يتكهن المتخصصون عن الصوت على كواكب أخرى، وكيف يمكن إجراء المحادثات في العوالم الفضائية حيث لا يوجد هواء. كيف سيسمع الآخرون صوتك لو كنت تعيش على كواكب أخرى؟
بالطبع، لن تحظى بوقتٍ يُذكَر للدردشة إذا وقفت في هواء المريخ الطلق؛ إذ سيغلي دمك في ثوانٍ حتى الموت. لكن كيف سيكون صوت تلك الصرخة الأخيرة؟ وهل يسمع الآخرون صوتك أصلاً؟
أولاً ما هو الصوت؟
الصوت عبارة عن موجة تحمل الطاقة. ولكي يحدث هذا، يحتاج الصوت وسَطاً معيناً مثل الهواء، الذي يحتوي على جزيئات يمكنها تحريك الموجة وتمريرها.
عندما يضرب الصوت بنية مادية، مثل طبلة الأذن، يهتز الهيكل. ثم تنتقل هذه الاهتزازات على طول سلسلة من الهياكل الصغيرة في الأذن الوسطى والداخلية، وهو ما يخلق اضطرابات ميكانيكية تنشّط في نهاية المطاف الأعصاب الموجودة بالدماغ.
ومن ثم، هناك عديد من العوامل التي تحدد كيفية سماع الأصوات.
بغضّ النظر عن مكانك، فصوتك نتاج لمدى سرعة تحرك موجات الضغط عبر الحنجرة وتردد اهتزازات الوترين الصوتيين.
من دون غلاف جوي، تغيب كل الأصوات، هذا ما أكدته جامعة هارفارد في رسالة علمية أجابت فيها عن أسئلة الطلاب الفضولية.
ولكن عندما يكون هناك غلاف جوي لدراسته على سبيل المثال، فهناك عديد من العوامل التي تجب مراعاتها.
- ما مقدار الضغط في الجو؟
- ما كمية الرطوبة؟
- كم تبلغ درجة الحرارة؟
- ما هي الغازات في الهواء؟
تؤثر كل هذه العوامل في كثافة الهواء، وتحدد بدورها ثلاثة أشياء:
1) كيف تهتز الحبال الصوتية لدينا؛ ومن ثم نوع الصوت الذي ننتجه.
2) مدى سرعة انتقال الموجات الصوتية عبر الهواء، وهو ما يؤثر في الصوتيات.
3) مدى كفاءة انتقال الموجات الصوتية عبر الهواء، وهو ما سيغير مستوى الصوت.
لذا تخيل أنك تتحدث في الماء أو من تحت مخدة، سيتغير صوتك بطبيعة الحال، وذلك ببساطة لتغير الوسط الذي تنتقل فيه الموجات الصوتية.
فإذن كيف سيسمع الآخرون الصوت على كواكب أخرى
عندما تصرخ وسط غازات مختلفة بمستويات كثافة متفاوتة، تأخذ الضوضاء نفسها أشكالاً جديدة. إليك كيفية تغيير بعض الأغلفة الجوية غير الأرضية لصوتك.
نستعرض في هذا التقرير طبيعة الأصوات التي ستصدر عندما تحاول التكلم على سطح كواكب أخرى، بعد عدة تجارب علمية أعادت تشكيل نوع الأحوال الجوية على تلك الكواكب والأقمار، وفق ما نشرته مجلة Popular Science.
الأرض: يهتز الحبلان الصوتيان في الإنسان بترددات متكيفة مع الجزء الصالح للسكن من الغلاف الجوي، لا سيما مع الكثافة والضوء. ولا تمتص جزيئات النيتروجين الوفيرة وجزيئات ثاني أكسيد الكربون القليلة كثيراً من الاهتزازات؛ لذلك ينتقل الصوت بشكل جيد.
المريخ: كنت ستناضل ليُسمع صوتك فحسب على الكوكب الأحمر؛ فغلافه الجوي يتكون من غاز ثاني أكسيد الكربون بنسبة 95%، وتمتص الروابط الجزيئية لهذا الغاز الاهتزازات بشكل جيد للغاية؛ لذلك فحتى مكبرات الصوت التي تعمل بقوتها كاملة ستكون مسموعة بالكاد على بُعد 30 قدماً.
وتعمل كيمياء الهواء البارد أيضاً على إبطاء حركة الصوت بشدة، وإبطاء دندناتك يُنتج صوتاً عميقاً أجش.
تيتان: يُعد قمر كوكب زحل أكثر العوالم شبهاً بالأرض حتى الآن، لكن مزيج الغاز فيه أكثر كثافة بنسبة 50% مما هو على كوكبنا.
وسيؤدي الهواء البارد السميك إلى إبطاء اهتزاز الحبلين الصوتيين وسرعة الصوت نفسه؛ وهو ما يؤدي إلى منح صوتك عمقاً أكبر وجعله أخشن.
وقد تنتقل النغمات الجذابة بعيداً بفضل وفرة غاز النيتروجين، الذي لا يعمل على إضعافها بدرجة كبيرة.
الزُّهرة: ستخفض هذه الأجسام الكثيفة الشبيهة بالحساء نغمتك إلى النصف؛ لأن الثقل يبطئ حركة الحبلين الصوتيين.
من ناحية أخرى، تتحرك الموجات في الوقت نفسه بسرعة عبر الضباب، وهو ما يجعل صوتك بجودة سيئة يمكن تشبيهها في بعض الأحيان بصوت بطوط.
عوالم أخرى: كل الصخور التي تدور حول شمسنا صامتة تقريباً، كما هو الحال في المساحات المفتوحة.
فلا يوجد ما يكفي من الغاز في أغلفتها الجوية الرقيقة أو غير الموجودة لحمل الموجات الصوتية بأي درجة.
وقد ينجح عدد قليل من المواضع في إحداث ضجة تضاهي، على سبيل المثال، انفجاراً في فيلم خيال علمي، ولكن الصراخ على مستوى صوت الإنسان قد يكون مضطرباً.