أثار الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر غضب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، خلال المؤتمر الذي استضافته برلين يوم الأحد 18 يناير/كانون الثاني 2020، عندما تجاهل مرات عدة اتصالاتها في محاولة منه للتنصل من التوقيع على اتفاق لوقف إطلاق النار.
خلف الكواليس: صحيفة الكورييري ديلا سيرا الإيطالية نشرت تقريراً عن بعض كواليس ما جرى في مؤتمر برلين، الذي حضره حفتر، ورئيس حكومة الوفاق المُعترف بها دولياً، فايز السراج، إضافة إلى 12 دولة.
موقع "الجزيرة.نت" نقل عن الصحيفة أنه عند الساعة الخامسة من مساء الأحد رن جرس هاتف الغرفة طويلاً التي كان يتواجد فيها حفتر في قصر المستشارية الألمانية، لكن دون جدوى، وكانت ميركل تريد الحصول على ردّ نهائي من حفتر، بخصوص نص البيان الختامي لمؤتمر برلين، لكن الجنرال الليبي لم يبدِ تجاوباً.
قبل ذلك كانت ميركل قد أمضت طوال فترة المؤتمر وهي تتنقل بين قاعة المؤتمرات والغرفتين اللتين كان يتواجد فيهما حفتر والسراج، نظراً لأن الرجلين يرفضان الجلوس على طاولة واحدة.
غضب المستشارة الألمانية: انفجر غضب ميركل عندما تأكدت أن حفتر لن يرد على اتصالاتها، ونقلت الصحيفة الإيطالية عن مصدر كان قريباً من المستشارة في تلك اللحظات قوله، إن ميركل قالت: "سننتظر فقط عشر دقائق أخرى، وإن استمر حفتر في عدم الاضطلاع بمسؤولياته، فسوف نختتم المؤتمر ونقر بما توافق عليه المؤتمرون"، وهذا ما حدث بالفعل.
لم يوقّع حفتر والسراج على البيان الختامي، فضلاً عن صمت الجنرال المبهم بشأن قابلية تنفيذه، بل إنه بعد المؤتمر بساعات فقط، هاجمت قوات حفتر مدينة طرابلس وقصفتها بالقذائف، مسجلة أول خرق لوقف إطلاق النار عقب قمة برلين.
مراوغة الجنرال الليبي: تشير الصحيفة الإيطالية أيضاً إلى أنه كما جرت العادة في الأشهر الماضية، غيّر حفتر موقفه في اللحظة الأخيرة خلال مقترح نص الاتفاقية التي وقع عليها غريمه السراج في موسكو عندما فرّ هو في جنح الظلام، موجهاً حينها للرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي يعتبر أبرز الداعمين له، صفعة على أنفه.
رأت الصحيفة أن الشيء نفسه حدث تماماً مع ميركل، التي كانت عازمة على إدخال السراج وحفتر في اللحظات الأخيرة إلى قاعة المؤتمر لوضع توقيعهما على البيان الختامي أمام قادة العالم، بيد أن تهرب حفتر في اللحظات الأخيرة الحاسمة أجبرها على الاعتراف على مضض، أمام الصحفيين، بأنه لم يكن بالمستطاع حل جميع المشاكل.
العودة إلى الإمارات: يبدو أن أبوظبي لعبت دوراً في طريقة تعامل حفتر خلال مؤتمر برلين، حيث قالت الصحيفة إن اللواء الليبي يعتبرهم الحماة الفعليين له على الصعيدين العسكري والمالي، ولهذا "فقد كان يلجأ إليهم في كل مرة لاتخاذ قراره النهائي".
أثار رجوع حفتر الدائم إلى الإماراتيين والدور الذي لعبته أبوظبي من وراء الكواليس انزعاج الروس رغم دعمهم له، وقالت الصحيفة الإيطالية إن حفتر وضع شروطاً لا يمكن قبولها "لدرجة أن الروس أنفسهم كانوا على وشك نفاد صبرهم مع أمير الحرب الذي يدعمونه"، مشيرة إلى قراره بوقف تصدير النفط.
يُذكر أن البيان الختامي لمؤتمر برلين دعا الأطراف الليبية وداعميهم إلى إنهاء الأنشطة العسكرية، والعودة إلى المسار السياسي لحل النزاع، والالتزام بقرار الأمم المتحدة الخاص بحظر تصدير السلاح إلى ليبيا (رقم 1970 لعام 2011).