف أبوبكر "هذه هي الطريقة الأكثر سلمية لتوصيل الرسالة"، حيث تخرج حشود نابلس من المسجد إلى الأزقة المحيطة به والساحات. وتتردد هتافات في المدينة القديمة بنابلس بعد نداء المؤذن للصلاة.
إذ قال أبوبكر "آمل أن يكون هذا الشكل جديداً لتوجيه الطريقة التي يتم بها إبلاغ الرسالة إلى هناك. حاولنا الاحتجاج ولم ينجح ذلك، لأننا لا نملك القوة الكافية، إنها الطريقة الأكثر أماناً للجميع، لاسيما الفلسطينيين".
كانت رسالة الحشد المشارك في صلاة فجر يوم الجمعة، في معظمها، بمثابة رفض للانحياز الأمريكي المتصور لإسرائيل في خطة السلام بالشرق الأوسط التي وضعها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
لم تُنظم سوى تجمعات صغيرة في الشوارع منذ الإعلان عن هذه الخطة. فقليلون مَن استجابوا لدعوة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لأيام غضب.
بدلاً من ذلك، بدأ كثيرون يستجيبون لدعوات وُجهت على فيسبوك ومواقع التواصل الاجتماعي الأخرى، لحضور ما أصبح يُعرف باسم (حملة الفجر العظيم)، التي وُصفت بأنها إظهار للتضامن ضد ترامب وما يعتبرونه تهديدات إسرائيلية للأماكن المقدسة الإسلامية في القدس والخليل. وشهدت المدينتان خروجاً أكبر في الأسابيع القليلة الماضية.
فتح أطلقت الحملة وحماس دعمتها
كانت الدعوات الأولى لزيادة الحضور في صلاة الفجر من حركة فتح، الفصيل السياسي للرئيس عباس، الذي يهيمن على منظمة التحرير الفلسطينية. وزادت الأعداد بعد أن نالت الحملة دعماً من حركة حماس، التي تسيطر على مساجد كثيرة، لاسيما في المدن التي لها فيها أتباع كُثر.
في نابلس، حيث زادت الحشود إلى عدة آلاف يوم الجمعة (14 فبراير/شباط)، من نحو ألفين فقط في الأسبوع السابق، أصرّ المصلون على أنه لا توجد مجموعة واحدة فقط وراء الحملة، واصفين إياها بأنها حركة شعبية لا تزال تتحسس أقدامها. ودوّت في الأفق هتافات شعبية تتردد خلال مسيرات حماس، يقول أحدها "لن تسقط أمة قائدها (النبي) محمد"، وآخر "بالروح والدم نفديك يا أقصى"، وغيرها.
هذا الحدث منظم فيما يبدو، حيث تتوفر بُسُط إضافية للصلاة، كما يتوفر طعام وماء بكثرة، ويشرف عليه حراس يرتدون سترات عاكسة مكتوباً عليها "فرسان الفجر.. فجر نابلس العظيم".
عدد الحشود أقل بكثير من أولئك الذين شاركوا في احتجاجات "مسيرة العودة الكبرى" عند السياج الحدودي لغزة، عندما بدأت تلك الحملة منذ ما يقرب من عامين. وقُتل في احتجاجات غزة 215 فلسطينياً وأُصيب عدة آلاف بجراح في مواجهات مع القوات الإسرائيلية. بينما قُتل جندي إسرائيلي واحد فقط برصاص قناص فلسطيني.
بينما في نابلس، حيث تُنظم حشود صلاة الفجر بشكل سلمي، لم ترد إشارة تُذكر على تشديد إجراءات الأمن.
فيما لم يُعلق على الفور متحدث باسم الجيش الإسرائيلي أو جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي على سؤال بشأن ما إذا كانت إسرائيل لديها علم بالزيادة الكبيرة في عدد من يشاركون في أداء صلاة الفجر في جماعة بالضفة الغربية.