كشف بيني غانتس، الرئيس السابق لهيئة الأركان العامة لجيش الدفاع الإسرائيلي والذي يخوض محاولته الثالثة لإطاحة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، أنه سيزور الرئيس ترامب وحده في واشنطن الإثنين 27 يناير/كانون الثاني 2020؛ لمناقشة الاقتراح الأمريكي بخصوص الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني ، المعروفة اعلامياً باسم "صفقة القرن".
غانتس، الذي وصف نفسه بأنه "الشريك المخلص والوفي للرئيس"، وفق تقرير نشرته صحيفة The New York Times الأمريكية، كشف بوضوحٍ باللغة الإنجليزية، أنه سيجتمع بترامب بصفته "رئيس أكبر حزب في إسرائيل"، وهو حزب أزرق-أبيض.
إلى ذلك أشاد غانتس باقتراح ترامب، الذي قال عنه إنه تلقى أنباءً طيبة من مسؤولي الإدارة الأمريكية.
لقاء غانتس وترامب سيكون من دون نتنياهو
التقرير الأمريكي قال إن الإعلان المفاجئ من غانتس عن لقاء ترامب يكشف أن الشخصين لن يكون معهما نتنياهو، الذي كان يسعى لعقد لقاء ثلاثي معهما في البيت الأبيض الثلاثاء 28 يناير/كانون الثاني، وذلك قبل 5 أسابيع من الانتخابات الإسرائيلية التي ستُعقد في 2 مارس/آذار، وهو الاقتراع الثالث الذي يُجرى خلال عام واحد. وكان الاستحقاقان الانتخابيان السابقان قد وصلا إلى حالة جمود.
من الأهمية بمكانٍ أن مثل هذا الأمر يعني أيضاً أن غانتس سيكون قادراً على العودة إلى إسرائيل يوم الثلاثاء في الوقت المناسب، ليراقب دعوى رئيسية متعلقة بمحاولة نتنياهو الحصول على حصانة برلمانية من المقاضاة في اتهامات كبيرة بالفساد. ويُتوقع أن يرفض المشرعون الطلب.
لكن في الواقع، وجد غانتس، الذي بدا مُجبَراً على تلبية دعوة البيت الأبيض، مَخرجاً خفياً يمكِّنه من تجنُّب مساعدة نتنياهو دون أن يسيء إلى أقرب وأقوى حليف لإسرائيل.
حيث قال غانتس بالعبرية، في بيان أذاعه التلفزيون الإسرائيلي في بث مباشر: "بعد هذه المقابلة المهمة، سأعود إلى إسرائيل لأقود المناظرات المتعلقة بحصانة نتنياهو عن قرب".
أضاف: "هذه ليست أياماً عادية تمر على دولة إسرائيل".
حيث إن لقاء غانتس ونتنياهو بوجود ترامب ربما كان سيسبب حرجاً للأول أمام الإسرائيليين
يذهب التقرير الأمريكي إلى أن لقاء غانتس، وهو عضو في البرلمان، مع الرئيس الأمريكي ورئيس الوزراء الإسرائيلي، كان متوقَّعاً أن يسبب حرجاً له أمام الإسرائيليين. فكان من الممكن أن يضعه نتنياهو في موقف محرج أمام الكاميرات، من خلال إغرائه للانضمام إلى حكومة وحدة بعد انتخابات 2 مارس/آذار. وكان ذلك سيعني التواصل باللغة الإنجليزية، وهو شيء يتفوق فيه نتنياهو على خصومه السياسيين، ولا يريح غانتس كثيراً.
من جانبه أثنى غانتس، الذي يتصدى لليمين في حملته هذه المرة، ثناءً كبيراً على ترامب، واصفاً إياه بأنه "صديق حقيقي لدولة إسرائيل، ولمواطني إسرائيل ولليهود في الولايات المتحدة"، قائلاً عن قيادته إنها "جعلت التحالف بيننا أعمق وأوثق وأقوى من أي وقتٍ مضى".
إلى ذلك وفي خضم ترديد عبارات الثناء، كانت تعليقات غانتس على اقتراح إدارة ترامب بخصوص الصراع الإسرائيلي-العربي -الذي قال عنه إنه قد اطلع عليه بما يكفي- مليئة بالتحفظات الخفية، وأشارت تعليقاته إلى إمكاناتها بدلاً من احتمالية أو تأكُّد نجاحها.
حيث قال مؤسس ائتلاف أزرق-أبيض، إن الاقتراح يمكن أن يكون "أساساً للتقدم" نحو "تسوية متفق عليها" مع الفلسطينيين، "جنباً إلى جنب مع الشراكة الاستراتيجية المستمرة والمتعمقة أكثر مع الأردن ومصر والبلاد الأخرى في المنطقة".
وأوضح كذلك أن الخطة ستدخل التاريخ "بوصفها مرحلة مهمة تحدد الطريق الذي تسير عليه الأطراف المتعددة في الصراع بالشرق الأوسط؛ من أجل الوصول إلى تسوية إقليمية وتاريخية". لكنه لم يشر إلى المدى الذي يمكن أن يؤدي إلى ذلك الطريق.
في حين تحدثت وسائل الإعلام الإسرائيلية عن خطة التسوية الأمريكية للقضية الفلسطينية
في سياق متصل امتلأت وسائل الإعلام الإسرائيلية بما يُفترض أنها تسريبات لتفاصيل الخطة، قائلة إنها ستمهد الطريق لضم أجزاء مهمة من الضفة الغربية تشمل كل شيء عدا عدد صغير من المستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية المحتلة. ويصر الفلسطينيون من جانبهم على أن المشروع وٌلد ميتاً.
حيث وصف كثير من المحللين والمؤيدين لحل الدولتين في الصراع، التمهيد المُنتظر للخطة هذا الأسبوع، بأنه إلهاء عن محاكمة عزل ترامب، ومحاولة من جانب نتنياهو لتغيير الحملة الانتخابية من كونها استفتاء عليه، إلى مناقشة حول ما يصفه رئيس الوزراء الإسرائيلي بأنه فرصة "لا تتكرر" لتوسعة نطاق الأراضي الإسرائيلية.
على الرغم من ذلك، تسببت دعوة البيت الأبيض، التي أوصلها نائب الرئيس، مايك بنس، بالقدس يوم الخميس 23 يناير/كانون الثاني، في وضع غانتس في مأزق.
مساعدون لغانتس قالوا إنه سيكون من الصعب والمكلِّف أيضاً على الصعيد السياسي رفض استدعاءات رئاسية. وقالوا إنه كان ثمة اعتقاد بأن تلك الدعوة مثَّلت فخاً نصبه نتنياهو بالتعاون مع حلفائه في إدارة ترامب.
فقبل إعلان غانتس، طلب بعض النشطاء في الخارج منه أن يرفض دعوة الرئيس إلى واشنطن.
إذ قال شاي إيرل، وهو مقاول يبلغ من العمر 61 عاماً: "نصب بيبي (نتنياهو) له فخاً". وأضاف: "يجب ألا يذهب بصفته ضيف نتنياهو ورفيق رئيس الوزراء غير المنتخب بعد".
في المقابل، فعقد اجتماع منفصل، الإثنين 27 يناير/كانون الثاني 2020، لا يخلو من مخاطر بالنسبة لغانتس. فنظراً إلى أنه رجل عسكري، لم يدخل غانتس إلى عالم السياسة إلا منذ عام مضى، ولا يزال عليه مواجهة السلك الصحفي المتحدث بالإنجليزية أو منصة مشابهة لذلك في البيت الأبيض.
إلى ذلك أشار مساعدو نتنياهو إلى أنهم سيسعون إلى تضخيم وجه التناقض بينهما، في حين أوردت صحيفة Haaretz الإسرائيلية بعد تعليقات غانتس، أن نتنياهو يخطط الآن لعقد اجتماعٍ إضافي خاص به مع ترامب يوم الإثنين، ليحرم غانتس من دورة أخبار خاصة به وحده.