أبدى العديد من الأعضاء الجمهوريين في مجلس الشيوخ مخاوفهم من رغبة زعيم الأغلبية ميتش ماكونيل في تسريع محاكمة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إذ عبروا عن ذلك في مأدبة غداء قبل بدء أولى جلسات المحاكمة، الثلاثاء 21 يناير/كانون الثاني، وذلك عقب تقديمه خطة لتحديد القواعد الخاصة بكيفية بدء المحاكمة، وفيها اقتصرت مدة تقديم البيانات الافتتاحية والمرافعات على مدار يومين فقط، ليتم في النهاية إطالة المدة إلى 3 أيام بعد ضغط من الجمهوريين والديمقراطيين على السواء.
رفض المقترح من أقوى حلفاء ترامب: أشارت مصادر مطلعة لشبكة CNN إلى تزعّم الاعتراض من قبل أعضاء معتدلين مثل السيناتورة سوزان كولينز من ولاية مين وروب بورتمان من أوهايو، كما انضم إليهم عدد من الأعضاء الأكثر تحفظاً في تجمع أعضاء الحزب الجمهوري الذين ضغطوا على ماكونيل، حتى وصلت طلبات تغيير القانون إلى 15 طلباً من أعضاء المجلس، وفق تأكيد أحد المساعدين الجمهوريين.
اللافت أيضاً أن أقوى حلفاء الرئيس كان من بين هؤلاء الأعضاء، إذ جاءت الاعتراضات من السيناتور توم كوتون، من ولاية أركنساس، والسيناتور دان سوليفان من ولاية ألاسكا، والسيناتور مايك راوندز من ولاية داكوتا الجنوبية، والسيناتور روجر ويكر من ولاية ميسيسيبي. إلا أن مكتب كوتون نفى، مساء الثلاثاء 21 يناير/كانون الثاني، أنه دعم تغيير القرار.
لماذا رفضوا تسريع المحاكمة؟ كان مكمن قلق أعضاء مجلس الشيوخ إزاء تسريع المحاكمة هو أن ذلك قد يوفر فرصة للديمقراطيين للاعتراض، واتهامات للمحاكمة بأنها غير عادلة، كما قد يضعف فرص إعادة انتخاب الجمهوريين الذين لا يتمتعون بنفوذ كبير. لكن مع تقدم اجتماع الغداء، أصبح من الواضح أن الغالبية العظمى من الحزبين تؤيد تغيير قرار ماكونيل، وفقاً للمصدر الجمهوري.
محاولات إرضاء المعارضين: قبل بدء جلسة الثلاثاء بدقائق، شطب أحد موظفي مجلس الشيوخ بهدوء أجزاء قليلة من القرار المطبوع بقلم، وأضاف التعديلات بخط اليد.
هذا التعديل الذي تم في اللحظة الأخيرة مدَّد الوقت المخصص للبيانات الافتتاحية من يومين إلى ثلاثة أيام، وخفف من قواعد تقديم الأدلة، وقد اعتُبر تنازلاً لأعضاء مجلس الشيوخ من الجمهوريين المعتدلين، وفوزاً محدوداً للديمقراطيين.
أيضاً، كان هزيمةً إجرائية للبيت الأبيض، الذي دفع ماكونيل إلى تقصير الإطار الزمني للمحاكمة، وفقاً للشبكة الأمريكية.
تقدير خاطئ: في حين ينظر البعض إلى تغيير القواعد على أنه حالة نادرة أساء فيها ماكونيل فهم أعضاء حزبه، رأى البعض الآخر شيئاً أكثر استراتيجية في هذه الخطوة، شيئاً يمكن اعتباره رفضاً من الجمهوريين لبيت أبيض عازم على تقييد شروط محاكمة العزل.
إذ يعتقد السيناتور كريس كونز، وهو ديمقراطي من ولاية ديلاوير، أن ماكونيل أخطأ في تقدير استعداد أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين للبقاء حتى وقت متأخر من الليل. فقد رأى الديمقراطيون أيضاً أن هذه محاولة لإنهاء المحاكمة بينما يكون الأمريكيون نائمين.
أياً كان السبب، يؤكد هذا الحادث مدى محدودية فرص ماكونيل للمناورة، فقد كان بإمكانه تمرير القرار بأغلبية بسيطة، إذ يتمتع بميزة ثلاثة مقاعد ولا يمكنه المخاطرة بخسارتها.
وأخيراً، أشاد الجمهوريون بالتعديل: في النهاية، عدّل الاقتراح ليمتد 3 أيام بدلاً من يومين، وقد نال ذلك استحسان الأعضاء الجمهوريين؛ إذ قال السيناتور رون جونسون لشبكة CNN: "لا نحاول إخفاء الشهادة في الساعات الأولى من الصباح"، ورأى أن إضافة 24 ساعة تبدو أكثر عدلاً.
لكنه لم يعجب كل الديمقراطيين: إلا أن هذه التغييرات لم تؤثر على معارضة الديمقراطيين لقرار ماكونيل كثيراً؛ إذ قال السيناتور الديمقراطي باتريك ليهي إنه لا يرى أن هذه التغييرات مهمة، قائلاً إنه كانت هناك فترات توقف رئيسية في محاكمة الرئيس بيل كلينتون.
فيما أضاف: "أعتقد أن الحقيقة هي أن ميتش يواصل إخباركم أيها الصحفيون بأننا نفعل تماماً ما فعلناه مع كلينتون. وهو لا يفعل ذلك بالطبع. وآمل أن يخبره أحدهم بذلك".
لكن يبدو أنه نال استحساناً نسبياً من آخرين، فصباح الثلاثاء 21 يناير/كانون الثاني، انتقد زعيم الأقلية تشاك شومر بحدة قرار ماكونيل من قاعة مجلس الشيوخ، قائلاً إنه "سيؤدي إلى محاكمة متعجلة تضم القليل من الأدلة، في ظلام الليل".
ثم بحلول الظهر، بدا العضو الديمقراطي راضياً قليلاً، وقال للصحفيين خلال استراحة قصيرة في الجلسة: "أنا سعيد للغاية؛ لأنهم غيّروا الخطة من يومين إلى ثلاثة أيام، وبذلك لن نضطر لسماع بيانات في الساعة الثانية صباحاً". وقال شومر إن الاختبار الحقيقي سيأتي عند التصويت للشهود والوثائق حال انتهاء البيانات الافتتاحية في المحاكمة.