أثار الناشط المصري وائل غنيم جدلاً واسعاً بعد إعادة فتح صفحة "كلنا خالد سعيد" مرة أخرى.
ضجة إعاده فتح الصفحة سبّبت قلقاً، وتشوشاً، وارتباكاً للكثيرين، أسئلة عدة أُطلقت في مئات التغريدات والمنشورات على مواقع التواصل الاجتماعي:
لماذا هذا التوقيت بالذات الذي أُعيد فيه تنشيط الصفحة مرة أخرى؟! أي قبل ذكرى ثورة 25 يناير 2011.
البعض رأى التوقيت بشبهات مختلفة، فاتّهم بعضهم وائل غنيم بأنه ما بين قوسين "أمنجي"، بسبب السياسة التحريرية الجديدة التي يدير بها الصفحة.
البعض الآخر رأى أنه أمر لن يكون له تأثير في مجريات الأحداث والمشهد، وأن الأمر شخصي يعود لوائل غنيم والذين معه من القائمين على الصفحة.
ونفرٌ آخرون رأوا أن صفحة "كلنا خالد سعيد" ليست ملكاً لوائل غنيم.
إعادة فتح الصفحة نكأت الجراح، جراح التائقين إلى الثورة، وروح الميدان، وليالي ما قبل 25، والارتباك الحاصل بسبب انتشار الدعوات للمظاهرات ضد الداخلية في عيدها.
إعادة فتح الصفحة نكأت الحنين في قلوب الكثيرين لإعادة الكرّة مرة أخرى، الهتاف ثانية، الاعتصام مرة أخرى، التضحية بلا حسابات لمرة أخيرة ربما.
إعادة فتح الصفحة نكأت ألم المهزومين من يناير، المكتئبين من ضبابية المشهد، المعتزلين للثورة والسياسة معاً منذ سنوات.
إعادة فتح الصفحة نكأت الأمل المختبئ على خجل في قلوب الكثيرين، بتغيير دراماتيكي أو غير متوقع في سير الأحداث في مصر.
إعادة فتح الصفحة فتحت أمام عيون المنفيين قسرياً مصر ثانية، مصر بكورنيش النيل، باعة الحلبسّة والذرة، الحنين إلى زحامها الذي لا يُطاق، وجوه الناس المكدّرة صباحاً في المترو، نداءات الباعة الجائلين، جلسات العائلة بعد صلاة العشاء في الأرياف، وقهاوي وسط البلد.
صفحة "كلنا خالد سعيد" هي الذكرى الباقية من الثورة المهزومة لجيل يناير، منشور سقوط الشهيد الأول، منشور الشعب يريد إسقاط النظام.
الكاتب محمد حسنين هيكل ضمّن في كتابه "مدافع آية الله" شيئاً ما عن الثورة، قال فيه إن الثورة تواجه سلاسل متعاقبة من المراحل، منها مرحلة الاندفاع، وبها الحماسة، شلالات هادرة، والأحلام سحب طائرة.
ومن ثم مرحلة الحقيقة، أو الارتطام بالحقيقة وإدراك مصاعب التغيير ومستحيلاته أحياناً.
نحن غرقنا في الأولى تماماً، حلَّقنا بكل الأحلام الممكنة إلى ما بعد السحب والكون والمجرة.
ومن ثم ارتطمنا ارتطاماً لم نستطع النهوض منه بعد عشر سنوات من الثورة، علقنا في مرحلة الارتطام بالحقيقة.
يسارنا على استحياء في مقرات الأحزاب لا في المصانع إلا قليلاً، ويميننا في خضم معارك داخلية لا يعرف كيف يعيد شبابه إلى حضنه مرة أخرى، ولا كيف من الممكن أن يتخلص من ورطة قِصر نظره السياسية.
اجتماع سياسي ما بين اليمين واليسار والباقين من هزيمة يناير من الشباب المعتقل والمغترب والحالم بإعادة الكرة مرة أخرى، لكن بلا خطة تعيد الهتاف إلى ميدانه، ولا الثورة إلى زخمها.
صحفة "كلنا خالد سعيد" إرث من يناير الغافي على مضض في قلوبنا، فليستمرّ الجدل الدائر في المدن والمنافي والقاهرة، حول الإرث المهضوم حتى نتربى من جديد على أخلاق كيف نختلف، كيف نحافظ على الإرث، كيف نصنع ثورة لا مجرد هزيمة؟.
مقالات الرأي المنشورة في “عربي بوست” لا تعبر عن وجهة نظر فريق تحرير الموقع.